القاهرة 24 سبتمبر 2019 الساعة 09:50 ص
تواجه مصر الآن موجة جديدة من موجات حروب الجيل الرابع عبر بث الشائعات والأكاذيب عن قواتنا المسلحة المصرية - أقوى مفاصل الدولة المصرية-، واستهداف الذمة المالية لبعض رجال الدولة، بهدف زرع الفتنة وتصدير حالة من السخط والإحباط للشعب المصري وزعزعة الثقة بين الشعب المصري ومؤسسات الدولة.
لجنة الاتصالات بمجلس النواب لها تجربة رائدة منذ عدة شهور؛ حيث قامت برصد 53 ألف شائعة خلال ثلاثة أشهر، وهو أكد عليه النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالنواب، جميعها بث حالة من السخط الإحباط وتتزايد عند افتتاح مشروع قومي، أو زيارة تاريخية للرئيس في إحدى جولاته أو زيارة أي ضيف مهم لمصر أو وجود حدث مهم في مصر، كنوع من التشويش على الإنجازات.. شائعات ممولة بملايين من الدولارات من الخارج وتبث عبر 10 ملايين حساب مستعار من ضمن 65 مليون حساب على مواقع التواصل الاجتماعي فى الداخل، إذاً نحن أمام معركة تدار علينا بمنهجية تستوجب تقوية مناعة الدولة في الجانب الخاص بالإعلام لبناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة حتى لا يكون هنا مجالا لانتشار الشائعات.
مناعة الدولة المصرية فى فترات تاريخية سابقة كانت أقوي بالشفافية والإعلام المتوازن الموضوعي المهني الذي يدحض الشائعات وكانت الصحافة المدرسية جزءاً لا يتجزأ من ذلك بإحداث تربية إعلامية للطلاب في المدارس، وهو ما أكدت عليه في مقدمة المجلة «هذه الصحيفة تتكفل إن شاء الله بانتشار أنوار العرفان بين كل محب لاقتباس العلوم من أبناء الأوطان لينتفع بها كل متولع بالاستضاءة بمصابيح المعارف المستحسنة من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه»، وهو ما ورد في دراسة الدكتور عبد العزيز الدسوقي عن «الروضة».
مجلة "روضة المدارس" صدرت فى عهد على مبارك باشا وزير التعليم فى السابع عشر من أبريل من عام 1870، والذى عهد لرفاعة رافع الطهطاوي ناظر الترجمة والقلم بالوزارة مهمة إصدارها، وترأس تحريرها على فهمي مدرس الإنشاء بمدرسة الإدارة والألسن، وهى المجلة التى كان من أهدافها النهوض باللغة العربية وإحياء أدابها ونشر المعارف، وبدأت فى الصدور كدورية نصف شهرية لمدة ثماني سنوات، وكتب بها مشاهير الكتاب مثل رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وإسماعيل الفلكي والشيخ حسين المرصفي وعبد الله فكري.
من هنا بدأت المجلات المدرسة فى الصدور والانتشار بشكل مكثف حيث أن الطالب هو من يتحمل العبء الأساسي في إصدارها ، تحريرا ، وإخراجا ، وطباعة ، وتوزيعا ، بإشراف مشرف جماعة الإعلام التربوي (أو جماعة الصحافة) وكذلك تخاطب مجتمع المدرسة من طلاب (بالدرجة الأولى) ومعلمين وأولياء أمور ، وتلتزم بالقواعد التي تحكم المؤسسة التعليمية فيما تنشره من مواد ، مع إتاحة الفرصة للطلاب للتعبير عن آرائهم بقدر من الاستقلالية والمسؤولية التي تنمي جوانب إبداعية وتربوية من خلال فنون الكتابة الصحفية، كذلك توثق صلة هؤلاء الطلاب بمدرستهم وبيئتهم ومجتمعهم .. لأنه عندما يحرر بيده أخبار مدرسته ، ويكتب في سلوكيات اجتماعية سلبية فإنه بذلك تعمق شعوره الاجتماعي، وتحثه على المشاركة العملية الإيجابية في تنمية جوانب الحياة في مجتمعه الصغير والكبير ، وهي بذلك تحقق الانتماء عمليا وتفنيد كل ما يتعرض له من شائعات وأفكار دون أن تصل به للإحباط واليأس وهو ما المطلوب من بث تلك الشائعات داخل المجتمعات المستهدفة.
الصحف المدرسية التى ظهرت فى فترات سابقة من تاريخنا المجتمعي تعددت أنواعها ما بين صحيفه الحائط : وهي صحيفة عامة تمثل جماعة الصحافة المدرسية وتسجل نشاطها وتعرضه عرضا سريعا وتوضع في مكان يرتاده جميع الطلاب، وأن تصدر مرتين كل شهر، وصحيفة المدرسة وهي تعبر عن المدرسة ونشاطاتها، ويتولي تحريرها جماعه الصحافة بالمدرسة، ولا مانع أن يشترك معهم من يرغب من إدارة المدرسة والمدرسين ولكن بنصيب محدود، وصحيفته المناسبة وتصدر لتغطيه مناسبة ما دينية أو وطنية أو محلية، وصحيفة الفصل وهي التي تعبر عن الفصل من اخباره ونشاطاته ويختار الفصل اسم الصحيفة تعرف به ويحررها مجموعه من الطلاب وتتناوب التحرير بعدها مجموعه اخري في عدد اخر ويشرف عليها رائد الفصل والاخصائي الصحفي، وصحيفه الصف وهي التي تعبر عن الصف الدراسي كله من حيث نشاطاته، وأفكاره واتجاهاته وينتخب لتحريرها مجموعه من طلاب هذا الصف بإشراف رواد الفصول وأخصائي الصحافة المدرسية، وصحيفة مادة والهدف منها خدمه المنهج الدراسي وتبسيطه وتطبيقه ونقده ويشرف عليها مدرس أول المادة مع الأخصائي، وصحيفه النشاط وهي التي تخدم نشاطا مدرسيا معينا كالنشاط الرياضي أو الفني ويشرف علي تحريرها القائمون على الأنشطة المدرسية المختلفة، وصحيفة البيئة هي صحيفه تقوم على خدمة البيئة والتحدث عن مظاهرها والتوعية بمشكلاتها واقتراحات حلها ويشترك في تحريرها الجميع، والصحيفة الطائرة وتصدر عن تلاميذ الفصل الواحد وفي أثناء حصة دراسية حيث يقوم كل تلميذ بكتابه فقرة معينة، ويمكن تقسيم الفصل إلي عدد من المجموعات وتقوم كل مجموعةه بإصدار صحيفة ثم يتناوب الجميع قراءة ما كتبه زملائهم، وصحيفة الربع ساعة ويجب اشتراك أكثر من تلميذ في إخراجها وتشمل موضوعات بسيطة يسهل قراءتها في وقت قصير، وهو ما تراجع مؤخرا داخل مدارسنا الأمر الذى تسبب فى تراجع مستوى الوعى الإعلامي لدى الأطفال والنشء والشباب وهو ما يجعلهم فريسة للشائعات فى مرحلة تعليمية أخرى وذلك عند دخولهم الجامعات.
ختاما؛ نطالب وزارة التربية والتعليم بالاهتمام بالصحافة المدرسية مرة أخرى؛ حتى تقوى مناعة الدولة المصرية ويستطيع أبنائنا وأصدقائنا مرة أخرى تحليل كل ما يتعرضون له عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعقل ناقد يفند ويبحث ويتحقق فى كل ما يتعرض له بدلاً من أن يصدقه على عواهنه.