القاهرة 15 اكتوبر 2019 الساعة 11:19 ص
الصورة الصحفية هى أحد العناصر المهمة للأشكال التحريرية كالخبر والحوار والتحقيق والتقرير، ومن بين مزاياها المتعددة أن تكلفة إنتاجها زهيدة للغاية وعوائدها الاقتصادية ضخمة لكن بشرط فى حال إداراتها على نحو جيد؛ ومع ذلك نجد أن بعض المؤسسات الصحفية فى مصر لا تستفيد من مزايا الصورة الصحفية أو إدارة اقتصادياتها بشكل جيد وهو ما قد يحقق عوائد قد تحد من أزمة ارتفاع أسعار مستلزمات الطباعة، خصوصا الورق والتي تجاوزت بنسبة 45?، بعد أن تضاعفت بنسبة 100? فى نوفمبر 2016 عقب قرار تعويم الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية.. ولكن كيف؟.. تعالوا معاً نرى كيف يتحقق ذلك.
فى البداية فقط كل ما عليك أن تفتح محرك البحث "جوجل" وتبحث عن صورة لأحد الشخصيات السياسية أو الدبلوماسية أو عن بلد بعينه أو .. أو، وبمجرد الضغط على الزر ستجد نفسك أمام عشرات بل مئات الصور عن ما تبحث عنه ومجاناً، وهى فى أغلبها صور صحفية ألتقطها أحد المصورين الصحفيين لصحيفته نشرت دون ان يوضع عليها العلامة المائية للصحيفة، وبالتالي أصبحت مشاعاً للغير ومتاحة للجميع يستفيدوا بنشرها مجاناً، فتجد مثلا أن الصورة التى التقطها زميل صحفي استعان بها زميل آخر أثناء نشره قصته الصحفية والتى تحقق بعض القراءات والزيارات للموقع الإلكتروني بما يعني حصوله علي عملاء جدد للمنتج الذي يروج له وبالتالي زيادة الارباح من الانترنت.. وهى أرباح كبيرة بالمقارنة بما ينفق فى إنتاج الصورة الصحفية، ويكفى أن تعلم أن قيمة اشتراك مؤسسة صحفية فى خدمات إحدى وكالات الأنباء العالمية المصورة يتخطى آلاف الجنيهات.
وعلى الرغم من أن بعض المؤسسات الصحفية تخلت عن الصورة الصحفية مقابل الفيديو لما يحققه من أرباح تجنى عبر مشاهدات يومية للمحتوي، حيث إن متوسط القيمة لكل ألف مشاهدة (CPM) على قناة المؤسسة عبر موقع الفيديو الشهير يوتيوب من مصر خلال الـ28 يومًا الأخيرة تصل إلى 1.5 دولار، بينما تصل قيمة الألف مشاهدة لنفس المحتوى من السعودية إلى 3.6 دولار، ومن الولايات المتحدة الأمريكية إلى 10.4 دولار، إلا أن مازالت بعض وكالات الأنباء حول العالم مازالت تحقق أرباحاً خيالية ببيع الصور الصحفية للمؤسسات الصحفية.
ولأن القصص التي تحوي صوراً تجذب اهتمام الجمهور بشكل أسرع أستغل بعض القائمين على المواقع الصحفية هذه الميزة فى نشر الأخبار الكاذبة "Fake News" فكانت البداية فى مطلع عام 2016، وفى مدينة صغيرة بمقدونيا تسمى فيليس، عندما قام طالب بالمرحلة الثانوية كان يبلغ من العمر 18 عامًا وقتها، بإنشاء مواقع لنشر الأخبار الكاذبة عبر الإنترنت حققت له أرباحاً شهرية كبيرة تُقدر بـ16 ألف دولار فى شهور معدودة، وهو مبلغ يزيد بأضعاف على متوسط الدخل فى مقدونيا، الذى يبلغ حوالى 371 دولار فى الشهر، حيث تقوم بعض الشركات المٌعلنة بنشر إعلاناتها عبر المواقع الناشرة للأخبار الكاذبة من خلال خدمات نشر الإعلانات الرقمية عبر المواقع الإلكترونية، مثل خدمة جوجل للإعلان "آد سينس" حيث تقوم تلك الخدمات بدور الوسيط بين المُعلنين والمواقع الإلكترونية.. وهو ما يطرح تساؤلاً مهما حول أخلاقيات الصورة الصحفية.
هل عندما تتضمن الصورة الصحفية إساءة للأفراد تكون أكبر من القيمة الإخبارية يكون هناك أزمة أخلاقية.. الإجابة قدمتها الباحثة في الإعلام والتواصل خديجة زويشي، أن الحل للخروج من هذه الأزمة الأخلاقية التي طرحت بقوة في الغرب والشرق منذ تسعينيات القرن الماضي، وبحدة عقب نشر صور مقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، اتجهت الصحافة العالمية إلى توفير الصور الصادمة مع ترك إمكانية الاطلاع عليها للمتلقي بعد تحذيره، ما دامت متاحة ويمكن الوصول إليها، كما اهتدت إلى ذلك رويترز وفيسبوك.
ورأت أنه فيما يتعلق بالصحافة الورقية فيحبذ الخبراء تضمينها في الصفحات الداخلية، بعد التنبيه إليها في الصفحة الأولى بخط مضغوط، هذا إن كانت ذات قيمة قصوى، وإلا يستحسن عدم الدخول في هذه المتاهات والمتاعب، ولضمان التحقق من صحة الصورة الصحفية المنشورة حتى لا نقع فى شباك المواقع التى تنشر أخباراً كاذبة لتحقيق الزيارات وجنى الأرباح علينا اتباع نصائح كل من يشارك كل من جنكينز محررة الأخبار الاجتماعية لـ "الهافينجتون بوست"، وسيلفرمان مدير التحرير والمحرر في موقع OpenFile.ca ومؤلف Regret the Error، التي قدماها في مؤتمر رابطة الأخبار لعام 2011 في بوسطن؛ وأبرزها النظر إلى اللاحقة الموجودة ضمن اسم الملف (أو صيغة ملف الصورة) عبر مستكشف صيغة الملف، والتحقق من وجود تعديلات على الصور أم لا، وكذلك عبر التحقق من الملابس والأبينة واللغات واللوحات والسيارات واللافتات وغيرها من عناصر الصورة أو الفيديو لمعرفة ما إذا كانت تؤيد ما تدعيه الصورة، واستخدم موقع "TinEye" وهو محرك بحث عكسي للصور، والذي "يجد من أين أتت الصورة، وكيف يتم استخدامها، وهل هناك نسخة معدلة من الصورة، أو إن كان هناك نسخة بدقة أعلى"، وفقاً للموقع.
فى النهاية؛ نستطيع أن نقول بأن اهتمام الغرب بأهمية الصورة الصحفية جاء باكراً، وتحديداً منذ عام 1955 عندما تأسست مؤسسة الصحافة العالمية للصور أو وورلد برس فوتو وهي منظمة مستقلة غير ربحية في أمستردام، هولندا، والتي تعقد مسابقة للتصوير الصحفي سنوياً منذ عام 2011 لإنتاج الوسائط الإعلامية الصحفية، بالتعاون مع هيومن رايتس ووتش وتيم هيثرنجتون جرانت السنوي علي أن يتم تجميع الصور الخاصة بالجوائز في معرض متنقل، ويتم نشر كتاب سنوي يقدم جميع إدخالات الجوائز سنويًا بست لغات، بالإضافة إلى نشر صور الصحافة العالمية للعام، وتحدد المسابقة الفائزين في الفئات الأخرى التالية: الأخبار العاجلة، الأخبار العامة، الأشخاص، الرياضة، القضايا المعاصرة، الحياة اليومية، الصور والطبيعة، كما أقامت في نوفمبر 2017 أكبر معرض أمريكي لها على الإطلاق، في العاصمة واشنطن ديبونت دوبونت سيركل في الفضاء الفني.