القاهرة 09 ابريل 2019 الساعة 01:10 م
حوار ـ أحمد مصطفى الغـر
شغفها بقراءة القصص جعلها تختار مسار الكتابة والإبداع كنهج وأسلوب إبداعي، فصار حلم الكتابة يراودها منذ نعومة أظافرها، توالت الأيام ونما ذلك الحلم معها كما تنمو النبتة الصغيرة، وكهاوية بدأت ضيفتنا الكتابة وهي في الصف الخامس الابتدائي، لكن سرعان ما تحولت الهواية إلى احتراف، فكانت هي الكاتبة والقاصة السعودية (هالة القحطاني) التي تنقلت بالكتابة بين العديد من الصحف السعودية لتثري الصحافة بأحرفها، مجلة "مصر المحروسة" التقتها، لنحاول فتح خزائن أسرارها وسبر أغوار ذاكرتها، في حوار ماتع عن الأدب والصحافة والحياة:
• بادئ ذي بدء، في الجامعة درستِ تخصص لم تختارينه، وقلتِ لاحقاً أن السبب هو"عجز الجامعات في ذلك الوقت علي استيعاب طموحات وأحلام جيلك"، لكن سرعان ما رأينا كاتبة فذة وقاصة مبدعة، فهل كنتِ قاسية في الحكم على تعليمك الجامعي؟!
لم أكن قاسية على تعليمي أبداً، بل على النظام الجامعي الغير مرن، الذي كان يحرمنا حق الإختيار, ثم أن الكتابة في رأيي الشخصي لا علاقة لها بالتعليم الجامعي، إن لم يكن هناك موهبة وخيال من الأساس فلا يمكن للكاتب أن يبدع حتى لو درس الكتابة والتأليف، فالابداع هو أمر غير موجه بالمرة، فقد تولد الفكرة من خلال موقف أو كلمة أو حتى صورة، إذ يتشكل الابتكار في التجسيد والإبداع لخلق جو من الإثارة المعرفية والعقلية.
• لكل تميز وإنجاز لا بدّ أن تكون بداية، فمتى رست سفينة "هالة القحطاني"على ضفاف الحرف وفي موانئ الصحف؟، ومن ساعدها في أول مشوارها الصحفي والأدبي؟
منذ أن وقعت يدي على قصص المكتبة الخضراء.. تستطيع أن تقول بدأت حياتي الحقيقية وأصبحت أكثر متعة!، ففي المرحلة المتوسطة بدأت محاولات لنشر كتاباتي خفية عن طريق بريد القراء، وفي المرحلة الثانوية كتبت باسم "هالة عبدالله" بإصرار شخصي دون مساعدة، إلى أن حققت أول خطوة، كل شيء كان يحدث آنذاك بتلقائية بحتة.
• أي المجالات هى التي تستهويكِ للخوض فيها أكثر من خلال مقالاتك؟
عادةً المجالات الاجتماعية التي تلامس احتياجات الإنسان اليومية، والحقيقة هي لا تستهوينِي على قدر ما تدفعني لتناولها، فأحياناً بعد أن أنتهي من كتابة مقال، ويستجد أمر على الساحة، أجد نفسي أكتب مقال آخر يلح عليّ في تلك اللحظة فأنشره !
• في أحد كتاباتك، انتهت المقالة بسؤال: "من الذي شوه الحب ودفعه إلى عبور هذه الطريق الشائكة، التقاليد أم الظروف أم البشر؟!" ، فهل لنا الآن أن نعرف الإجابة من صاحبة السؤال ؟
كلها مجتمعة ، وأكثر من ذلك.
• تتنوّع المواهب عند البشر، كما تتعدّد أنواع البيئة والتربة، فهناك الصحراء والجبل والسهل والبحر، ولكلّ منها نكهتها الخاصّة، كذلك جماليّة الكتابة النسوية تكمن في هذا التنوّع الجميل كتنوّع الألوان والأزهار، وما علينا إلّا أن نختار ما يلائم أرواحنا وأذواقنا، وخير من يتحدث عن هموم المرأة هو إمرأة مثلها، فهل لك أن تحدثينا عن همومها؟، وكيف تقييمن واقعها اليوم؟
هناك تقدم نوعي، لكن يحدث ببطء شديد جداً، فمازال على المرأة أن تصارع من أجل حقوقها البسيطة، ومازال عليها أن تتكبد الكثير من الخسائر المعنوية والمادية من أجل التحرك داخل بيئتها، ولكن ـ مثل كثيرات غيري ـ متفائلة بأن صوت الحراك النسوي المستمر منذ سنوات، أصبح مسموع أكثر وقد تمكن من صنع بعض التغيير. فالمرأة هي نصف المجتمع بل هي المجتع كله، فنحن نلحظ بالآونة الاخيرة ازدياد عدد الكاتبات والأديبات المميزات، فهن الأمهات والاخوات، لذلك أرى أن المرأة العربية تشغل موقعا كبيرا، والإصدارات المميزة تحمل أسماء مؤلفات رائدات في عالم الأدب والكتابة.
• جمعتِ هموم المرأة العربية وأغلقتِ عليها "قفص العصافير"، في أي واقع مؤلم لابد من وجود لمسة حنان، قوة روحية تساعد على البقاء والصمود، فهل لك أن تحدثينا قليلاً عن تلك المجموعة القصصية؟
فكرة الكتاب تهدف لتوثيق وتدوين هموم المرأة العربية في فترة معينة من الزمن، حيث كان لدي إحساس بأن أسباب التعاسة والمعاناة في تلك القصص سيتوقف عند زمن محدد، ويصبح جزء من تاريخ ولى ومضى ، فكتابتها بحد ذاتها بالنسبة لي تعد خطوة في صناعة تغيير واقع المرأة العربية.
• وراء كل كتاب فكرة ووراء كل فكرة خطوة للامام فالكتب هي الأثر الأكثر بقاء على الزمن، لكن هل حدث أن تعرض مقالك في أي صحيفة لمقص الرقيب؟
نعم، بشكل طفيف جداً، ومن منا لم يتعرض لهذا المقص.
• هل هناك مواضيع تطرقتِ إليها وتمنيتِ لو أنكِ لم تفعل فيما بعد؟ وما هي الأسباب التي تدفع الكاتب/الكاتبة إلى "الندم الأدبي" إن صحت التسمية؟
لم أختبر هذا الإحساس بنفسي، ولم أندم من قبل على كتابة موضوع أو قصة، فالكتابة هي جزء من شخصيتي وهي مشروع حياة كامل ومتكامل.
• التطور التكنولوجي حاصل ولا مهرب منه، فهو الوسط الذي تتواصل من خلاله الأجيال الجديدة. لكن في عصر الانترنت والسماوات المفتوحة، هل مازال للرقابة دورها وتأثيرها، أم بات من الضروري وضع معايير أخلاقية عامة يراقبها كل كاتب من داخله؟
الرقابة والمنع لا يجديان في هذا الزمان، وممارستهما يعكس حجم ترهل العقلية القديمة التي لا يمكن أن تقدم أي أفكار جديدة، تواكب الواقع الذي نعيشه؛ ولكن مهم أيضا أن يعي كل كاتب أبعاد الخطوط الحمراء، وأن يكون لديه معايير محددة كي لا يجد نفسه وحيداً في منتصف العاصفة.
• كلّ لحظة نعيشها، نعيش معها قصة تخترق وجداننا، أو مقالة تلامس أرواحنا، فتتحرّر الكلمات محمّلة بأسرار الأرض ومكنونات السّماء، لكن أين تجد "هالة القحطاني" نفسها أكثر: في القصة القصيرة، أم المقال؟
في القصة طبعاً، مع أن الموعد النمطي لنشر المقال قيدني وسرقني كثيرا من القصة، ولكن يبقى ولائي وشغفي للحبيب الأول.
• بالرغم من مشاركة المرأة الفعالة في بناء المجتمع وتبوئها المناصب الإدارية والسياسية المختلفة ووصولها لمقاعد البرلمانات العربية والوزارات، إلا أن دورها ما زال محدودا وصلاحياتها مقيدة، فكيف تنظرين لواقع المرأة العربية العاملة في مجال الصحافة والإعلام اليوم؟
أرى حضور قوي ينقصه الدعم والظهور كما تريد هي، وليس كما هم يريدونها أن تظهر.