القاهرة 12 نوفمبر 2019 الساعة 10:59 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
لم يكن ذلك الفتى "هيثم" فحسب؛ بل كان دوماً ابن أحمد زكى، أتصور طفولته التى استمتع بها كثيراً وهؤلاء الذين أرادوا صداقته؛ كان البعض منهم يطمع فى مجرد رؤية "أحمد زكى"؛ ليصبح ذلك قيداً يلاحقه فى كل اللحظات والعلاقات.
وذلك الحلم بالتمثيل تحول هو الآخر؛ عندما كان عليه أن ينفذ وصية والده وينقذ "حلمه" الذى كان من المفترض أن يصبح أولى خطواته نحو التمثيل فى فيلم "حليم"، فها هو لم يتمكن من أن يحزن كيفما يشاء أو يتعامل مع تلك الفرصة كيفما يريد، فقد جاءت وهو فى العشرين ليبقى دوماً يواجه سيلاً من النقد، لم يكن موجهاً له بقدر ما كان الجميع يبحثون فيه عن "أبيه".
حاول أن يختار، فكان قدره أنه كان منذ البداية مع الكبار؛ ليسير على خط مستقيم خوفاً؛ فها هى نيران الهجوم المعلبة هنا وانتساب النجاح على الجانب الآخر لكونه ابن العبقرى هناك؛ لذلك ظل يسعى للفكاك من الأسر عله يجد "هيثم".
كيف يهرب من تفاصيله ليصنع تفاصيله؟ كانت المعضلة أنه كلما اجتهد؛ بحثنا فيه عن أبيه وكلما لمحنا طيفاً منه اتهمناه أنه لم يستطع جمع شتاته، كان جل ذنبه تلك الملامح وتفاصيل بعض الانفعالات التى عاش معها وسكنته وكيف لا تسكنه، ما بين الفقد واليتم!! كيف يمكنه الفكاك من ملامحه التى تشبه والده وتلك الحركات اللا إرادية التى تعلق بها وأحبها لأنها كانت "لأبيه" ولم يرغب فى اختفائها، لكنه أراد دوما أن يجد "هيثم" وسط كل ذلك الزخم، كانت المعادلة من أصعب ما يكون أن يكون "نفسه"!!
كانت بداية هيثم مع فيلم "حليم" عام 2005 وبعد ذلك "البلياتشو" عام 2007؛ ليواجه سيلاً من الانتقادات لم يستطع أن يتعامل معها؛ فبالتأكيد من هاجمه أراد أن يرى عبقرية أحمد زكى فى الفيلمين، ولم يدركوا أنهم يشاهدون ابن أحمد زكى بتجربته الوليدة وقصور إدراكه والقيود التى تبدو بريقاً من بعيد.
لقد نجح فى الفكاك من أسر كل ذلك؛ بدءاً من عام 2011 مع فيلم "كف القمر" حاول أن يتلمس طريقه منذ ذلك الوقت، وأتصور أن كافة ورش التمثيل والتدريبات التى التحق بها، لم تكن إلا للبحث عن نفسه فحسب؛ وحاول الاختيار فكانت المحصلة ثلاث علامات "كف القمر" و "الكنز" فى الجزأين وفى الدراما التليفزيونية "دوران شبرا" والصفعة" و "السبع وصايا" و "كلبش" و "علامة استفهام" ، كلها أعمال اجتهد فيها؛ لكنّ صورة أحمد زكى ماثلة وأداءه ظل يطارده فى كافة اللحظات.
لقد استطاع أن يحلق وبدأ فى إيجاد مفرداته الخاصة ليتخذ القرار الجريء أن يصنع "كابوريا"، ذلك الفيلم الذى كان علامة فى تاريخ والده؛ لكن الأقدار لم تمنح هيثم أن يصنع المقارنة الكاملة أو يغلق بابها بصورة نهائية.
المفارقة أن أحمد زكى، سيبقى فى الذاكرة... السادات... البواب... المدمن... منتصر ابن الحاجر وغيرهم الكثير؛ بينما سيظل "هيثم" ذلك الابن اليتيم الذى وجد الراحة أخيراً فى مغادرة الحياة، وعلى الأغلب لن يتذكر الكثيرون اجتهاده وبحثه عن ذاته وتطوير أدائه التمثيلي ومحاولاته الدائمة للخروج من حصار أنه ابن أحمد زكى.