القاهرة 29 اكتوبر 2019 الساعة 10:41 ص
كتب: عاطف محمد عبد المجيد
في كتابه " ما الفن التشكيلي " الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والذي يخاطب فيه الشباب، يحرص سمير غريب على تبسيط المعاني والأسلوب قدر الإمكان، مقدمًا معلومات أساسية عن الفن وتاريخه وأنواعه ومصطلحاته باختصار شديد ليكون الكتاب مدخلًا عامًّا ومختصرًا للقاريء الشاب إلى عالم الفن الجميل، رغم كون هذه مهم صعبة على أي كاتب، على حد وصف الكاتب.
أنواع الفن
غريب يستخدم هنا التاريخ الميلادي فقط، ذاكرًا أنه لم يكتب هنا عن الفن المصري الحديث لأنه يحتاج إلى كتاب خاص به.
ومتحدثًا عن أنواع الفن، يبدأ غريب كتابه، مؤكدًا أن مصطلح الفن يعني تحديدًا الفنون التشكيلية وليس غيرها، لأن غيرها يوصف باسمه كالسينما والمسرح والموسيقى، وحين يتم الحديث عن الفن فهذا يعني الفن التشكيلي، وبخاصة أن الفنون التشكيلية تعني في الأساس فنونًا تقوم على التشكيل، أي تكوين شكل أو أشكال لها لون أو ألوان، وهذا ما يبدو واضحًا في الفنون التشكيلية. وتضم الفنون التشكيلية، كما يذكر المؤلف، أنواعًا معروفة منذ ما قبل التاريخ المكتوب كالرسم والفخار والنحت والتصوير والعمارة والفسيفساء أو الموزاييك والحفر، وأنواعًا حديثة كالتصوير الفوتوغرافي.
فنون معروفة
هنا يقتصر حديث غريب عن الفنون المعروفة حتى القرن التاسع عشر ومنها الرسم والتصوير والفريسك والنحت والخزف والعمارة وغيرها. بعد ذلك يتساءل غريب قائلًا ما الفن أصلاً، ويجيب بأنه لا يوجد تعريف واحد للفن، ذاكرًا رؤيته للفن أنه ابتكار شيء جميل باستخدام المهارة والخيال، فالفن ذاتي يقوم به الإنسان ليعبر عن نفسه أولًا، وعن أفكاره ومشاعره، وعن نظرته لما حوله من كائنات ومن طبيعة وأحداث.
كذلك يضيف المؤلف أن الوظيفة الأولى للفن هي تعبير الفنان عن نفسه، وهناك وظائف أخرى كالإحساس بالجمال والراحة النفسية، لذلك يستخدم في العلاج النفسي. هنا يؤكد غريب أن الفن، في كل حال، دافع للتأمل وللتفكير، كما أن من مارس الفن هو من كانت لديه رغبة وموهبة. أيضًا يتحدث المؤلف هنا عن الفن البدائي، أو فن ما قبل التاريخ قائلًا إن الرسم كان أول ما عرف الإنسان من فنون. كذلك يرى الكاتب أن الإبداع هو ابتكار شيء جديد وإظهاره، وقوة الإبداع هي قوة الابتكار، فيما يرى أن معنى الجمال معقد أكثر من الإبداع. كما يقول إن تعبير الإنسان بالفن يتغير كلما تغيرت الحياة لأنه مرتبط بها. بعد ذلك يقول غريب إن التصوير الفرعوني للإنسان قد تميز بالوضع الجانبي غير المسبوق، فيما أبدع النحات المصري تماثيله في وضع المواجهة. غريب يقول إن الحضارة الفرعونية أرست وظيفة الفن ومن ثم الفنان في أماكن العبادة، وأماكن الموتى وأماكن الحكم.
حضارتان
بعد ذلك يكتب غريب عن الفن في الحضارتين اليونانية والرومانية، ذاكرًا أن مركز الحضارة اليونانية كان في اليونان، ثم انتشرت في المناطق الواقعة على البحر المتوسط بعد قيام إمبراطورية الإسكندر الأكبر، وتميز الفن في هذه الحضارة بالنحت والعمارة. أما الحضارة الرومانية فقد نشأت في إيطاليا، وتأثر الفن فيها بالثقافة اليونانية القديمة، وتميز الرومان بالتصوير والنحت والعمارة. كما يتحدث عن الفن في مصر في العصرين اليوناني والروماني، ذاكرًا أنه من أهم الفروق بين الفنان الفرعوني وبين الفنان اليوناني والروماني، أن الفرعوني كان لا يفكر في تصوير أو نحت الأشخاص بشكل واقعي يبرز تفاصيل جسد الإنسان وخاصة لدى النساء، ولا يفكر في الجانب الحسي أو الجنسي، رغم وجود رسومات ومنحوتات قليلة جدا تظهر الأعضاء الجنسية للرجل، على عكس الفنان اليوناني والروماني الذي كان يهتم بالتفاصيل وإبراز علامات الرجولة والقوة في الرجل وعلامات الأنوثة في المرأة، وعمل رسومات ومنحوتات لعلاقات عاطفية وجنسية بين الرجل والمرأة، وهذا الاختلاف مرتبط باختلاف الثقافة في الحضارتين.
كذلك لا يفوت المؤلف أن يكتب هنا عن الفن القبطي، وعن الفن اليهودي، وعن الفن المسيحي والبيزنطي والإسلامي. كما يتحدث عن الفن الغربي في العصور الوسطى وعن الحضارة القوطية وعن عصر النهضة وعن فن الباروك. مثلما يتحدث عن الفن الحديث الذي يدل مصطلحه على التطورات المبتكرة والثورية في الفن الغربي من النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى النصف الأول من القرن العشرين. كما يكتب عن الفانتازيا واللاعقلانية وعن السريالية وعن الفن التجريدي.
نشاط إنساني
وقبل أن يضع الكاتب سمير غريب النقطة الأخيرة في كتابه هذا يَخْلص إلى القول بأن الفن حاجة طبيعية تولد مع الإنسان وهو نشاط إنساني يتأثر بالأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بالفنان. والفن هو جزء مهم من ثقافة الفنان والمجتمع بما فيها من عادات وتقاليد ومعتقدات، وتنعكس على الإبداع، وليس هناك تطور في الفن؛ لأن الفن إبداع.