القاهرة 12 مارس 2019 الساعة 11:29 ص
كتب : صلاح صيام
ما زلنا نحلق فى سماء الشعر, نغوص فى بحوره , ونستخلص ما فيها من كنوز, ونحاول رصد الخلل و رأب الصدع, وبما أن أهل مكة أدرى بشعابها, اليوم موعدنا مع واحد من أبرز شعراء جيل الشباب فى ليبيا, حصل على الماجستير في الأدب العربي، وهو الآن بصدد إنجاز أطروحة الدكتوراه، كتب الشعر في منتصف تسعينيّات القرن الماضي، وصدرت له عدة دواوين، شارك في العديد من المهرجانات الدولية والمحلية, كما شارك بأوراق نقدية في مؤتمرات داخل ليبيا وخارجها، وحصل على المركز الأول في النقد في المسابقة التي نظمتها المؤسسة العامة للثقافة بليبيا.
الشاعرالليبي عبد الحفيظ العابد قال أن النقد ظلم الإبداع اللييبى, وأن اختزال العملية الإبداعية فى ابراهيم الكونى وإبراهيم الفقيه ظلم, وأضاف أن الحداثة الشعرية لم تقطع التواصل مع الموروث, وأن ثورات الربيع العربى سوف تفرز إبداعا مختلفا.
سألناه هل انتهى زمن الشعر وهل مازال ديوان العرب؟
فقال: اعتاد كثيرون على إعادة مقولة الشعر ديوان العرب التي جرت على ألسنة بعض النقاد القدماء دون النظر في دلالاتها، ومن غير اعتبار للشرط التاريخي لقائلها، وللفترة الزمنية التي يُوصف فيها الشعر بأنه ديوان العرب، ولا أدري من أين اكتسبت هذه المقولة كلّ هذه القداسة حتى صارت مسلّمة ينبغي التصديق بها، وكيف للشعر ألا يتخلّى عن غاياته الفنية وهو يتحوّل إلى وثيقة تاريخيّة، أو مدونة علمية، هذه المقولة التي تذمّ الشعر من حيث تريد أنْ تمدحه! كغيرها من المقولات الأخرى التي أُخذت دون تدقيق، ولهذا لم يكن الشعر ديوان العرب بهذا المفهوم، وهذا يفسّر سبب بقائه؛ لأنّه يؤسّس لزمنه العمودي الخاص الذي يتقاطع مع الحركة الأفقية للتاريخ.
وهل فقد القارئ العربي تواصله مع الشعراء؟
يبدو أنّ القارئ العربي في كثير من الأحيان لم يخرج عن دائرة التلقّي السلبي، ولم يفهم قوانين اللعبة الجديدة التي أوجدها التحوّل من الإنشاد والإلقاء إلى القراءة، وربما يرجع ذلك إلى وجود ما يدعم ثقافة الإلقاء نحو خطب الجمعة وغيرها، فالقراءة فعل ينجزه المتلقّي نفسه بعكس الإلقاء الذي هو فعل ينجزه الشاعر أو من ينوب عنه، ولهذا السبب تحظى القصيدة التي حافظت على منبريتها مثل: الشعر النبطي أو الشعبي، والقصيدة المحكية بجمهور كبير، ولأنها أيضاً في الغالب تحافظ على سماتها الفنية التي اكتسبتها في مرحلة الإنشاد.
هل نملك شعراء جادين؟ ما تقييمك لحالة الشعر العربي حالياً؟
بالتأكيد؛ لأنّ الشعر لم ينقطع عن التجريب، واكتساب سمات نوعية جديدة، وهذا يعني أنه يندرج ضمن الحركيّة الإبداعية المطلوبة، لكنّ هذه التجارب الجادّة تغيب في ظلّ هذا المديح المجاني الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي، وفي ظلّ غياب قراءات نقدية جادة تواكب هذه التجارب، وضمن هذه اللعبة الاجتماعية التي يتخلّى فيها الشاعر عن دوره الإبداعي؛ ليتحوّل إلى كائن اجتماعي يحسن التواصل مع مسؤولي النشر ومديري المهرجانات الشعرية, تغيب كثير من التجارب الشعرية المهمّة.