القاهرة 23 ابريل 2019 الساعة 12:36 م
حوار: سماح عبد السلام
يسعى الفنان التشكيلى الدكتور محمد أبو النجا إلى تقديم أعمال فنية تحمل فكراً وفلسفةً متباينة وإثارة العديدة من التساؤلات حول ماهية الأمور المحيطة بنا، ومن ثم يؤكد على رغبته فى مخاطبة المتلقى المهموم بالجمال والحقيقة معاً دون الاقتصار على البعُد الجمالى فقط, وهو ما تحقق فى معرضه "نحن والدوائر"، الذى أقامة بخان المغربى..
* يحمل عنوان معرضك الأخير "نحن والدوائر" بعداً فلسفيًّا.. فما هى الرسالة التى أردت إيصالها من خلاله؟
أعتقد أننا جميعا داخل دائرة حتى من قبل الولادة. خُلقنا من الطين ونعود إليه. فكرة أن يصعد الإنسان من المنطقة الطينية إلى منطقة أعلى روحيانياً. هنا تقابل مع رقصة المولولية التى أبتكرها جلال الدين أبن الرومى الذى رأى أن حركة الجسد فى صعودها وهبوطها هى حركة دائما لأعلى بها حلم الصعود, وقد تأثرت بهذه الأمور وبالكتابات القديمة والطاقة التى يمكن أن تخرجنا من مكاننا الضيق إلى منطقة أكثر رحابة؛ وبالتالى كانت اللوحات الثابتة "نحن" أيا كانت نحن هذه، سواء مستمدة من التاريخ القبطى أو المصرى القديم والتراث من خلال الخامات الخاصة بى والورق الذى أستعمله, يصعد الورق ويظهر على شكل المعلقات فى حالة طيران, والرابط هنا ليس بعُد الخامة ولكن بعد تعبيرى، بمعنى كيف نخرج من المنطقة المادية التى تحبسنا داخل دوائر ونحن حاملين لتراث كبير, نخرج من منطقة الذاكرة نفسها.
* استعملت خامات غير معتادة لتنفيذ فكرتك.. حدثنا عنها؟
استخدمت بالفعل ورق البردى والقطن الأساس من تدوير قماش القطن وفرم هذا القماش وصنع منه عجينة ورق بعد إعادة تدويره, أستعيد هذه التقنية من خلال استفادتى بدراستى فى الهند لهذا النوع من الورق، حيث نفذت هذا المعرض فى الهند واليابان ومصر.
* ما هى طبيعة الكتابات التى رأيناها فى بعض الأعمال؟
هذه الكتابات سواء تم كتابتها أم لا هى طاقات؛ فالخط كطاقة, والكتابات الكلاسيكية مأخوذه من مناطق موجودة فى مصر كقالب وذلك للطاقة الجميلة الموجودة فيها لدخولنا عالم الدائرة. الإنسان يحمل كتبه ومعرفته، وهو جزء من عالم لمعرفة. خطوطنا حتى تلك الموجودة على باب المسجد أو الأثار و والأماكن القديمة.
* ولماذا استخدمت اللون الذهبى بصورة كبيرة؟
اللون الذهبى استغرق معى وقتا طويلا لكى أتجاوز عن فكرة الديكور, كنا قديما فى الأكاديمية لا ننصح باستخدام اللون الذهبى والفضى ونعتبر استخدامهما أعمال تزينية, ولكن عندما سافرت للهند وسنغافورة واليابان وجدت أن هذا اللون له بعد درامي فى طقوسهم الدينية وأفراحهم, وهو ما جعلنى أنظر لهذا اللون بعين مختلفة. مزجت بين الذهب بإحساسى بالمصرى القديم والتابوت الخاص به، والذهب الذى شعرت به فى احتفالات اليابان وسنغافورة به كجزء من أفراحهم وحتى الأحزان فى طقوسهم؛ فبدأت أتعامل مع ورق الذهب بطريقة مختلفة؛ لإيصال التعبير فى حالة روحية أكثر من التزين.
* يوحى المعرض وطريقة العرض بحالة متحفية فلماذا لجأت لتلك الآلية؟
لأنى استفدت جدا من الثقافية البصرية للأشكال التراثية سواء للفن القبطى أو الإسلامى, وكيف أن قوة البورترية القديمة مازالت تعطينا هذه الطاقة. هناك سر يربطنا بهذا التراث. عندما كان يصنع الفنان قديما تابوتاً للملك أو تمثالاً لم يكن يقصد به عمل فنى بقدر ما هو يعبر عن فلسفته؛ وبالتالى شعرت بذلك.
* اتخذت بعض الأعمال الشكل الطولى للأعمال فهل من فلسفة لذلك ؟
هذا شكل كلاسيكى للملكة نفرتيتى فى البناء فقط, ولكن كل أشكاله الداخلية تعد تعبير عن الطاقة التعبيرية التى أريدها. عندنا تراث كبير جداً من الاستطالة من خلال الوجود المستطيلة من خلال الوجوه المصرية القديمة, فكرة الرأس الممتدة داخل رأس موجودة فى الأسرة الـ18 فى الدولة الحديثة؛ نفرتيتى ترتدى تاج وداخل هذا التاج رأسين لأن نفرتيى أصلا رأسها طويلة.
كانت مشكلة كبيرة أن أتعرض لوجة مثل نفرتيتى أو اخناتون فى معرض بعد مشوارى الطويل مع الفن وهل ستنجح التجربة أم لا؟! وأعتقد أنه حدث تفاعل لأنى أعرف نفرتيتى من خلال زيارات متعددة لرؤيتها بالمتاحف.
* ثمة بورتريهات غير مكتملة لماذا ؟
أنا مغرم بالأجزاء الغير متكاملة فى البورترية .. الجزء الخفى، بمعنى أن يرى المتلقى بورتريهاً ولكنه بورتريه غير حقيقى, كل الوجوه التى نقابلنا فى حياتنا بها جزء كبير مخفى, وهناك متعة تكمن فى ألا يقول الفنان كل شئ ويدع الخيال يعمل على الجزء المخفي.
* من جمهورك المستهدف إذا جاز التعبير؟
أخاطب الناس المهمومة بالجمال والحقيقة، رغم أن خان مغربى من الجاليريهات الأولى للفن التشكيلى بالزمالك, وخاض مغامرة إقامة هذا المعرض رغم أنه لم يقيم معارض سابقة للفن المعاصر, وجمهور القاعة لم يعتد على هذه النوعية من المعارض, إلا أن المفاجأة أنه حدث تفاعل ونقاش طويل حول هذا المعرض مع زواره, وفى النهاية كل فن فلسفي جمهوره قليل. هناك مقتنين يقتنون أعمالاً فنيه لمجرد أنها تتفق مع قطع الأثاث بالمنزل فقط!
* من أين تستمد مفرداتك ومنطلقاتك الفنية؟
من حياتى الشخصية؛ فأنا أسافر كثيراً . ومن مفهومى لثقافتى وحياتى ووجودى. استمتع بالعمل الذى أقدمه ولا أخطط لعرض العمل عند التنفيذ, وربما أنفذ عملا ولا أعرضه. استمتع بأكبر قدر بالوسائط التى أحبها بعيداً عن فكرة التخصص والأسلوب الفنى, مثلما يوجد بالحياة جدران فهناك بشر تسير بجوار هذه الجدران، هناك فرح وحزن، حروب وسلام..
حوار: سماح عبد السلام
يسعى الفنان التشكيلى الدكتور محمد أبو النجا إلى تقديم أعمال فنية تحمل فكراً وفلسفةً متباينة وإثارة العديدة من التساؤلات حول ماهية الأمور المحيطة بنا، ومن ثم يؤكد على رغبته فى مخاطبة المتلقى المهموم بالجمال والحقيقة معاً دون الاقتصار على البعُد الجمالى فقط, وهو ما تحقق فى معرضه "نحن والدوائر"، الذى أقامة بخان المغربى..
* يحمل عنوان معرضك الأخير "نحن والدوائر" بعداً فلسفيًّا.. فما هى الرسالة التى أردت إيصالها من خلاله؟
أعتقد أننا جميعا داخل دائرة حتى من قبل الولادة. خُلقنا من الطين ونعود إليه. فكرة أن يصعد الإنسان من المنطقة الطينية إلى منطقة أعلى روحيانياً. هنا تقابل مع رقصة المولولية التى أبتكرها جلال الدين أبن الرومى الذى رأى أن حركة الجسد فى صعودها وهبوطها هى حركة دائما لأعلى بها حلم الصعود, وقد تأثرت بهذه الأمور وبالكتابات القديمة والطاقة التى يمكن أن تخرجنا من مكاننا الضيق إلى منطقة أكثر رحابة؛ وبالتالى كانت اللوحات الثابتة "نحن" أيا كانت نحن هذه، سواء مستمدة من التاريخ القبطى أو المصرى القديم والتراث من خلال الخامات الخاصة بى والورق الذى أستعمله, يصعد الورق ويظهر على شكل المعلقات فى حالة طيران, والرابط هنا ليس بعُد الخامة ولكن بعد تعبيرى، بمعنى كيف نخرج من المنطقة المادية التى تحبسنا داخل دوائر ونحن حاملين لتراث كبير, نخرج من منطقة الذاكرة نفسها.
* استعملت خامات غير معتادة لتنفيذ فكرتك.. حدثنا عنها؟
استخدمت بالفعل ورق البردى والقطن الأساس من تدوير قماش القطن وفرم هذا القماش وصنع منه عجينة ورق بعد إعادة تدويره, أستعيد هذه التقنية من خلال استفادتى بدراستى فى الهند لهذا النوع من الورق، حيث نفذت هذا المعرض فى الهند واليابان ومصر.
* ما هى طبيعة الكتابات التى رأيناها فى بعض الأعمال؟
هذه الكتابات سواء تم كتابتها أم لا هى طاقات؛ فالخط كطاقة, والكتابات الكلاسيكية مأخوذه من مناطق موجودة فى مصر كقالب وذلك للطاقة الجميلة الموجودة فيها لدخولنا عالم الدائرة. الإنسان يحمل كتبه ومعرفته، وهو جزء من عالم لمعرفة. خطوطنا حتى تلك الموجودة على باب المسجد أو الأثار و والأماكن القديمة.
* ولماذا استخدمت اللون الذهبى بصورة كبيرة؟
اللون الذهبى استغرق معى وقتا طويلا لكى أتجاوز عن فكرة الديكور, كنا قديما فى الأكاديمية لا ننصح باستخدام اللون الذهبى والفضى ونعتبر استخدامهما أعمال تزينية, ولكن عندما سافرت للهند وسنغافورة واليابان وجدت أن هذا اللون له بعد درامي فى طقوسهم الدينية وأفراحهم, وهو ما جعلنى أنظر لهذا اللون بعين مختلفة. مزجت بين الذهب بإحساسى بالمصرى القديم والتابوت الخاص به، والذهب الذى شعرت به فى احتفالات اليابان وسنغافورة به كجزء من أفراحهم وحتى الأحزان فى طقوسهم؛ فبدأت أتعامل مع ورق الذهب بطريقة مختلفة؛ لإيصال التعبير فى حالة روحية أكثر من التزين.
* يوحى المعرض وطريقة العرض بحالة متحفية فلماذا لجأت لتلك الآلية؟
لأنى استفدت جدا من الثقافية البصرية للأشكال التراثية سواء للفن القبطى أو الإسلامى, وكيف أن قوة البورترية القديمة مازالت تعطينا هذه الطاقة. هناك سر يربطنا بهذا التراث. عندما كان يصنع الفنان قديما تابوتاً للملك أو تمثالاً لم يكن يقصد به عمل فنى بقدر ما هو يعبر عن فلسفته؛ وبالتالى شعرت بذلك.
* اتخذت بعض الأعمال الشكل الطولى للأعمال فهل من فلسفة لذلك ؟
هذا شكل كلاسيكى للملكة نفرتيتى فى البناء فقط, ولكن كل أشكاله الداخلية تعد تعبير عن الطاقة التعبيرية التى أريدها. عندنا تراث كبير جداً من الاستطالة من خلال الوجود المستطيلة من خلال الوجوه المصرية القديمة, فكرة الرأس الممتدة داخل رأس موجودة فى الأسرة الـ18 فى الدولة الحديثة؛ نفرتيتى ترتدى تاج وداخل هذا التاج رأسين لأن نفرتيى أصلا رأسها طويلة.
كانت مشكلة كبيرة أن أتعرض لوجة مثل نفرتيتى أو اخناتون فى معرض بعد مشوارى الطويل مع الفن وهل ستنجح التجربة أم لا؟! وأعتقد أنه حدث تفاعل لأنى أعرف نفرتيتى من خلال زيارات متعددة لرؤيتها بالمتاحف.
* ثمة بورتريهات غير مكتملة لماذا ؟
أنا مغرم بالأجزاء الغير متكاملة فى البورترية .. الجزء الخفى، بمعنى أن يرى المتلقى بورتريهاً ولكنه بورتريه غير حقيقى, كل الوجوه التى نقابلنا فى حياتنا بها جزء كبير مخفى, وهناك متعة تكمن فى ألا يقول الفنان كل شئ ويدع الخيال يعمل على الجزء المخفي.
* من جمهورك المستهدف إذا جاز التعبير؟
أخاطب الناس المهمومة بالجمال والحقيقة، رغم أن خان مغربى من الجاليريهات الأولى للفن التشكيلى بالزمالك, وخاض مغامرة إقامة هذا المعرض رغم أنه لم يقيم معارض سابقة للفن المعاصر, وجمهور القاعة لم يعتد على هذه النوعية من المعارض, إلا أن المفاجأة أنه حدث تفاعل ونقاش طويل حول هذا المعرض مع زواره, وفى النهاية كل فن فلسفي جمهوره قليل. هناك مقتنين يقتنون أعمالاً فنيه لمجرد أنها تتفق مع قطع الأثاث بالمنزل فقط!
* من أين تستمد مفرداتك ومنطلقاتك الفنية؟
من حياتى الشخصية؛ فأنا أسافر كثيراً . ومن مفهومى لثقافتى وحياتى ووجودى. استمتع بالعمل الذى أقدمه ولا أخطط لعرض العمل عند التنفيذ, وربما أنفذ عملا ولا أعرضه. استمتع بأكبر قدر بالوسائط التى أحبها بعيداً عن فكرة التخصص والأسلوب الفنى, مثلما يوجد بالحياة جدران فهناك بشر تسير بجوار هذه الجدران، هناك فرح وحزن، حروب وسلام..