القاهرة 04 فبراير 2020 الساعة 10:00 ص
قصة: سلمى عمرو
اسمي لا يهم، فلستُ سوى شابٍ في العشرينات، لم يحقق شيئاً من طموحاته، لا يفعل حتى شيئاً يُحبه، حياته رتيبة كئيبة، مستقبله مظلم، وماضيه مُحطِّم، يقضي عمره في التمني والتمني، ولا شيء سوى الخيبة، إلى أن حدثت المعجزة.
في أحد الأيام وبينما كنت أتصفح الإنترنت بلا هدف، وجدت إعلاناً عن خاتم سحري، يتيح لمن يرتديه التعرف على ماضيه وحاضره ومستقبله، استغربت الأمر في البداية، ولكن معرفة مستقبلي بدا مغريا، واتخذت القرار واشتريته، كانت الإرشادات بسيطة، فقط أرتدي الخاتم في منتصف الليل، واليوم التالي سيعمل، وفعلت، ولم يحدث شيء بتاتاً، وبخيبة أمل كبيرة استعددت للذهاب للعمل، وبينما أنا بانتظار الحافلة، وجدت شخصاً يقف في الجهة الأخرى من الطريق، ذاك الشخص كان يشبهني، ملامحنا كانت متطابقة لحد لا يصدق، وقفت في ذهول لبعض الوقت ، وعندما قررت السير إليه للتعرف، وصلت الحافلة وأضعته وسط زحام الناس.
وبعد يوم طويل في العمل، وبينما أنا عائد إلى شقتي بعدما حل الظلام، وجدت رجلاً مسنًا، يقف في الطريق ويحدق بي، خلته مجنوناً أو غريب الأطوار، وعندما مررت بجانبه، ناداني فتوقفت لأرى ماذا يريد، فحدثني قائلاً: أتعلم يا بني؟ لقد كنت أشبهك تماماً في شبابي، ولقد أضعتني وسط زحام الناس، لذا عليك الاستماع إلي، تعلم مني، خذ خبراتي، فإن فعلت، حققت النجاح في حياتك، ولكني أعلم أنك في الأغلب لن تستمع ولن تتعلم.
لم أنبس ببنية شفة، وتركته مع اعتقاد راسخ بأنه مجنون وغريب الأطوار معاً، وأخيراً، وصلت شقتي، وعندما ولجت، وجدت شخصاً يجلس على كرسي في الركن القصي هناك، لم تكن ملامحه واضحة بفعل الظلام، ولكن لم يبد أنه لص أو ما شابه ، فسألته عن هويته ، فقال: أنا المستقبل.
ثم أردف عندما شاهد حيرتي المستنكرة: الخاتم يعمل، ولقد تعرفت على حاضرك وماضيك، فالشاب في الصباح كان حاضرك، إنه أنت تماماً، ولكنك دائماً تضيعه وسط زحام الناس، والرجل العجوز في الطريق هو ماضيك، حكيم ويعلم الكثير وكان في يوم من الأيام أنت، أي حاضرك، وأنت دائما تسخر منه، ثم أنا، مستقبلك ، تراني غامضاً مظلماً، ولكني في الواقع كالورقة البيضاء، ترسمني بأفعالك وقراراتك وبالطبع إصرارك، فاختر ماذا تريدني أن أكون.
أنهى كلامه واختفى، ولكن تأثير كلامه لم يفعل، وقد شكل فارقاً كبيراً في حياتي حالياً، فاستبدلت التمني بالعمل، فاستحال مستقبلي وردياً، أنتهز فرصي الحاضرة وأعمل عليها، فلم أعد أضيع حاضري مجدداً، وأستمع لكل كلمة يقولها ماضي.