القاهرة 14 مايو 2019 الساعة 01:18 م
قصة : عماد أبو زيد
كان طاهر باشا مُمسكًا بماكينة الصيد، الغمَّاز يغوصُ تحت الماء؛ عبثًا يُدير الماكينة، فترتفع الصنَّارة عن الماء دونَ أن تعلقَ بها سمكةٌ واحدةٌ، ليستْ المرَّة الأولى التي أكون فيها بصُحبة طاهر باشا، وآلاء باشا؛ لكنَّها نادرًا ماتتكرَّر. كان منزل آلاء باشا على النَّهر مُباشرة، ربَّما لا يفصله عنه سوى الطَّريق.
- هُدى، الشَّاي ياهُدى.
بعد أن احتسى ثلاثتنا الشَّاي قلت لهما:
- في الأربعينيَّات كنت أمضي إلى النَّهر يوميًا، كان مليئًا بالسَّمك.
- فكَّرتنا بأيَّام زمان يا باشا، أثخنتَ جراحنا!.
تركتهما يصطادان السَّمك على طريقتهما، وانتحيتُ جانبًا أقرأ مجموعة قصصيَّة عنوانها مثيرٌ للدَّهشة، لم يخلُ من طرافة: "رقصات مرِحة لبغال البلديَّة" لمحمد حافظ رجب، وقد أَلفتُ اختفاءه، ثم الظُّهور على فتراتٍ متباعدةٍ، أذكرُ له مقولة "نحن جيل بلا أساتذة".
عاودتنا هُدى بابتسامتها الجميلة، وهيَ تقول:
- الصَّيد يُعلِّم الصَّبر!.
لم تكد تمضي لحالها، حتَّى قفز جرذٌ كبيرٌ بيننا، لم يخشَ أحدٌ منا ، بدا غيرَ عابئ بنا، وهو ينظرُ إلينا في صَلَفٍ ووقاحةٍ، وما لبث أن فرَّ هاربًا.
- خشيتُ أن يسرقَ جزمتي!.
عقَّب طاهر باشا:
- هو فأر يجرؤ على سرقة باشا يا باشا؟
يضحك آلاء باشا بعد أن جال بعينيه يمينًا ويسارًا.
- الجرذان سرقوا "الطُّعم" من تحت أيدينا يا باشوات!.
لم يعد النَّهر متنفسًا لنا، أو ربَّما ضِقنا بهِ بعد أن أَفَلَتْ الشَّمس؛ انصرفنا، وقد اتَّفقنا على أن نلتقي مرَّةً ثانيةً مساء الغد في الـ CLUB.
نهاية لابُدَّ منها لاستكمالِ ماجاء في المَتن:
ومع أنَّ طاهر باشا، راق له توديعي بقوله: "مع السَّلامة يا باشا"، وهو يترك لديَّ إحساسًا بعِظمِ قدْرنا، وسموِّ منزلتنا؛ إلا أنَّني لم أتمالك نفسِي من الضَّحك، وأنا أُسلِّم عليه:
- مع السَّلامة يا بغل!.