القاهرة 16 ابريل 2019 الساعة 10:43 ص
كتبت: عبير عبد العظيم
• لماذا ترك المهمة للمقاولين وعدم الاستعانة بخبراء الآثار
• وزيرة الثقافة ناشدت المحليات ضرورة إشراك أساتذة الفنون التشكيلية ولكن لا حياة لمن تنادي
اشتهرت مصر منذ القدم بالنحت للتماثيل والتخليد لكل الذكريات الهامة، وتفردت مصر فى نحت وتصميم تماثيل ظلت وستظل مثار إعجاب العالم أجمع حتى اليوم، ولكن المتتبع للتماثيل الموجودة بميادين المحافظات أو بالطرق العامة والرئيسية سيجد أن الامر بات مختلفا لدرجة أن التماثيل اصبحت تمثل أداة قبح يخجل منها القاصى والدانى !
الظاهرة التى طالت مياديننا والمدن الكبرى والمحافظات بدأت منذ عدة سنوات متمثلة فى تمثال سيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم؛ بعدما اعتلى الغبار والتراب التمثال فقرر المسؤلون المحليون ترميمه، وليتهم ما فعلوا فقد قاموا باستخدام أدوات بدائية نالت من التمثال، وبدلا من ترميمه قامت بتخريبه! وقس على ذلك أكثر من مائة تمثال آخر فى عدة مدن رئيسية بالمحافظات المصرية .
وسُجلت " مصر المحروسة " وقائع عدة لطلاء تماثيل منحوتة بمواد رديئة تستخدم فى طلاء السيارات وغيرها مثل «الدوكو» أو معجون طلاء المنازل الذى يعمل على طمس معالم التمثال أكثر مما يبرزه، ويُحوّل العمل الفني إلى قطعة حجرية قبيحة .
فقد شهدت أسوان تعرّض تمثال عباس العقاد، الذى قام بنحته فاروق إبراهيم وتظهر فيه قيمة العقاد وقامته، للكسر بعد تنفيذ قرار بنقله إلى ميدان أكبر لتزيينه، الأمر الذى تطلب ترميمه، وللأسف أصبح بعد الترميم دمية مزخرفة بألوان غير متناسقة، أفقدته أي قيمته الفنية.
وكذلك تمثال الزعيم أحمد عرابي في محافظة الشرقية، وهو تمثال مصنوع من الجرانيت الصلب ولكنه تحوّل للوحة يرسمها طفل في مهد تعلمه يفرح بالألوان، كما انتقده المتخصصون خاصة بعدما تم طلاء وجه عرابى باللون الأخضر !
و تمثال رائد نهضة التعليم في مصر رفاعة الطهطاوي، حدث ولا حرج، فمجرد شروخ بسيطة فيه حولته إلى شخص آخر ما زالت هويته مجهولة وذلك بمحافظة سوهاج ! ولم يسلم تمثال الخديوي إسماعيل عند مدخل كورنيش الإسماعيلية المطل على قناة السويس من التشويه بعد طلائه باللونين الأسود والأبيض، حتى أن معالم وجهه توارت خلف مادة الطلاء سوداء رديئة.
ويعد تمثال الفلاحة للفنان الراحل فتحي محمود في شارع الهرم في حي الجيزة مثال حى على القبح والتشوه، وذلك بعدما تم طلية باللون الأبيض مع تزيين سمته الفرعوني باللونين الأزرق والذهبي، ليتحوّل إلى مسخ لا يمكن معه تصور أن هذا الشارع ينتهي بواحد من أعظم التماثيل المنحوتة على وجه الأرض، تمثال "أبو الهول"!
ويرى الدكتور علي قطب خبير الترميم ألأثري أن "عمل النماذج والتماثيل القديمة بمثابة مسئولية مشتركة بين وزارتي الثقافة والآثار إلى جانب المسؤلين بالمحافظات، الذين لابد لهم من الاستعانة بالفنانين التشكيليين في كل محافظة، وخبراء الترميم بوزارة الآثار بالإضافة إلى التنسيق مع المتحف المصري فيما يتعلق بالنسخ المراد تقليدها من التماثيل الفرعونية".
تلك الظاهرة استدعت تدخلاً حكومياً على أعلى مستوى؛ إذ أصدر رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل قراراً يُلزم المحليات الاستعانة بخبراء من وزارة الثقافة في عمليات ترميم التماثيل التي تزين الميادين. لكن هذا القرار لم يُطبق في كل تلك الوقائع ، حتى أن وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم ناشدت مراراً وتكرارا مسئولي الأحياء والمحافظات بالاستعانة بالخبراء من وزارة الآثار والثقافة، وعدم ترك الأمر للمحليات بمفردها، ولكن لا حياة لمن تنادى !!