القاهرة 12 نوفمبر 2019 الساعة 10:57 ص
كتب: محمد زين العابدين
في كل صغيرة وكبيرة من تفاصيل حياتنا اليومية، تتدخل الكيمياء بشكل أو بآخر، فهى ترتبط بالتفاعلات التي تحدث في أجسامنا، وفي الكائنات الحية والطبيعة من حولنا، كما تدخل الكيمياء في العديد من الظواهر، وتفسر لنا أسس تصنيع المواد والأجهزة المختلفة التي نستخدمها دون أن نعرف الفكرة الأساسية في عملها.
وهذا الكتاب الشيق الصادر عن المركز القومي للترجمة، وعنوانه (علاقات الكيمياء: الأسس الكيميائية للظواهر اليومية) يطوف بنا بين العديد من الأمثلة المدهشة لتدخل الكيمياء في حياتنا، وفيما يلي نقدم لكم هذه المقتطفات من الكتاب:
*لماذا يشع موقد الغاز في المطبخ لوناً أصفر عند انسكاب الماء عليه؟ وما فكرة مصابيح بخار الصوديوم؟
يتكون اللون الأصفر لشعلة الغاز عند انسكاب الماء عليها بفعل اشتعال أيونات أو ذرات الصوديوم الموجودة في كلوريد الصوديوم (الملح) الذائب في الماء أو مواد الطهى ذات التركيزات العالية، عند حدوث فوران أثناء تسخين المأكولات، حيث ينتج عن انسكاب الماء أو المواد الغذائية فوق شعلة الموقد تكون اللهب الأصفر، وبقاء راسب أبيض على الشعلة هو عبارة عن ملح كلوريد الصوديوم الجاف، ولتوضيح التفسير الكيميائي لهذه الظاهرة بشكل أكبر، فإن عنصر الصوديوم من الفلزات القلوية القابلة للتأين الحراري عند تعرضها للهب شديد السخونة، ونلاحظ إشعاع هذا الضوء الأصفر في عدة حالات أخرى، بفعل انبعاث الطاقة من ذرات الصوديوم.
ومن الأمثلة الشائعة في الشوارع والميادين، مصابيح بخار الصوديوم التي تعتمد فكرة عملها على تفريغ الكهرباء في أنابيب محتوية على أقطاب فلزية ممتلئة بغاز (النيون) وبها قليل من الصوديوم،حيث يؤدي مرور التيار الكهربائي فيها إلى تأين غاز(النيون) أولاً، ثم يعمل غاز (النيون) الساخن على تبخر الصوديوم، معطياً ذرات مستثارة؛ تشع الضوء الأصفر عند عودتها للحالة المستقرة (الأرضية).
*لماذا تعطي كريمات التجميل شعوراً بالبرودة عند وضعها على البشرة؟
يحدث الشعور بالبرودة بعد وضع كريمات الترطيب على الجلد نتيجة لتبخر الكحول الداخل في تركيبها؛ حيث يدخل الكحول الإيثيلي في تركيب منتجات معالجة البشرة لتحقيق عدة فوائد؛ حيث يزيد من ذوبان مكونات كريم الترطيب على البشرة، فيسهل فرد الكريم على البشرة، كما أن الكحول يزيد من كفاءة العطر الداخل في تركيب الكريم؛ مما يزيد من الشعور بالبرودة على البشرة. أما لماذا ينتج عن تبخر الكحول شعوراً بالبرودة؛ فلأن التبخر عملية تتطلب حرارة (عملية ماصة للحرارة) وتعمل مساحة الجلد المغطاة بالكريم على زيادة كمية الحرارة المطلوب امتصاصها لتبخير الكحول؛ مما يؤدي إلى الشعور بالبرودة.
*ما هى المجففات، ولماذا توضع في عبوات المنتجات المختلفة؟
هل تساءلت مرة عن محتوى العبوات الصغيرة من المواد الرملية الموجودة في علب الأجهزة الإلكترونية الجديدة أو مع بعض المنتجات الجلدية أو بعض الأدوية؟ أم أنك فقط اتبعت التعليمات التي تشير إلى التخلص منها حال تسرب محتواها؟ الحقيقة أن لهذه المجففات في تلك العبوات خاصية طبيعية تجعلها عوامل مجففة، فنظرة على التركيب الكيميائي لها تمكننا من فهم مقدرتها على السيطرة على الرطوبة.
إن التوصيلات المستخدمة في الأجهزة الحديثة قد تفسد في حالة تسرب الرطوبة إليها، حيث إن الرطوبة قد تبتر مسار التيار؛مما قد ينتج عنه غلق للدوائر الإلكترونية، أو قطع للتيار؛ بما يؤدي بالتالي إلى تلف لهذه الأجهزة عند تشغيلها، ولذا يضع المنتجون لهذه الأجهزة عبوات صغيرة من المجففات بداخل العلب الموضوع بها الأجهزة، بهدف التحكم في درجة الرطوبة أثناء تخزين هذه الأجهزة وشحنها إلى أماكن التوزيع. والمجفف هو عبارة عن مادة مسامية صلبة ماصة للماء تجتذب الرطوبة من الجو المحيط بعبوات المنتجات، مبقية جزيئات الماء على سطحها أو في مسامها، وهناك مواد تخليقية، وأخرى طبيعية تعمل كمجففات؛ مثل الجبس والجير الحى، ونوع معين من الصلصال. هناك أيضاً بالإضافة للأجهزة الإلكترونية والمنتجات الجلدية العديد من المنتجات التي تستفيد من استخدام المجففات لحمايتها من الرطوبة، مثل الكتب، والمخطوطات، والتحف النادرة، والأفلام.
*هل يساعد تخزين البطاريات في الثلاجات على إطالة عمرها بالفعل؟
إن تحول الطاقة الكيميائية في البطارية إلى طاقة كهربية يعرف باسم (عملية التفريغ) وجميع البطاريات لها خصائص تؤدي إلى فقدانها البطيء للشحنة بمرور الوقت؛ وهو ما يعرف ب (التفريغ الذاتي للبطارية) بالإضافة إلى أن بعض مكونات البطارية يمكن أن تتلف بمرور الوقت؛ مثل ما يحدث من تآكل الزنك في بطاريات الزنك والكربون، أو تطاير لمكونات أخرى؛ مثل ما يحدث من فقدان للماء بالتبخير، وحيث أن أى تفاعل يتميز بما يسمى "سرعة التفاعل"؛ لذا فإن ثابت سرعة التفاعل تعتمد على درجة الحرارة، وكلما زادت درجة حرارة تخزين البطاريات قل عمر صلاحيتها، ولذا فإنه يمكن إبطاء التفاعلات المؤدية إلى فقدان بعض البطاريات لشحنتها الذاتية وتلفها بصورة ملحوظة عند تخزين البطاريات على درجات حرارة منخفضة في فترات عدم استعمالها.