القاهرة 19 نوفمبر 2019 الساعة 09:29 ص
كتب: أحمد مصطفى الغـر
أمراض جديدة لم نكن نسمع عنها من قبل، فالقرن الحادي والعشرون بقدر ما يحمل من تقنيات واختراعات جديدة لتسهيل حياة الإنسان، إلا أن هذه الاختراعات كانت لها آثار جانبية عديدة، بعضها كان له تأثير سيء على صحة الإنسان، ومنها ما فرضته التكنولوجيا الحديثة، حتى أصبحت معترفا بها رسميًا في المنظمات الدولية والإقليمية ضمن قائمة الأمراض التي يجب توخي الحذر منها.
من أبرز هذه الأمراض؛ ما يعرف بـ "رقبة النصوص"، وهى إمالة الرأس أثناء التصفح، مما يتسبب في الضغط على الرقبة بمعدل 60 رطلاً، ووفقًا لجراحي العمود الفقري، فإن الاستخدام المطول للشاشات والحواسيب يؤدي إلى التهاب العضلات، وهذه حالة مرضية أصبحت تُعرف باسم "رقبة النصوص"، وقد وجد باحثون من أستراليا أن هذا السلوك يتسبب في قيام البعض منا بتطوير كتل إضافية من العظام عند قاعدة جماجمنا، ويوصي الباحثون بأن يكون استخدامنا للهواتف الذكية وهى على مستوى العين، وليس بالأسفل، ومع وجود الآف الألعاب الإلكترونية التي تجتاح الأجهزة المحمولة.
وقد قامت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا بتصنيف اضطراب الألعاب على أنه مشكلة صحية عقلية، حيث يعطى المصابون الأولوية لألعاب الفيديو على أنشطتهم اليومية الأخرى، وتشمل الأعراض قلة النوم وإهمال حياتهم الاجتماعية، ويتأثر بهذه الحالة ما نسبته تصل إلى 10% من اللاعبين.
أما الـ "نوموفوبيا" فهو القلق الناجم عن عدم القدرة على استخدام الهاتف المحمول، وقد وجد استطلاع أجرته مؤسسة يوجوف أن 53% من مستخدمي الهواتف الذكية أصبحوا قلقين بدونها، وفي الظروف القاسية يمكن أن تسبب لهم نوبات من الهلع.
أما إدمان السيلفي، فهي حالة حددها الباحثون في جامعة نوتنجهام ترينت، حيث وجدوا أن الذين لديهم حاجة إلزامية لنشر الصور كانوا غالبًا ما ينقصهم الثقة بالنفس، ويُعتبر الأشخاص المدمنون على السيلفي أشخاصًا لديهم رغبة لا يمكن السيطرة عليها لالتقاط صور لأنفسهم ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من 6 مرات في اليوم، أما "متلازمة الكمبيوتر البصرية" فهى الحالة التي يعاني منها من يستخدمون شاشات الحواسيب لساعات متتالية، وتشمل الأعراض إجهاد العين وجفاف العينين، وكذلك عدم وضوح الرؤية، وتشير الأبحاث الأمريكية إلى أن 90% من مستخدمي الكمبيوتر، الذين يواجهون الشاشات لمدة 3 ساعات يوميًا أو أكثر، عانوا واحدًا أو أكثر من هذه الأعراض.
من بين الحالات المرضية الأخرى التي تتسبب فيها التكنولوجيا أيضا، ما يعرف بـ "إبهام الهاتف الذكي"، وقد وجد استطلاع للرأي أن 43% من مستخدمي الهواتف الذكية عانوا آلامًا في إصبع الإبهام بسبب الإفراط في استخدام أجهزتهم، فمع كل هذا النشاط الحركي المتكرر الذي نستخدمه عند النقر أو الكتابة على هواتفنا، يمكن أن يسبب خدرًا وكذلك الألم والتشنج في الأصابع والمعصم والساعد، وربما يؤدي ذلك إلى متلازمة "النفق الرسغي" حيث يتم ضغط الأعصاب، أو إلى التهاب يعرف باسم التهاب الأوتار، ولنفس الأسباب تحذر الأكاديمية الأمريكية لجراحي العظام أيضًا من الكوع المحمول، وذلك بسبب ثني الذراع لفترة طويلة أثناء استخدام الهواتف، والذي يمكن أن يؤدي ذلك إلى ما يُعرف بمتلازمة النفق المكعب.
الخطر الأكبر المتعلق بإدمان الهواتف الذكية عند الأطفال أنه قد يتسبب في بطء التطور الاجتماعي والعاطفي لدى الطفل، وتراجع مهارته الاجتماعية، وقد يسبب تأخر النطق لدى الطفل، والتعرض لمرض السمنة، وبخاصةً عند الأطفال والمراهقين، بسبب قضائهم وقتاً طويلاً أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية دون حركة أو أي مجهود بدني بجانب تناول معظم وجباتهم أمام الهاتف الذكي، كما أن ذلك يؤثر سلبيًا على قوة الذاكرة والقدرة على التركيز، هذا بخلاف العزلة الاجتماعية والتأثير السلبي على العلاقات داخل الأسرة وتشكل فجوة بين الطفل ووالديه، وزيادة العدوانية والعنف عند الأطفال بسبب التأثر بالألعاب الإلكترونية القتالية أو بأي برامج أو فيديوهات يتابعونها بشكل مستمر على أجهزتهم الذكية، وفي بعض الأحيان قد تتسبب في الميول إلى الأفكار الانتحارية بسبب الدخول إلى بعض الصفحات الخطرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومؤخرًا تم إدراج حالة جلدية جديدة يطلق عليها اسم "التهاب البلايستيشن للغدد العرقية" في المجلة البريطانية للأمراض الجلدية، وتنطوي هذه الحالة على القروح النامية على أيدي أولئك الذين يلعبون بعض الألعاب لساعات عديدة، وينصح أطباء الجلدية بعدم اللعب بشكل مفرط، خصوصًا إذا كانت اليدان عرضة للتعرق بشكل كبير أثاء ممارسة هذه الألعاب، وحدد الباحثون حالة إصابة أخرى أطلقوا عليها اسم "كوع الويي" بسبب الانحناء أثناء لعب الألعاب الاليكترونية على لوحات التحكم؛ لذلك فإنهم ينصحون بأخذ فترات راحة منتظمة لتجنب الإجهاد.