القاهرة 30 اكتوبر 2019 الساعة 10:09 م
إسماعيل عبد الله :
الهيئة العربية للمسرح تعمل على توثيق المسرح العربي.
المسرح يمكننا من مواجهة الأفكار الظلامية المتطرفة.
نسيت مشروعي الإبداعي لصالح هدف عظيم
المسرحيون الإماراتيون يتلقون دعما كبيرا من صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي
نعول كثيرا على المسرح المدرسي الذي يمكن أن يقدم مواهب عظيمة
حاورته ـ د. هويدا صالح
هو إعلامي وممثل ومخرج، له أكثر من 30 نصا مسرحيا من تأليفه، وكتب للتلفزيون 3 مسلسلات، بالإضافة إلى 3 مسلسلات إذاعية، وقدم للسينما فيلمين، هما "المنسية" عام 2008، و"الميزان" عام 2009، وحصل على أكثر من 30 جائزة عن مختلف أعماله، بالإضافة إلى عشرات التكريمات من مختلف البلدان العربية. كما أنه يشغل منصب الأمين العام للهيئة العربية للمسرح. إنه الكاتب المسرحي الإماراتي إسماعيل عبد الله، تحدث لـ"مصر " عن قدرة إستراتيجية الهيئة العربية للمسرح، وقدرة المسرح على مواجهة المد الظلامي الذي استشرى في الكثير من البلدان العربية، وعن تجربته المسرحية، في سياق الحوار التالي
ما هي الإستراتيجية التي تبنتها الهيئة العربية للمسرح للنهوض بالمسرح العربي؟
أطلقت الهيئة العربية للمسرح مشروعها المهم تحت عنوان:"الإستراتيجية العربية للتنمية المسرحية"، عقدت فيها ملتقيات، شارك فيها عدد كبير من المسرحيين العرب، وضعوا خلالها تصوراتهم للواقع المسرحي، ووضع الحلول الإستراتيجية، وقد تناولت تلك الملتقيات، محتوى يهتم، بكثير من القضايا والإشكاليات التي يمر بها المسرح في الوطن العربي مثل: الإخفاقات والتعثر، النقد المسرحي، صورة المرأة في المسرح العربي، الشباب في المسرح العربي، وخلصت في النهاية إلى مشروع الإستراتيجية، الذي طرحته الهيئة كخارطة طريق نحو النهوض بالمسرح.
تسعى الهيئة عبر ندواتها الفكرية أن تحقق
دورا أعتقد أنه مهم حيث الدراسات والإصدارات والبحوث، تحقيقا لوعي جديد برسالة المسرح وفكر جديد متنامٍ متطور لمصلحة جهود المسرحيين العرب.
.
ما الرسالة التي أرادت الهيئة العربية للمسرح تحقيقها بوضع إستراتيجية تنمية المسرح العربي على جدول وخريطة وزراء الثقافة العرب؟
أهم ما حققته الهيئة نحو تحقيق تلك الإستراتيجية أنها وضعته جدول أعمال وزراء الثقافة العرب، سعيا إلى اعتماد خطة الإستراتيجية رسمياً، في فتح الباب مشرعا، نحو تحقيق أهداف ورسالة الهيئة، وأن هذا البعد الرسمي سيذلل بالتأكيد الكثير من المصاعب والعقبات في عملية التحرك على أرض الواقع بقوة وثبات في مساحات التجارب المسرحية العربية، فبعد أن التقى النخبة من المسرحيين والمثقفين والمفكرين، تحاوروا، ثم صنعوا لنا تصوراتهم وأحلامهم، التي تمخضت عن مكنونات هذه الإستراتيجية، سيخطو معها المسرح العربي، خطوة مهمة إلى الأمام، مدعوماً بهذا الحماس الجميل نحو المستقبل.
ستظل الإستراتيجية خارطة طريق، نرسم جميعا من خلالها المسرح العربي الذي ننشده لصالح الثقافة الجماهيرية الحقيقية لدى الأمة.
تنافس الهيئة العربية العربية للمسرح مؤسسات وكيانات مسرحية في الدول العربية، فهل وجدتم التعاون المتوقع مع هذه المؤسسات؟
نحن في الهيئة لا نطرح أنفسنا كبدائل لأحد أو ننافس أحدا، نحن نسعى للتكامل والتعاون من أجل خدمة الحركة المسرحية العربية تأصيلا لهوية ثقافية عربية واحدة. نحن جئنا لنكمّل الأدوار، وهذه الهيئة هي صاحبة مشروع سيدوم لأنها مرتبطة بشخص مثقف عاشق للمسرح يحظى بكل الاحترام والتقدير على المستويين العربي والدولي، هو شخص بلا أجندة، أغواه المسرح فدخله من أوسع أبوابه كاتباً مسرحياً من الطراز الأول، وراعياً للفن المسرحي في الإمارات والعالم العربي، إنه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
ما تقييمك لتجربة المسرح في الإمارات في ظل الحراك الفني الذي تحدثه الهيئة العربية للمسرح؟
المسرح في الإمارات حقق خطوات لافتة في الحراك الفني الذي تقدمه الهيئة العربية للمسرح والفعاليات والمهرجانات التي تقدمها والتي تدعم مشاريع مسرحية جادة من ناحية، وتتبنى الشباب الذين يمتلكون الموهبة، وخاصة في المسرح الجامعي والمسرح في المدارس الثانوية.
ما تحقق في الإمارات بالنسبة للمسرح هو بحد ذاته إنجاز عظيم، ونحن كمسرحيين لا يمكن أن يتوقف طموحنا عند هذا الحد من النجاح والإنجاز. مسرحنا يُقدم على كثير من المسارح على مستوى المنطقة، وعربياً، مسرحنا لديه عديد الفرص للنهوض والتطور، وأهم هذه الفرص، دعم القيادة السياسية في الإمارات، بل وتحفيزها لكل المشتغلين في هذا القطاع على مزيد من البحث والإبداع، علاوة على الدعم اللامحدود الذي يقدمه صاحب السمو حاكم الشارقة لمسيرة المسرح والمشتغلين فيه والمؤسسات الثقافية، والفرق، على كافة المستويات.
كيف ترى المسرح المدرسي ؟ وكيف يمكن أن يدعم المواهب في الوطن العربي؟
إن التدريب والتأهيل ضمن إستراتيجية تنمية وتطوير المسرح المدرسي مستمر، تبعاً لحاجة كل منطقة وخصوصياتها، فبعض وزارات التربية وضعت منهاج المسرح في حقيبة طلابها لكافة الصفوف، وبعضها سائر بهذا الاتجاه، وبعضها يضع برامج لمنح المعلمين والمعلمات دبلوم التربية المسرحية، وبعضها عزز مهرجاناته المحلية، وبعضها سيطلق مهرجانات جديدة، والبعض ما زال يطلب تأهيل القوى البشرية، وكل ذلك يتم بتعاون وشراكة مع الهيئة العربية للمسرح، التي انطلقت عام 2014 بتوجيه من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للعمل على تنمية المسرح المدرسي كأساس متين لتنمية المسرح بشكل عام.
ما أهم الفعاليات التي تقيمها الهيئة العربية للمسرح في البلدان العربية المختلفة؟
تقيم الهيئة العربية للمسرح سلسلة من الندوات على هامش مهرجان المسرح العربي، وهي ندوات فكرية تناقش واقع التجارب المسرحية العربية، وتقدم فيها أوراق بحثية ما بين التنظير والتطبيق، وتسعى الهيئة أن تطبع أوراق هذه الندوات المهمة في كتب لتوثيق ذاكرتها، ولتصبح متاحة للباحثين و الأجيال القادمة، ومن هذه الندوات: ندوات أقيمت في الأردن ضمن فعاليات مهرجان المسرح الأردني، وندوة ضمن فعاليات مهرجان قرطاج المسرحي، وكذلك ضمن مهرجان البقعة في السودان، وضمن ندوات المهرجان الوطني في المسرح المغربي، وأخيرا ضمن ندوات المسرح التجريبي في مصر .
نحن نواصل تجربتنا ومشروعنا المسرحي بالتعاون مع المثقفين والمسرحيين العرب..
تسعى الهيئة العربية للمسرح إلى توثيق الذاكرة المسرحية العربية، فما هي الخطوات التي قطعتها في هذا الشأن؟
قامت الهيئة العربية للمسرح بتوثيق مهرجان" الأردن المسرحي" ثم "مهرجان دمشق" ومهرجان "أيام قرطاج المسرحي".وتعمل الهيئة على توثيق مهرجان "الهواة الجزائري" عبر 52 دورة سابقة. كما تنوي توثيق تجربة المسرح المغربي منذ انطلاقه وحتى الآن. كذلك توثيق أعمال (مهرجان دمشق المسرحي)، بدءاً من الستينيات وحتى الآن، فهذا المهرجان العريق، يختزن مادة مسرحية غنية، تستحق أن تجمع على مستوى العروض، والندوات الفكرية والنقدية، الكتّاب، المخرجين، النّقاد، المؤسسات والفرق المسرحية.
كذلك عقدت الهيئة برتوكول تعاون بينها وبين إدارة مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر، تحاول فيه توثيق وحفظ ذاكرة أهم وأقدم مهرجان مسرحي عربي، وينص البرتوكول على إنشاء مشروع خزانة الذاكرة الذي تتبناه الهيئة، وتهدف من خلاله توثيق المهرجانات الهامة وتاريخ النشاط المسرحي بالوطن العربي. نحن نساهم مع الفنانين العرب في توثيق الذاكرة المسرحية، في جمع كل ما كتب عن تجارب مسرحية وكل ما له علاقة بالجانب المرئي، من حيث تصويره، أو أرشفته، بطرق علمية وتقنيات فنية حديثة، تحفظ هذا المخزون الثقافي، سواء على مستوى المسرحيات، أو الندوات الفكرية، أو الحركة النقدية.وذلك في إطار (المركز العربي للتوثيق المسرحي) الذي تحتضنه الشارقة بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، المثقف الكبير، والمسكون بعشق ثقافة المسرح.
في الدورة السابقة لمهرجان المسرح العربي الذي أقيم في القاهرة ..أولا لماذا اختيرت القاهرة؟ وما الذي حققه المهرجان من إنجازات؟
اختيرت القاهرة في بداية العشرية الثانية من عمر المهرجان لأن الدورة الأولى من العشرية الأولى انطلق المهرجان من القاهرة، فكان لا بد أن ينطلق المهرجان من القاهرة وهو يبدأ عشر سنوات جديدة من عمره الفني.
وقد قدمت فيه العروض المسرحية في ثلاثة مسارات، المسار الأول هو مسار عروض المهرجان وشارك فيه تسع مسرحيات عربية، والمسار الثاني هو مسار جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي وشارك فيه ثماني مسرحيات عربية. أما المسار الثالث هو العروض المصرية، والتي بلغ عددها تسعة عروض مسرحية، تقدم في القاهرة والمحافظات المصرية المجاورة للقاهرة.وقد شملت هذه الدورة المميزة ست ورش عمل قدمها خبراء مسرحيون عرب وأجانب موجهة إلى الطلاب والمسرحيين العرب المشاركين بالمهرجان إضافة إلى إصدار عدد كبير من المطبوعات عن المسرح خاصة المسرح المصري. كما كرّم المهرجان 25 شخصية مسرحية مصرية من القامات المعروفة التي كان لها الأثر الإيجابي الكبير في الحراك المسرحي أو المشهد المسرحي المصري والعربي، من بينها أشرف عبد الغفور ورشوان توفيق وجلال الشرقاوي وسميحة أيوب وسمير العصفوري وسناء شافع وسهير المرشدي وعبد الرحمن أبو زهرة وهدى وصفي ويحيى الفخراني
كيف يرى إسماعيل عبد الله الذي بدأ شغفه بالمسرح منذ المرحلة الابتدائية مشروعه الإبداعي المسرحي؟ هل العمل الإداري في الهيئة يوقف هذا المشروع؟
المبدع لديه حنين وشغف دائم ليكمل مشواره الإبداعي، لكن مع تكليف صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي لي بهذه المهمة الق أجد نفسي أرتب أولوياتي، فالعمل على تحقيق إستراتيجية مسرحية ذات مظلة عربية أشمل وأعمّ، تستمد قوتها، من دعم مباشر، من صاحب السمو ساعتها يتوارى إسماعيل عبد الله الكاتب، وتتوقف طقوس الكتابة اليومية. إنني أواجه تحديات أكبر وأكثر نبلا من مشروعي الشخصي، هي تحديات فكرية وإبداعية تجابه الإنسان العربي عموماً، والخشبة بدورها التاريخي، قادرة على أن تكون في مقدمة القوى المنافحة ضد التيارات الظلامية.
لقد اكتوينا جميعا بنيران الفكر الظلامي المتخلف، منذ أواخر السبعينات، ومع ضمور المسرح، وخفوت صوته، تتوغل في المقابل أبواق دعاة التطرف والغلو والإرهاب.