القاهرة 11 نوفمبر 2019 الساعة 10:50 م
كتبت: إنجي عبد المنعم
ينظم كل من الدكتورة سلمى مبارك (جامعة القاهرة) والدكتور وليد الخشاب (جامعة يورك) مؤتمراً علمياً دولياً بعنوان: "السينما والأدب في مصر. الاقتباس: محطات محورية في تاريخ مشترك"، ويعقد بقاعة المؤتمرات بكلية الآداب (مبنى القسم الإنجليزي) جامعة القاهرة أيام 16 إلى 18 نوفمبر الجاري.
ويعتبر هذا المؤتمر أكبر جهد لتناول السينما كموضوع للبحث الأكاديمي العلمي في كليات الآداب بمصر، اعتماداً على أحدث مناهج نظريات الفيلم والسرد والأدب المقارن، منذ توالي المشروعات البحثية وتسجيل رسائل الدكتوراة عن العلاقة بين الأدب والسينما في جامعة القاهرة، بدءاً من عام 1995.
وينظم المؤتمر في إطار نشاط جماعة آمون البحثية لدراسة الكلمة والصورة التي تديرها سلمى مبارك، ويستضيف المؤتمر القسم الفرنسي بكلية الآداب جامعة القاهرة.
كما يضم المؤتمر 25 ورقة بحثية يلقيها أساتذة وباحثون من مصر وتونس والمغرب وإنجلترا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا وكندا؛ عن قضايا الاقتباس وتفاعل النصوص بين الأدب والسينما بالعربية والفرنسية والإنجليزية.
ويلقي كل من البروفيسير جان كليدر والبروفسير ميشيل سيرسو الأكاديميين الفرنسيين محاضرتين أساسيتين خلال المؤتمر.
يشارك في المؤتمر العديد من الأكاديميين والباحثين المصريين مثل رندة صبري وهالة كمال ومي التلمساني وعبير عبد الحافظ والناقد السينمائي عصام زكريا والناقدة الأدبية دينا قابيل.
كما يعقد المؤتمر ندوة مع السيناريست مريم نعوم حول تجربتها في تحويل الأدب إلى دراما تلفزيونية، لا سيما أن بعض أوراق المؤتمر تتناول بالتحليل مسلسلي "بنت اسمها ذات" و"سجن النساء".
كتبت مريم نعوم المسلسلين اقتباساً لعملين أدبيين: رواية "ذات" لصنع الله إبراهيم، ومسرحية "سجن النساء" لفتحية العسال.
وصرح الدكتور وليد الخشاب أن هذا المؤتمر يكتسب أهمية شخصيه لمنظميه، بالإضافة لأهميته العلمية؛ فبالنسبة للخشاب، هو المؤتمر الأول الذي ينظمه في مصر، في جامعة القاهرة، حيث تخرج وعمل معيداً ثم مدرساً مساعداً، وهو مؤتمر يركز على الثقافة السينمائية المصرية التي تربى على أفلامها منذ طفولته وخصص معظم حياته البحثية لدراستها.
أما بالنسبة للدكتورة سلمى مبارك، فهي المرة الأولى التي تنظم مؤتمراً دوليا بهذا الحجم، في إطار أنشطة شبكة آمون البحثية، التي أسستها منذ ثلاث سنوات، وحرصت على أن تنوع نشاطاتها من ندوات وورش عمل في فضاءات ثقافية عامة وأخرى أكاديمية متخصصة.
ويركز المؤتمر على موضوع كلاسيكي، وهو الاقتباس، لا ليعيد فتح باب المناقشة حول القضية القديمة المتعلقة بأمانة الفيلم حيال الأصل الأدبي، ولكن لتأسيس دراسة لإشكاليات تعود إلى جذور السينما كفن.
يقول البروفيسير جان كليدر، الأستاذ بجامعة رين الفرنسية والمحاضر الافتتاحي في المؤتمر: "ما يزال الاقتباس السينمائي للنصوص الأدبية موضع نقاش حاد – حتى وإن ذكرنا فقط أهميته فى حواراتنا وقت الخروج من دار السينما: قد يبدو استدعاء هذه اللحظة أمرا غير ذى بال، لكن ما أراه هو العكس، إذ يشير إلى الأهمية الأنثروبولوجية لظاهرة الاقتباس التى تظل الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها "رؤية" كيف قام شخص ما ب"قراءة" كتاب ما، تثير هذه التجربة للحوار مع الآخر نقاشات مستمرة."
أما البروفيسير ميشيل سيرسو، أستاذ السينما المتفرغ بجامعتي باريس 3 و4 ، والذي يلقي المحاضرة الختامية للمؤتمر، فيقول إن دراسته تهدف للمساهمة في دراسة عمليات نقل الأدب الغربي إلى السينما المصرية: "تتناول الدراسة ظاهرة الأفلام التى تم تمصيرها، وتقوم أولاً بإجراء فحص تاريخي لهذه الظاهرة. ثم تبين الأعمال التي تندرج فى إطار سينما المؤلف والأفلام الأخرى التي تتوجه للجمهور العام وذلك عبر طرح مجموعة من الأسئلة تتعلق بتوقعات الجمهور المتلقى وبتشكل أفق انتظاره."
ميشيل سيرسو مؤلف العديد من المقالات والكتب حول السينما، وله اهتمام خاص بالسينما المصرية والعربية، وقد اشترك مع أحمد بجاوى فى اصدار كتاب " الأدب والسينما العربية" باللغتين العربية والفرنسية عن دار نشر "شهاب" بالجزائر فى 2016.
إن دراسة الاقتباس تسمح بتأمل جذور مشروع الحداثة العربي المبني على فكرة الاقتباس من الغرب، فقد استورد العالم العربي الحداثة وفقاً لآليات متعددة، من أهمها الترجمة والاقتباس، فالاقتباس -بالمعنى العام للمصطلح، أو بمعنى شديد التقنية كما تستخدمه نظريات الأدب والسينما- سرعان ما صار النمط الرئيسي لنقل -أي لترجمة- منتجات ومؤسسات وقيم الحداثة، سواء كانت حداثة تقنية أو ثقافية.
وأوضح تمثيل لاستيراد العرب للحداثة يظهر في اقتباس الدراما الواقعية -لاسيما الفرنسية- على الشاشة المصرية، منذ نشأة السينما الناطقة. ففي الثلاثينات والأربعينات كانت الأفلام المصرية تغص بالورش والمصانع التي تتمتع بقيمة رمزية جعلت منها شعاراً بليغاً للحداثة "الأكثر تقدماً"، المستوردة من أوروبا، كما يظهر هذا جلياً في أفلام مثل "العامل" (إخراج أحمد كامل مرسي، 1943) و"بنت ذوات" (إخراج يوسف وهبي، 1942) و"الورشة" (إخراج ستيفان روستي، 1940) ومن بطولة وإنتاج عزيزة أمير.