القاهرة 29 اكتوبر 2019 الساعة 10:34 ص
حوار: أمل زيادة
كاتب هاو، هكذا عرفنا بنفسه، يؤكد أنه كاتب ما يزال يحاول تعلم فنون وخبايا الكتابة بالرغم كل الخبرات التي اكتسبها بالممارسة عبر سنوات كثيرة، يشدد دوماً على أن الإبداع يحتاج إلى التمرين والاجتهاد مثل لاعب الكرة تماماً، يعكف كثيراً على قراءة كل جديد في الأدب ويبحث عن نفسه بين سطور الآخرين، فربما يعرفه الآخرون أكثر من نفسه، عمل في العديد من الأشغال المختلفة والغريبة لا يدري عنها أحد شيئا، كل هذه التجارب شكلت وجدانه جعلته يقابل نماذج إنسانية صارت رفيقته طيلة مشوار الكتابة. ترجمت بعض أعماله للغات أجنبية. جسدت رواياته على خشبة المسرح، يكتب في أدب الجريمة والرعب حيث تميز كأحد نجوم الكتابة في هذا المجال الشيق والمثير الذي يجتذب القراء حول روايته "صائد الموتى" كان لنا هذا الحوار مع الكاتب الشاب: محمد إبراهيم محروس.
تكتب في أدب الرعب.. ما المشوق والممتع في بث الرعب من خلال السطور؟
حياتي كما حدثتكم سابقاً كانت وتيرتها دائماً سريعة ومتلاحقة ودوماً هناك من يطاردني، فقررت أن أطارد الآخرين من خلال كتابة الرعب. إنني أكتب كل الأنواع تقريباً من القصة القصيرة للمسرحية للروايات الاجتماعية، للسيناريو ولكن جانب الرعب هو الأكثر تشويقا ًلدى القارئ اليوم، ربما يكون ذهابي إلى هذا اللون بحثاً عن الشهرة، فبالطبع نحن نكتب كي يقرأنا الآخرون، فوجدت أن الكتابة في الرعب جاذبة للكاتب وللقارئ على السواء. كل منا يكتشف الآخر خلال الكتابة، ما يصلني من تعليقات يجعلني أتعلم أكثر واكتسب خبرة أكثر وهذا سبب كاف كي أواصل الكتابة في الرعب والكتابة بشكل عام، وبالطبع كل منا يهرب طوال الوقت من أفكار مرعبة تطارده. لماذا إذن لا نهرب منها من خلال السطور بكتابتها فنتخلص ولو جزئياً من هذه الأفكار ونشاركها الآخرين. الإفصاح دوماً عن فكرة مجنونة أو هلاوس يساعد على التحرر منها؛ لذا أتخلص من هلاوسي بالرعب..
حدثنا عن رواية صائد الموتى؟
صائد الموتى رواية تحكي عن شاب فقير ورث عن جده ستديو تصوير فذهب ليفتحه ويعرف ما فيه، فنام ليلة في الأستديو؛ لأنه مصاب بجرح في مشاجرة، فقام من نومه ليكتشف أن ملابسه تغيرت وحال الأستديو تغير حوله وهناك مبالغ مالية معه لا يعرف من أين أتته ويكتشف بعدها أن هناك شهورا قد انقضت. وهناك وقت مر وهو لا يعرف عنه شيئا وبدأ يبحث أين كان طوال هذه المدة لتنكشف أمامه أسرار عجيبة تخص الجد وتخص الأستديو وتلك الكاميرا العجيبة التي وجدها بالداخل. وتبدأ رحلة البحث التي تقوده إلى عالم مجنون لم يظن أنه سيدخله في يوم من الأيام وإلى صراعات عجيبة لم يتخيل أن تصادفه في يوم ما.
ما دلالة العنوان؟ صائد الموتى.
العنوان مرتبط بتلك الكاميرا التي كانت تلتقط صور غير حقيقة وغالبا تكون صورا لموتى وهذه الكاميرا كانت ميراث البطل من جده وأول رحلة البحث خلف عالم الموتى وكيف كان جده يصطادهم بالكاميرا، وصائد الموتى الحقيقي كان الجد وليس البطل، ولكنه كان عليه أن يحمل نفس اللعنة أو الجائزة حسب رغبة البطل.
فكرة وضع نهايتين للعمل.. هل كانت موفقة ولماذا يلجأ إليها الكاتب، ومتى؟
الحقيقة أنني أحب فكرة أن أكتب للعمل أكثر من نهاية جربتها من قبل في رواية السراديب الخلفية، وكان للقصة ثلاث نهايات، ثم جربتها في رواية الأخير وكانت نهايتين ثم أعدت التجربة مع رواية صائد الموتى، فبالتجربة، اكتشفت أيضا أن القارئ يرغب في أن يشاركني تفاصيل النهايات فقد يرفض نهاية ويقبل الأخرى، وأحيانا أقول تلك نهاية شريرة للذين يحبون أن ينتصر الشر ولو قليلا، وتلك نهاية طيبة للطيبين الذين يرغبون في عالم مثالي. وعموما حتى الآن أجدها تجربة مفيدة لي وللقارئ حتى يعمل العقل معي ويناقشني. وهناك من يقترح علي نهايات أخرى قد تكون أكثر جاذبية مما كتبته أنا.
ما هي الشدة المستنصرية؟
هي شدة حدثت في عهد الخليفة الفاطمي الخامس المستنصر بالله؛ حيث انخفض منسوب النيل إلى درجة الجفاف تقريبا ونفقت كل العجول والمواشي، واستمرت سبع سنوات عانى فيها المصريون من الجوع والمرض والفقر، حيث يقول ابن أياس إن الناس أكلت الميتة وأخذوا في أكل الأحياء وصنعت الخطاطيف والكلاليب؛ لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها.. وباعت المرأة ابنتها كي تحصل على الدقيق، بل سُرقت جثث المشنوقين المتهمين بأكل الجثث الذي شنقهم الخليفة، بل إنهم هجموا على حمارة وزير الدولة ومزقوها بأسنانهم وأكلوها، وباع الخليفة كل جواريه وكل ثروته تقريبا، وأكل الناس الكلاب والقطط بل أصبح القط يباع بدينار والكلب بدينارين .
كيف يمكن استخدام الشدة المستنصرية كتيمة للرعب من وجهة نظرك؟
وأي رعب قد يصادف البشر أكثر من أن يأكل بشرا مثله، أي رعب أشرس من أن يأكل الأب ابنته وأن يقتل الابن أباه ويبيع جسده للناس كي يغير طعم ما يأكله من لحم بشري، أي رعب في أكل الميتة ونبش القبور للبحث عن الجثث الطازجة إن صح التعبير. الشدة المستنصرية هي الأكثر رعباً في تاريخ مصر تقريبا ًوتيمة صالحة طوال الوقت لأنها أحداث حقيقية ذكرت في كل التاريخ، فهي تيمة مرعبة بحق بل الأكثر رعباً.
جسدت بعض أعمالك على خشبة المسرح. حدثنا عن هذه التجربة الفريدة وكيف أضافت لك كأديب؟
الكتابة للمسرح كتابة مختلفة؛ لأنها تعطيك حقا أن تسمع أفكارك من خلال شفاه الآخرين وترى أشخاصك يتحركون وينطقون ويتشاجرون ويتصالحون ويحبون، ترى اللحظة التي تظن أنك كتبت هذا الجملة لكي تنطق هكذا، وبالطبع أضافت لي كثيرا، لغة المسرح لغة مشوقة لابد أن تثير العقل والوجدان وتكون ممتعة على سمع المشاهد، لذا اكتسبت الكثير من الخبرة على مستوى الحوار هذا بالإضافة للبناء الدرامي وترتيبه وتصاعده، حتى من منطق صناعة الضحك لا بدّ للضحك من ترتيب تصاعدي معين حتى تسمع تلك الضحكة العالية من أفواه المشاهدين؛ لذا أستطيع أن أقول إنها تجربة مفيدة وعملية وفي نفس الوقت المسرح يصنع الأصدقاء من الممثلين حتى لو كانوا هواة ونتعلم ونعلم.
ترجمت أعمالك لعدة لغات.. حدثنا عن ذلك وحدثنا عن هذه الأعمال التي ترجمت؟
ترجمت لي مجموعة قصص قصيرة عبر أصدقاء عراقيين ونشر في كتابين وسط مجموعة من الكتاب العراقيين، الطريف في الأمر أن تعريفي خلال القصص المنشورة أني كاتب عراقي؛ لأن القصص كانت تحكي عن احتلال العراق من قبل أمريكا، فعرفت عندهم بأنها نوع من أدب المقاومة، وهي قصة "ذاكرة ضائعة" وتحكي عن شاب يصحو في أمريكا ليكتشف أنهم يقومون بعلاجه ومساعدته في تركيب قدم صناعية وعندما يتذكر كيف وصل إلى المستشفى يكتشف أن الأمريكان أنفسهم هم من مزقوا جسده بأسلحتهم.. وترجمت قصة أتوبيس 6 وهي تحكي تقريبا عن فترة 50 سنة مرت في مصر، من خلال عامل كمساري أتوبيس خرج إلى المعاش.
ما الذي ينقص الأدب العربي كي يصل إلى العالمية؟
أعتقد طريقة الوصول نفسها أن يكون لدينا مؤسسة خاصة مسئولة عن ترجمة الأعمال الجيدة وتسويقها للخارج، لدينا كتاب كثيرون يكتبون أدب يصل إلى مستوى العالمية ولكن لابد من وجود راع لهذا الأمر، والدولة هي الأحق بهذا العمل من غيرها، واعتقد أنه على الدولة أن توفر هذا فهناك أكثر من سلسلة ترجمة عندنا تترجم الأدب العالمي، لماذا لا تقوم هذه السلاسل بفعل العكس وهي ترجمة أعمالنا وطرحها للخارج، سيختلف الوضع بالتأكيد.
ما هو اللون الأدبي الذي تتمنى الكتابة فيه؟
السينما بالتأكيد، فهي الحلم الذي يبحث عنه أي كاتب، حاولت كثيراً في الأمر وكتبت أكثر من سيناريو ولكن لم أوفق في التسويق للأسف، وقد يتوقف الأمر لمجرد رأي مختلف من بطل الفيلم أو المنتج، ولأنه عالم مختلف فيحتاج إلى معادلات أخرى، ربما لم أصل إلى حلها حتى الآن..
ما هو جديدك؟
حاليا أحاول أن أغير اللون الأدبي الذي أكتب فيه، وأكتب رواية عاطفية اجتماعية اسمها حتى هذه اللحظة "التي بيننا" وقد أغير اسمها في المستقبل.. فما زلت في الفصل الثالث.
انتهيت من رواية.. الجنية السوداء منذ فترة طويلة ولكني لم أنشرها بعد، وقد أنشرها على معرض الكتاب القادم، ويجري الآن مناقشة نشر كتابين لي على معرض الكتاب القادم 2020 ولكن حتى تلك اللحظة لم أوقع أي عقود لكتب جديدة.