القاهرة 10 ديسمبر 2019 الساعة 11:27 ص
بقلم: أشرف قاسم
منذ قيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة اهتمت القيادة السياسية ممثلة في المغفور له الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله بالثقافة بشكل ملحوظ ، إيمانًا منه بأن الثقافة هي الدرع الواقي للمجتمعات من خطر الأمية والتطرف، ولحماية موروثها الثقافي والشعبي وتراثها الإسلامي.
ومن هنا اتخذت القيادة السياسية عددًا من الخطوات الجادة في سبيل التنمية الثقافية ، ممثلة في معارض الكتب التي تقام سنويًا، والإصدارات المائزة من الكتب والدوريات المتخصصة التي أثرت المشهد الثقافي العربي بشكل عام، وإقامة الفعاليات الثقافية التي تدعمها الدولة، هذا بجانب الجوائز الكبرى التي ترصد لها الميزانيات، كجائزة الشيخ زايد السنوية، وكلها خطوات جادة في طريق التطور والنمو تتابعها عن كثب وتثمنها القيادة السياسية.
وفي الشارقة تتسع رقعة المشروع الثقافي وتتجاوز حدود الإقليمية في حالة من التكامل مع المجتمعات الثقافية المحيطة، واضعًا الإمارات واجهة مشرفة لثقافتنا العربية، مؤكدًا على أن الثقافة هي حجر الزاوية في بناء الأمم، وهي الدرع الواقي لأمتنا العربية من التخلف والتطرف الفكري الذي تعاني ويلاته شعوبنا العربية بشكل عام.
وتتمثل الحركة الثقافية في الشارقة في عدة محاور أهمها: معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي أمسى حدثًا مهما يجتذب العشرات من دور النشر، والآلاف من المبدعين، وتقام على هامشه الندوات والأمسيات الشعرية التي تناقش الإبداع، وتقدم الوجوه الجديدة من المواهب المبشرة إلى القارئ بشكل جيد، ليكون هذا المعرض كشافًا للمواهب الإبداعية - الجوائز الكبرى، كجائزة الشارقة لإبداع الشباب التي دخلت هذا العام دورتها الثانية والعشرين، في مجالات الشعر والقصة القصيرة والرواية والنقد والمسرح وأدب الطفل، وقد قدمت خلال دوراتها مئات الأسماء البارزة التي صارت تحمل مشاعل التنوير والوعي في مجتمعاتنا العربية، إذ تعمل هذه الجائزة على اكتشاف المواهب وإعطائهم الفرصة لتقديم أنفسهم بشكل جيد للقارئ، وترصد لهم الجوائز والمكافآت المجزية، إيمانًا من القائمين عليها بضرورة مساندة الشباب المبدع وتقديم يد العون له - بيت الشعر في الشارقة الذي تأسس العام 1997 والذي يهتم بالشعر بشكل عام: الفصيح والشعبي، ويعد منارة لنشر الإبداع والوعي والاحتفاء بالجمال.. وفي خطوة غير مسبوقة قام سمو حاكم الشارقة د . سلطان القاسمي - وهو المبدع الذي يدرك قيمة الكلمة - بإنشاء عدة فروع لبيت الشعر ببعض الدول العربية والأفريقية، فأنشأ بيت الشعر بنواكشوط بموريتانيا، وبيت الشعر بتونس والمغرب والأردن والسودان، والأقصر بجمهورية مصر العربية. وتعد تجربة بيت الشعر بالأقصر الذي يشرف عليه الشاعر الكبير حسين القباحي تجربة ناجحة بكل المقاييس، إذ يقوم بإقامة الأمسيات الشعرية لكبار الشعراء، ويقدم شباب الشعراء، ويقيم المؤتمرات التي تناقش إبداع هؤلاء الشباب. وقد قام مؤخرًا بإقامة الدورة الثالثة من مهرجان الأقصر للشعر العربي، بحضور نخبة من شعراء ومثقفي مصر، إلى جانب بعض قيادات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وقدم المهرجان أكثر من خمسين شاعرًا مبدعًا من شباب الشعراء، في خمس أمسيات شعرية، وجلسة نقدية واحدة، إلى جانب حفل موسيقي، ومعرض للحرف البيئية. وكان ضيف شرف المهرجان الناقد الكبير د . محمد عبد المطلب رئيس لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، وواكب المهرجان صدور ثلاثة دواوين شعرية وكتاب نقدي، يتناول إبداعات شباب الشعراء - المطبوعات الثقافية التي تصدرها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ويعد قسم الدراسات والنشر بالدائرة هو المسئول عن إصدارات الدائرة، التي تثري المشهد الثقافي، حيث تصدر عنه عدة مجلات منها "الرافد، الشارقة الثقافية، المسرح" وغيرها، بالإضافة إلى عدة سلاسل مهمة منها "سلسلة كتاب الرافد، سلسلة إصدارات جائزة الشارقة، سلسلة إبداعات عربية" وغيرها - المسرح، وقد اهتمت الشارقة بالمسرح الذي هو أبو الفنون، فمنذ العام 2015 يقام مهرجان المسرح الخليجي سنويًا وترصد له الجوائز الكبرى في كل فروع العمل المسرحي، والغرض منه الارتقاء بالحياة المسرحية، ومناقشة الأعمال المسرحية المائزة، وخلق حالة مسرحية تعيد الجمهور إلى مقاعد المسرح.
كما يقام سنويًا ملتقى الشارقة للمسرح العربي لمناقشة مستجدات الساحة المسرحية وكذا ملتقى الشارقة للبحث المسرحي، ومهرجان المسرح الكشفي، ومهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، وكل هذا يصب بكل تأكيد في نهر الحياة الثقافية ويرتقي بالحالة المسرحية على الصعيد العربي.