القاهرة 24 ديسمبر 2019 الساعة 11:52 ص
ترجمة وإعداد: محمد زين العابدين
في هذه الجولة العلمية نسلط الضوء على طائفة جديدة من الأبحاث والاكتشافات العلمية المثيرة.. حيث سنتعرف على بصمة جديدة اكتشفها الباحثون؛ هي بصمة المخ، ونندهش لمستوى ذكاء الحشرات الذي مكن باحثين بإحدى الجامعات الإنجليزية من تدريب النحل على لعب الكرة!.. ونستكشف كيف تكونت الحلقات المميزة لكوكب زحل، وفي الختام نتعرف على أحدث تلسكوب فائق القدرة يتم إطلاقه قريباً بإذن الله.. ما زال في العلم جديدٌ كل يوم، وفوق كل ذي علمٍ عليم...
*تقنية جديدة للتصوير تثبت أننا جميعاً لنا بصمة مخ متفردة
يبدو بالفعل أن أدمغتنا مبنية جميعها بشكل متباين الاختلاف، فالعلاقات التركيبية لبنية أدمغتنا تبدو متفردة جداً بالنسبة لكل شخص على حدة؛ بحيث إنها يمكن أن تستخدم لتحديد هوية الأشخاص مثل بصمات الأصابع، فقد اكتشف فريق بحثي من جامعة "كارنيجي ميلون" الأمريكية هذه الظاهرة. قام الباحثون بإجراء أشعة "السكان" أو "المسح الضوئي" على أدمغة ما يقرب من 700 متطوع، مستخدمين تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي غير النفاذ؛ والتي مكنتهم من التقاط صور لوصلات الدماغ، نقطة تلو الأخرى؛ والتي تربط معاً كل المادة البيضاء بشكل أكثر تفصيلاً . وقد اكتشفوا أنه حتى التوائم المتماثلة يشتركون فقط في حوالي 12 % من أنماط بنية الوصلات العصبية في المخ، وأن الوصلات الموضعية المتفردة بالمخ تتم صياغتها بشكل متجدد ومستمر على مدار الزمن، وهى تتغير بمعدل 13 % كل مائة يوم "إن هذا يؤكد بشكل ما افترضناه دوماً في علم المخ والأعصاب؛ بأن أنماط الوصلات والاتصالات في أمخاخنا البشرية تختلف من شخص إلى آخر بشكل متفرد"، يقول الباحث "تيموثي فيرستنين"، ويضيف "إن هذا يعني أن العديد من خبراتنا الحياتية تنعكس بطريقة أو بأخرى على أنماط الاتصالات في أدمغتنا" وبهذا فإننا يمكننا البدء في توجيه النظر إلى الكيفية التي نتشارك من خلالها الخبرات؛على سبيل المثال فإن الفقر، أو تشابه بعض البشر في الإصابة ببعض الأمراض تنعكس على الاتصالات العصبية في الدماغ، فتفتح الباب أمام مؤشرات جديدة محتملة لمخاوف صحية معينة.
*هل سرق زحل حلقاته من التطفل على الكواكب القزمة؟
بفضل الشكل المميز لحلقاته، يعتبر كوكب زحل أحد أعظم المشاهد المعروفة والمذهلة في النظام الشمسي، ولكن ما هو السبب تحديداً في اكتساب الهالة الغازية العملاقة المحيطة بالكوكب المميزة لشيء من الغموض دائماً؟ وحالياً وجد باحثون من جامعات يابانية وفرنسية أن قطع الجليد والصخور التي تشكلها ربما نتجت عن التصادمات مع الآلاف من الأجسام الشبيهة بكوكب بلوتو.. منذ حوالي أربعة مليارات سنة، أصبحت مدارات الكواكب العملاقة في النظام الشمسي (وهى المشترى، زحل، أورانوس، نبتون) غير ثابتة، ويعتقد أن حالة عدم الثبات هذه في مدارات الكواكب قد أحدثت تغييراً في قوى الشد الناتجة عن الجاذبية على آلاف الجسيمات الشبيهة بكوكب بلوتو في مدار بعيد حول الشمس، ودمجها بشكل أعمق بداخل النظام الشمسي عندما تصطدم بالكواكب العملاقة.. وهذا يمكن أن يفسر لماذا هناك فوهات بركانية كبيرة العدد على سطح القمر، وعن طريق محاكاة هذا الحدث باستخدام الحاسبات الفائقة في المرصد الفلكي الوطني باليابان؛ وجد الباحثون أن الشظايا المحطمة الناتجة عن هذا الاصطدام بالكواكب، ربما تم التقاطها بواسطة الكواكب العملاقة ودمجها بداخل المدار المحيط بها.. والمزيد من التصادمات بين تلك الشظايا يمكن أن يؤدي بعدئذ إلى تحطيمها بشكل أكبر؛ مما يؤدي إلى تشكيل الحلقات المميزة المحيطة بكوكب زحل،والتي نراها اليوم.
*النحل البارع في لعب الكرة يلقي أضواء جديدة على ذكاء الحشرات
نحن نراهن على أن هؤلاء الأفراد الذين يمتلكون أجنحة قوية:النحل الطنان، قد تعلموا لعب كرة القدم ضمن فريق في جامعة الملك ماري بلندن. قام الفريق الجامعي بتدريب النحل على إسقاط الكرة في مرمى حلقي الشكل بثلاث طرق مختلفة: فبعضهم شاهد نحلة تم تدريبها مسبقاً تسجل هدفاً، والبعض الآخر شاهد الكرة يتم تحريكها نحو الهدف بواسطة مغناطيس، وآخرون وجدوا الكرة ببساطة بداخل الهدف.. وقد تم مكافأة النحل على تصويبه الناجح في الهدف بتقديم وجبة سكر له، وقد لاحظ بعض أعضاء الفريق أن بعض أفراد النحل قد تعلموا لعب الكرة بشكل أسرع. وعلق الباحث بروفيسير "لارس شيتكا" بالقول: (دراستنا تضع المسمار الأخير في نعش الفكرة الزاعمة بأن الأمخاخ الصغيرة للحشرات تجبرها على أن يكون لها مرونة محدودة في سلوكياتها، وقدرات بسيطة على التعلم)، وأوضحت المزيد من الاختبارات أن النحل كان قادراً على تطبيق ما تدرب عليه أثناء لعب الكرة في مواقف متنوعة؛ مثل وضع كرات في مواضع مختلفة، وتلوين الكرات بألوان مختلفة. ويختم الباحث "د.أوللي جي لوكولا" بالقول: (قد يكون لدى النحل، إلى جانب العديد من الحيوانات الأخرى، القدرات المعرفية اللازمة للتعامل مع مثل هذه المهام المعقدة، ولكنها سوف تقوم بذلك فقط إذا تعرضت لضغوط بيئية تجعلها محتاجة لمثل هذه السلوكيات.
*تلسكوب عرض الصفوف الفائق القدرة
سوف يكون تلسكوب عرض الصفوف فائق القدرة في طريقه للتجهيز للعمل قريباً، فقد قام فريق بحثي دولي تحت إدارة جامعة كامبريدج البريطانية، بإكمال التصميم الهندسي له، والذي اشتمل على تصميم المعدات والبرامج والخوارزميات الحاسوبية الداخلة في تركيبه، والتي يحتاجها لمعالجة البيانات، وتحويلها إلى صور. وبمجرد اكتماله، سوف يكون قادراً على رصد الفضاء بطريقة لم يسبق لها مثيل، حيث سيتيح تصوير مساحات شاسعة من الفضاء،وعرضها بشكل صفوف متجاورة. كم هو مثير مثلاً أن تتواجد أحد أجهزة الحاسب العملاقة التابعة لهذا التلسكوب فائق القدرة في "كيب تاون" بجنوب أفريقيا، بينما يتواجد جهاز الحاسب الآخر في "بيرث" بأستراليا.
! * المصدر: مجلة (very interesting) الإنجليزية -أعداد أكتوبر وديسمبر 2017، ويوليو 2019.