القاهرة 06 اغسطس 2019 الساعة 12:11 م
كتبت: د.فايزة حلمي
أسلوب المواجهة:
شهدت السنوات الماضية زيادة متواصلة في الأبحاث حول أسلوب المواجهة للتعامل مع الضغوط، وكيف يتعامل كل واحد منا مع المواقف الصعبة في الحياة اليومية، التي يتردد صداها معنا جميعا بسبب أهميتها الشخصية, هذا الاهتمام بالتأقلم له أهمية أكبر بالنسبة لنا جميعًا, باعتبارنا نشاهد ونشكّل جزءً من تلك القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعمل تقريبا كَمُرْشد للتغيير المستمر، وتعريف المواجهة الأكثر شيوعًا ، "ولكنه غير متفق عليه بالضرورة"، هو تعريف لازاروس(Lazarus), الذي بدوره يعرّف التكيُّف على أنه "الجهود المعرفية والسلوكية المتغيرة باستمرار التي يقوم بها الشخص لإدارة المطالب الخارجية أو الداخلية المحددة, التي يتم تقييمها كمهام شاقّة أو تتجاوز إمكانيّات الشخص".
وتكمن قوة هذا التعريف ل Phillip Dewe في حقيقة أنه موَجّه ويُرَكّز على المعاملة بين الشخص والبيئة, ويَنْصَب تركيزه على ما يفكر أو يفعله الشخص فِعليًا ، ويوفّر بدوره إطارًا لفهم كيفية تطوّر العملية, ببساطة، يمكن تعريف المواجهة على أنها "جهود معرفية وسلوكية لإدارة الإجهاد النفسي", ومع ذلك، هذا التعريف أيضا, لا يخلو من مُنتقدِيه, باعتباره محدودًا وضَيّقًا إلى حد ما, بسبب تركيزه الأساسي على الاستراتيجيات الموضوعة؛ التي قد تفشل في مراعاة السلوكيات اليومية العادية التي تساعد الناس ببساطة على التماشي مع العادات الروتينيّة التي ينخرط فيها الأفراد.
تصنيف استراتيجيات المواجهة:
تصنيف التعامل من حيث التركيز والوضع والوقت:
لقد تم استخدام كل من النظرية والأساليب العملية التجريبية لتصنيف استراتيجيات المواجهة, ولا يزال التحدي قائما حَوْل ما إذا كان من الممكن تحديد مُخطط مُتفق عليه بشكل عام يُوفّر تصنيفًا مقبولًا عالميًا, لذا يُعَد تصنيف استراتيجيات المواجهة أمرًا أساسيًا لفهمنا كَيْفية استخدامها ، والدور الذي تلعبه في أي مواجهة شاقة، وبالتالي ، الغرض الذي تخدمه, ومع ذلك ، يمكن استخلاص إطار مفيد لتصنيف استراتيجيات المواجهة, فيما يتعلق بثلاثة موضوعات: التركيز والوضع والوقت، تعود أصول التركيز إلى فولكمان ولازاروسLazarus&Folkman))، حدد هؤلاء الباحثون "وظيفتين أساسيتين نظريتين للمواجهة"، واحدة تركز على المشكلة والأخرى تركز على العاطفة, مِن خلال العمل مع هذا النهج الذي يركز على العاطفة أو المشكلة ، أوضح كل منهما أنه لا ينبغي اعتبار أي استراتيجية أفضل بطبيعتها أو أسوأ من الأخرى ، بل العلاقة بينهما تعتمد على المعنى المُعْطى للمطلوب مواجَهته.
مِن أجل الحصول على فهم أكثر شمولاً للمواجهة ، من المهم النظر إلى ما وراء فكرة التركيز، قد يشمل ذلك، التمييز بين عدد من أساليب المواجهة التي تشمل: المعرفي مقابل السلوكية ، والاجتماعية مقابل الانفرادي والاستباقي مقابل التجنب، حين يتم البدء في استراتيجيات المواجهة, استجابة للمعنى المُعْطى للأحداث.
ولنعْرِف أن الإجهاد هو عملية تفاعل ديناميكية بين الفرد وبيئته, لذلك، لا تعتمد استجابة الإجهاد فقط على وجود ضغوط بيئية، ولكن أيضًا على الطريقة التي ينظر بها الشخص إلى هذا الإجهاد (التقييم المعرفي) وما هي الاستراتيجيات التي يستخدمها (للتعامل), ويشتمل التقييم المعرفي على عمليتين مترابطتين: التقييم الأوّلي والتقييم الثانوي, مِن خلال التقييم الأوّلي ، نحكم على ما إذا كان الموقف غير ذي صلة بِنا أو إيجابيًا أو مُرهِقًا, أي أن الحدث غيْر ذي صلة لأنه لا يحمل أية آثار على رفاهيّتنا؛ وإيجابي ، حيث أن الوضع مناسب لغرض تحقيق أهدافنا الشخصية؛ أو مُرهِق من حيث أنه يتطلب استخدام استراتيجيات للمواجهة لأن رفاهيّتنا قد تكون في خطر .
في المقابل ، قد يشكل الموقف المُجْهِد تهديدًا ، حيث نتوقع حدوث ضرر أو خسارة محتملة قبل حدوثه، مع ما يترتب على ذلك من ضرر بصحتنا وأسَرنا وعلاقاتنا الاجتماعية، قد يُنظر إلى الموقف المجهد أيضًا على أنه تحدٍ عندما نعتبر أنه على الرغم من الصعوبات ، هناك فرصة للفَوْز, إذا قمنا باستخدام الاستراتيجيات المناسب, وبالتالي، تؤدي تقييمات التهديد والتحدي إلى تَوقّعات مختلفة للتغلب على المشكلات، حيث يرتبط الأول بضعف الثقة في قدرة الفرد على مواجهة متطلبات المواقف العصيبة ، بينما تتنبأ تقييمات التحدي بتوقعات أعلى للنجاح في التعامل.
بينما في التقييم الثانوي، نحكم على الاستراتيجيات المتاحة لنا لمعالجة الموقف بنجاح، وندرك التناقض بين استراتيجيات المواجهة المُتاحة لنا, والاستراتيجيات اللازمة لمعالجة الموقف المُجْهِد، وكلما زاد التناقض، زاد احتمال تعرّضنا للتوتر، وهنا يشير التعامل إلى الجهود المعرفية والعاطفية أو السلوكية لمعالجة (العلاقة بين الشخص والبيئة المضطربة, للحَد منها أو التسامح معها), وفقًا لذلك ، تلعب استراتيجيات المواجهة دورًا مهمًا في صحة الناس ورفاهيتهم.
ولأن استراتيجيات المواجهة مُهِمّة لرفاهية الناس ، فقد ركزت الأبحاث المتنوّعة على دراسة ما إذا كانت بعض آلياتها أكثر قدرة على التكيّف مِن غيرها, على الرغم من أن الطبيعة السياقية للتكيف تشير إلى أن إحدى الاستراتيجيات يمكن أن تكون قابلة للتكيف في سياق مُحدد, ولكن ليس في سياق آخر.
وفقًا للباحثين ، فإن الشعور بالارتباك المعرفي والابتعاد العقلي عن المشاكل وإخفائها عن الأشخاص المقربين، وإلقاء اللوم بشكل منهجي على كل الشرور، والتأثير على المشكلات وإسقاط المسؤولية على الآخرين، كل هذه استراتيجيات غير متوازنة، بالنظر إلى أنها تعيق إنجاز المهمة وتزيد مِن الضيق العاطفي.
الإجهاد هو جزء طبيعي من الحياة, قد تشعر بالتوتر حيال الصداقات والدرجات والاختبارات وقضايا الأسرة والواجبات المنزلية والعمل والأنشطة الخارجة عن المناهج الدراسية أو حياتك العاطفية، لا يمكننا تخليص حياتنا من الإجهاد، ولكن يمكننا جميعًا أن نتعلم كيفية التغلب عليه.