القاهرة 23 يوليو 2019 الساعة 10:02 م
كتبت : سمر أرز
منذ شهرين تقريبا تُعرض ليالى مسرحية فريدة من نوعها على مسرح العرائس بالعتبة، استمتع بها الكبار قبل الصغار، وهو عرض "محطة مصر" التى اختتمت عروضها أمس وكانت من إخراج رضا حسنين، تصميم ديكور وإشراف عام د.سمير شاهين ،تصميم العرائس د.ريم هيبة ،تأليف محمد زناتى ،موسيقى حاتم عزت ،نحت محمود الطوبجى ،وميكانيزم العرائس يوسف مغاورى .
تدور أحداث العرض حول فتاة اسمها "أحلام" ضلت طريقها اثناء وجودها فى محطة مصر مع والدها وتقابلت مع أنماط مختلفة من البشر فى مشاهد محملة بالرسائل الثقافية للأطفال، فعلى سبيل المثال تسأل أحلام والدها عن مشروب العرقسوس وعن جمال غناء صاحبه مروجا له، فرد عليها قائلا "ده مشروب شعبى وده تراثنا ولازم نتعلم إن اللي ملوش قديم ملوش جديد " فأكملت أحلام قائلة "وملوش مستقبل وعشان كده بقرأ كتير وأتعلم عشان أعرف القديم والجديد " ، إلى أن انتهى العرض بأهم رسالة وهى أن الدمار والإرهاب ليس من شريعة الله عز وجل، والحب هو الذي يستطيع أن يجمعنا ضد الكارهين للبلد دون أن يفرقنا لون أو جنس أو دين، وجاء ذلك من خلال أغنية خفيفة يصطحبها تصفيق حار من الأطفال .
فالعرض يبعث بمثل هذه الرسائل مع استلهام للتراث القديم فى الشخصيات والنغمات والديكور والإضاءة فى قالب جديد وصورة متطورة وقصة جذابة.
وكان للأبطال الصوتيين أداء رائع خاصة "فرح حاتم" البطلة الصوتية لشخصية أحلام حيث تنوعت بين الفرح والمرح والحزن وقوة الشخصية مستخدمة نبرات صوتيه معبرة عن كل موقف وإحساس يصل للطفل بسهولة، وساعدها فى ذلك الموسيقى والألحان التي أبدع فيها الملحن حاتم عزت بنغمات تراثية تواكب المشهد وتساعد تماما فى إحساس الطفل به .
وعلى هامش العرض المسرحى كان "لمصر المحروسة" لقاء مع المخرج رضا حسنين الذى صرح بأن "محطة مصر " بمثابة مشروع وليس عرض؛ حيث تمر مصر الآن بمنعطفات مهمة وخطيرة وواجب على المثقفين أن يصبحوا القوة الناعمة فى مواجهة الفكر المتطرف، بإحياء الموروث المصرى والقيم الأصيلة من خلال قالب مسرحي عصري يمكن للطفل والأسرة استيعابه، وذلك هو المشروع المشترك بينه وبين المؤلف محمد زناتى والملحن حاتم عزت.
وأشار مؤلف العرض محمد زناتي أن ذلك المشروع بدأ بمسرحية "شجرة السعادة"، وكانت بداية المشروع الذى يهدف لاستلهام التراث وإعادة صياغته وتقديمه بشكل متطور ، واستكمل بإن هناك ثلاث مدارس تتعامل مع الثراث فى جميع جوانبه فهناك من ينقل التراث كما هو، وهناك المدرسة التوفيقية التى تربط بين القديم والجديد، أما الثالثة فهى ترفض التراث وتبنى بأفكار جديدة مختلفة، وأوضح عزت إنه يرى أنهم ليسوا من الثلاث مدارس فهم يحاولون إعادة صياغة التراث مع طرح موقفهم أيضا منه حيث عرضت "محطة مصر" صورة الإرهاب والعنف فى صورة مواكبة للعصر، باستخدام عرائس منفرة فى شكلها وأصواتا مرعبة للطفل، وبالتالى اتخاذ موقف من الطفل ضد الإرهاب ورفضه وضرورة محاربته.
وأشار إلى أن كل ما توارثناه على مر الأجيال ليس دائما محمل فى أبهى صوره فيجب علينا انتقاء منه ما يفيد عصرنا ويجعلنا نتطور ونواكب العصر الحديث .
وكان أيضا للديكور دورا هاما أشار إليه د.سمير شاهين أستاذ دكتور بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة بالزمالك شعبة فنون تعبيرية، موضحا مراعاته الشديدة فى مخاطبة الطفل باستخدام الألوان البراقة التى تجذب الأطفال والتصميمات كبيرة الحجم البسيطة التى تصل للطفل بسهولة بدون تعقيد، والتعبير عن محطة مصر من خلال منظومة فيها طابع كاريكاتيرى وليس توثيقى، مستكملا بإنه اعتمد على أن تكون الخلفية استلهاما من محطة مصر من خلال عرض البوابة والشبابيك وساعة المحطة، أما التصميم الأمامى فكان من السور الحديد لمحطة مصر والذى استخدمه المخرج بصورة رائعة من خلال تحريكهم وفصلهم وفتح المسرح وغلقه بصوره ناجحة، والبراقع الخاصة للمسرح هى عناصر مكملة لفراغ المسرح وتحمل نفس الطابع والألوان المعبرة عن محطة مصر، كما استخدم التفريغ فى التصميمات لإعطاء العمق وإبراز جمال الإضاءة فى المسرح.
"محطة مصر " عرض ومشروع يهدف لمحاربة كل ما هو متطرف، كما يسعى لإحياء للتراث المصرى الأصيل فى قالب مسرحي ثقافي وترفيهي يجذب الطفل فى ظل كثرة استخدام التكنولوجيا من موبايلات وألعاب فيديو أدت لتخزين طاقة الطفل وكبح جماحها.