القاهرة 03 سبتمبر 2019 الساعة 03:02 م
كتب: صلاح صيام
زياد مشهور : الشعر لم يعد سيد الموقف وفقد صفة ديوان العرب
الشاعر الفلسطيني زياد مشهور مبسلط له عدة أعمال إبداعية منها:-
خبز الأرض - مجموعة شعرية - مركز نهر النيل - القاهرة - مصر
الغريب - رواية - دار فضاءات للنشر والتوزيع - عمان - الأردن
المرأة المظلومة - دار المؤتمن للنشر والتوزيع - الرياض - السعودية
شموع لا تنطفئ - مجموعة شعرية غنائية للأطفال - قرطبة للإنتاج الفني والإعلامي - الرياض – السعودية
زنابق حمراء - نص فيلم سينمائي - التاج للإنتاج الفني والإعلامي - فلسطين
المسجد الأقصى وخطر التهويد - دراسة بحثية وثائقية - مجلة أقلام
وقد حصل على عدة جوائز وأوسمة وشهادات تقدير ودروع تكريم، وكانت لمجلة مصر المحروسة معه هذا الحوار حول أوجاع أصحاب القوافي:
- هل انتهى زمن الشعر، وهل مازال ديوان العرب ؟
في وقتنا الحاضر وصلت إلينا فنون إبداعية أخرى إلى جانب الشعر؛ وهي الرواية والقصة والخاطرة والمسرحية والتمثيل والرسم والنحت والغناء وما في حكم ذلك. ومن هنا لم يعد الشعر سيد الموقف، ولا يملك نفس الوظائف والمهام والمسئوليات التي عرفت عنه في الماضي البعيد؛ لذا أعتقد جازما ً أن الشعر والحال هكذا، لم يعد يحتفظ بتسميته "ديوان العرب ".
بكل تأكيد زمن الشعر لم ينته؛ فهو سيبقى النزف المتواصل بحبر الحق والحقيقة وعصارة الروح وإحساس الوجدان والحس المرهف والعاطفة الجياشة والقلب النابض بهموم وآمال وطموحات الأمم والشعوب؛ فالتاريخ لكل بلد في العالم خلـّد سير شعرائه العظام المعبرين عنه بحروف من ذهب ؛ ومنهم حافظ إبراهيم، أحمد شوق ، البارودي، إبراهيم طوقان، عبد الرحيم محمود، ناظم حكمت، محمد إقبال، بابلو نيرودا، طاغور، جوته، والقائمة تطول.
- هل ودع القارئ العربي الشعراء ؟
بكل صراحة ، أقول أن تحرر الشعر من قيود الوزن والقافية، وظهور ما يسمى بـ " قصيدة النثر" فتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب بكتابة نصوص نثرية متناثرة، قد تفتقر في سوادها الأعظم لأبسط قواعد اللغة العربية مما أضعف جمالية وأصالة وموسيقى وقوة تأثير هذا الفن العربي الأصيل.
أعلنها من خلال منبركم هذا أنني لا أعترف بشعر النثر؛ فالشعر شعر والنثر نثر، في حين أن " قصيدة التفعيلة " التي تلتزم بالوزن الشعري وتحافظ - إلى حد ما - على القافية، أعترف بشرعية ميلادها وانتمائها للشعر.
- لم انخفضت مبيعات الشعر ، وصارت دور النشر تتجاهل نشره ؟
أعتقد أن ما ذكرته في إجاباتي السابقة سبب رئيس من أسباب عــــــــزوف القـــــارئ عن اقتناء " نصوص ومضامين هزيلة سطحية لا علاقة لها بفن الشعر " تحت مسمى ديوان أو مجموعة شعرية يكتبها ويعمل على نشرها يوميا ً – دون حسيب أو رقيب – عدد كبير لا يستهان به من الهواة، أو لنقل بتعبير أكثر دقة من " المستشعرين والمستفيدين من تأميم الشعر لصالح النثر "؛ وبالتالي ، فإن دور النشر – التي تحترم اسمها ومكانتها وموقعها وحضورها الجاد في الوسط الثقافي العربي – لن تتبني مثل هذه المغامرات غير المحسوبة والخاسرة سلفا ً.
أما إذا كانت دار النشر مجرد مؤسسة ربحية كأية شركة مقاولات أخرى، ستفتح أبوابها للجميع، ولن تتجاهل أحدا ً، طالما أن النشر والتوزيع على نفقة ذلك "الشاعر"، مع هامش ربحي معين لدار النشر والتوزيع .
- نشر قصيدة الآن في صحيفة ورقية يحتاج لمعجزة .. من المسئول وما الحل ؟
في الواقع الصحافة الورقية في طريقها للتلاشي في عصر العالم الافتراضي والفضاء الإلكتروني الشاسع، والأقل تكلفة والأكثر انتشارا ً وتحرراً من قيود الرقابة التقليدية المتعارف عليها؛ وهناك أمثلة على صحف ورقية عملاقة وعريقة توقف نبض قلبها ، وأسدلت الستار على ماضيها وصولاتها وجولاتها.
من جهة أخرى ، هناك صحف تجارية تبحث عن الكم في البيع وليس الكيف في القراءة، والشعر الذي تحدثنا عنه في مقابلتنا هذه ، لا يعتبر بضاعة رائجة أو مادة ربحية لتلك المؤسسة التجارية.
المسئول عن ذلك والذي أرى أن الحل بيده، هو المؤسسة الثقافية والإعلامية الرسمية واتحادات الكتاب ومن في حكمهم ؛ حيث يقع على عاتقهم دعم الموهبة الشعرية الحقيقية من حيث تبني النشر والتوزيع، وعدم إفساح المجال للمستشعرين بأن يشوهوا الصورة الشعرية الأصيلة لثقافة هذا البلد أو ذاك.
كما أننا بحاجة لحركة نقدية جادة ومتخصصة بشكل منهجي بعيد عن المجاملة بحيث تظهر الغث من السمين، وتضع النقاط على الحروف لخلق حالة إبداعية شعرية حقيقية جادة من حيث البناء اللغوي والفني وكافة الأدوات الإبداعية والتعبيرية التي يجب أن يمتلكها الشاعر.
- هل نملك اليوم شعراء جادين ؟
بكل صدق، هناك شعراء جادون من حيث رسالتهم الشعرية وأدواتهم الفنية والإبداعي ؛ فمنهم من وصل نزف قلمه وعصارة روحه للجماهير، ومنهم من لم يجد لذلك سبيلا.
- كيف نعيد المجد لديوان العرب ؟
كل شيء جميل وأصيل، ومبني على قواعد ثابتة وراسخة، ويحمل إحساس الصدق، ويعيش الآمال والآلام الجمعية بأدق تفاصيلها سيثبت حضوره مهما كانت المعيقات والأزمات؛ فربما قصيدة حُبلى بهذه الجينات الشرعية تؤثر بشكل كبير في العقل الجمعي للأمم والشعوب أكثر من أي وسيلة أخرى، والدليل على ذلك أن ملايين العرب يهتفون ويرددون دائما ً الأبيات الشعرية الخالدة التالية :
إذا الشعب يوما ً أراد الحياة / فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل ِ أن ينجلي / ولا بد للقيد أن ينكسر
هذا على الرغم من أن قلة قليلة من هؤلاء الملايين تعرف أن هذه الأبيات للشاعر التونسي العظيم أبو القاسم الشابي، وهذا أكبر برهان على أن الشعر الحقيقي الأصيل يسكن وجدان كل إنسان، بغض النظر عن اسم قائله.
- ما تقييمك لحالة الشعر العربي حاليا ً ؟
التوصيف الدقيق لحالة الشعر العربي حاليا ً أنه يعيش أزمة حقيقية بواقعه الكلي ما بين شبه موت سريري، ومحاولة طائر الفينيق الخروج حيا ً من تحت الرماد، والتي تعزى أسبابها – بشكل كبير - لما أشرنا إليه في سياق هذا الحوار.
لكن بالمقابل، هناك حالة استثنائية محدودة وشبه مستقرة لشعراء قلة في وطننا العربي، وعلى الرغم من رحيل معظمهم، بقيت أشعارهم خالدة في وجداننا.