القاهرة 27 اغسطس 2019 الساعة 01:52 م
كتبت: شيماء عبد الناصر
افتتح الناقد الفني/ سمير غريب رئيس الأكاديمية المصرية للفنون بروما ورئيس جهاز التنسيق الحضاري الأسبق، الأربعاء الماضي في تمام الساعة السابعة مساء بمركز سعد زغلول الثقافي خمسة معارض فنية؛ للفنانين: أحمد فهد، رشا سليمان، نشوة مختار، والكاتبة منال السيد، إضافة إلى ضيف الشرف الفنان المصري الراحل هنري شيحا، والذي تُعد أعماله إضافة جديدة لمتذوقي ودارسي الفنون، حيث تُعرض أعمال له من فترة الخمسينات والستينات، والتي تدل على قدرة وتمكن في التصوير واختزال المشهد المرئي في تكوين تعبيري، يتجه أحياناً نحو السوريالية.
والفنان هنري شيحا Henri Chiha مصري مواليد الإسماعلية ما يتوفر من معلومات يدل على إنه مواليد بين 1899 أو1901 وتوفي فترة السبعينات سافر إلى لندن في الخمسينات شارك في معرض صالون القاهرة عدة دورات حتى أواخر الثلاثينات عاصر راغب عياد، محمود سعيد، محمد ناجي، سعد الخادم، شعبان زكي، منصور فرج، سمسونيان.
يُذكر أن أعمال المعارض تربو على الـ60 عملاً، من التصوير والرسم والحروفية، وتشارك الفنانة رشا سليمان إلى جانب أعمالها التصويرية، بأعمال من الخزف والحلي بطريقة مبتكرة تتعاطى مع الجسد البشري، ليُشكل إناءً خزفيا، أو قطعة حلي تزين منطقة الصدر وحتى الخصر. وتستمر المعارض حتى الخميس 12 من شهر سبتمبر المقبل.
وقد التقت "مصر المحروسة "مع الفنان مجدي عثمان مدير مركز سعد زغلول الثقافي، حيث تحدث كل فنان مشارك في المعرض:
1- منال" - كانت دفعتنا كبيرة قياساً لتلك الفترة، فقد تعدت الـ 90 مشروع فنان.. تمشي على أطراف الأصابع أولاً قبل أن تلتقي كامل قدميها بالأرض.. في ذلك المبنى العتيق ذي الشرفة الخشبية، أو "مبنى إعدادي"؛ بدأت دراستنا، لم نكن كلنا ملتزمين إلا من خوف أحد الأساتذة، والذي كان يعاملنا حرفياً كتلاميذ الثانوي. تأتي الساعة الثانية بالفرج، فيتحرك من يتحرك، البعض يبقى والبعض يهرول إلى منزله، خاصة البنات. كنت وقلة؛ نظل إما في البرجولا أو المبنى، جاءت يوماً بعد الثانية، دون أن يكون بيننا تعارف سابق، إلا من مشاهدات يومية عابرة وسط الجمع.. "معاك كوين؟" .."لا" .."شكراً". - كانت دائماً ما تحمل كراس، تدون بها أفكارها، أو حكاياتها، عادة هي شاردة أو تائهة تبحث عن شيء ما، بدأت تريني ما تفعله، وبدأت أُبدي رأييَ، حتى أصبحت عادة . - مرت السنين، وكانت ترسم حينما تريد، لا تهتم بالمشاريع إلا في الوقت الأخير قبل التحكيم، وبالفعل أصبحت كاتبة، وحصلت على الجوائز، أوقفتها عدة أمور عن ذلك الصعود الصاروخي لمن هن أقل منها موهبة.. – وها نحن نُعيدها إلى موطنها الأول "الرسم" كرجع صورة لفترة أغفلتها وطواها الزمن.
2- "نشوة" - كان قسم التصوير يعج بأغاني إيهاب توفيق وعمرو دياب، وعدد من الدارسين بين عدد من الموديلات أو الطبيعة الصامتة، حتى الثانية أو الثالثة بعد الظهر، ثم يعود الهدوء، أطلب الشاي من "أم طارق" ونشغل أم كلثوم، وصديق أخر كان يعشق فيروز. نضع الموديل بالوضعية التي نريدها، دون المعتاد صباحاً، وننتظر في عملنا ذاك حتى السادسة أو بعدها، لنذهب إلى مبنى الأهرام، حيث كنا نعمل بين الرسم والصحافة.. في أحد الأيام في حوالي الرابعة تقريباً اقتربت "نشوى" أو "نشوة" كما تريد الآن، دون سابق معرفة من اتليه آخر "معاك لون أبيض" .. ثم بدأنا بعدها النقاش في الفن واللون وتكوين اللوحة والتعبير، كانت مثقفة على غير الباقيات، مفعمة بالتحيز للتعبير فوق المقدرة على الرسم، تتحدث بثقة وحب لما تفعله، لا يهمها الدرجات، فقط ترضي نفسها وتقتنع بذلك.. - في حديث دار بينها وأحد الزملاء، وكان يجيد الرسم بالطريقة الكلاسيكية، ويتلقى تنبيهات من فنان كبير، بلدياته، كان ينقل محسناً عن الواقع، لكن بلا إحساس، قالت له " حط لون" حيث كان يتحرك بين درجات الأبيض والأحمر كثيراً، فما كان منه إلا أن بدأ يضع عجائن من نفس اللونين، ولم يعِ ما ذكرته، عن اللون، وبأنه كمصور يجب أن يكون ملون؟!.
3- "رشا" - كانت تضرب الأرض بخفة وقوة في آن، ولما لا وهى لاعبة الخُماسي، الحاصلة على بطولات، ولا يضر ذلك بشأنها الدراسي، كانت قليلة الحركة، ملتزمة بالفرض الدراسي، تهتم بالتجويد، بذلت العطاء للبعض، لم يكونوا على المستوى المرغوب.. كانت تحب العمل الحر والأطفال فعملت فترة مع إسحاق عزمي، ثم بدأت مشروعها الخاص "براح" ولا أعلم سر إغلاقه. أطلقت لنفسها العنان بين الرسم والنحت والخزف وتصميم الحلي، تحاول جاهدة ألا تتشابه مع أحد، تعمل على الموضوع فترة، ثم تتبدل، مُحفزها التجريب.
4- "أحمد فهد" - عرفته حينما كنت أُحرر موضوعات لجريدة عربية عن فناني الخط العربي، والتشكيليين الذين تأثروا بالخط والفنون الإسلامية عامة، كان يهتم بأن تخرج لوحته بعيدة عن المألوف من لوحات الخط الكلاسيكية البناء، حصد العديد من الجوائز عن ذلك.. وها هو الآن يؤكد على القيم التشكيلية للخط العربي، بل في مقاطع الحرف نفسه، مع اختلاف أنواعه، ليبني تشكيلات لا تعتمد على المقروء أو جودة العمل على القاعدة، إنما يُشكل من الحرف مساحة مجردة، مع اللون، في تشكيلات تبحث عن عين ترى أجزاء الحرف منزوعة من عالمه الأول، حيث تنحو تجاه التجريد شيئاً فشيئاً.