القاهرة 12 فبراير 2019 الساعة 12:11 م
كتب: صلاح صيام
نواصل الحديث عن أدب الأطفال , القضية المهملة فى عالمنا العربى , واليوم نلتقى مع الكاتب محمد جمال عمرو مدير تحرير مجلة حكيم للأطفال فى الأردن ليحدثنا عن القضية, ويجيب عن أسئلتنا علنا نكشف النقاب عن التفاصيل وإلى تفاصيل الحوار.
•حدثنا عن أدب الأطفال في بلدكم، كيف كانت البداية؟
الحديث عن أدب الأطفال في الأردن يعني بالضرورة الحديث عنه في فلسطين أيضاً، فهما ميدان واحد، نشأ سنة 1928م على يد أساتذة منهم: إبراهيم البوراشي، وإسكندر الخوري، وإسحاق الحسيني، وراضي عبد الهادي، وعيسى الناعوري، وروكس العزيزي، وخليل السكاكيني،.. ثم برز كتاب وشعراء تخصصوا فيه ، ليحتل مكانته إلى جانب أدب الطفل العربي.
هيمنت القضايا الوطنية - وفي مقدمتها قضية احتلال فلسطين- على موضوعات أدب الأطفال في الأردن وفلسطين، وتسعى سلطات الاحتلال إلى تنمية الوعي الصهيوني لدى الأطفال، وإلى تشويه صورة العرب، في حين نلحظ ضعف ما يقدم للطفل الفلسطيني.. وحين أسست "دار الفتى العربي" في لبنان عام 1973م، أولت اهتمامها لثقافة الطفل الفلسطيني، ونشرت لأدباء عرب أمثال: معين بسيسو، سليم بركات، توفيق زياد، زكريا تامر، وزين العابدين الحسيني،..
وكان الأردن المصدر الرئيس لتزويد الطفل الفلسطيني بأدبه وثقافته، من خلال ما يمرره من إصدارات عربية وأردنية ينتجها كتاب ورسامون أردنيون وفلسطينيون، إلى أن أسست المؤسسات المعنية بثقافة الطفل وأدبه في فلسطين، وافتتحت دور النشر، وبوشر بإصدار كتب ومجلات للأطفال في محاولة لسدّ النقص الحاد في أدب الأطفال هناك.
** ما هي أبرز الأسماء التي وظفت قلمها لأدب الطفل في الأردن؟
*قائمة الأدباء الذين اهتموا بأدب الطفل الأردني طويلة، والدوافع التي جعلتهم يلتفتون إلى هذا النوع من الأدب متنوعة، ومن الشعراء الذين كتبوا للطفل الأردني: يوسـف العظـم، حسنـي فـريـز، كمـال رشيـد، علـي البتيـري، محمد جمال عمرو، راشـد عيسـى، محمـد الظاهـر، محمـود الشلبـي، مصلح النجار، يوسف حمدان، غازي المهر، وتنوعت قصة الطفل في الأردن من حيث مضامينها، ونشر كم غزير منها، ومن كتّاب قصة الطفل في الأردن: روضـة الهدهـد، تغـريد النجـار، منيـر الهـور، هـدى فاخـوري، نبيـل الشريـف، سنـاء الحطـاب، محمود أبو فروة الرجبي، عبير الطاهر، سحر ملص، هيا صالح, وعند الحديث عن مسرح الطفل في الأردن يشار إلى أن أول مسرحية قدمت للأطفال كانت سنة 1970م بعنوان: "عنبرة والساحرة"، لمخرجتها مارغو ملتجليان، وبعها كتب مسرحيات للأطفال كتّاب منهم: محمد بسام ملص، أكرم أبو الراغب، غنام غنام، زهير كحالة، يوسف البري، حسن ناجي، نادية أبو طه، جميل عواد، فتحي عبد الرحمن، لينا التل، أحمد الكواملة، منصورعمايرة.
والحديث عن أدب الطفل في الأردن يقودنا إلى الحديث عن صحافته المتمثلة في مجلات تعثرت وتوقف معظمها عن الصدور لأسباب مختلفة، فمن مجلة سامر التي صدرت في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، إلى جريدة فارس التي صدرت كذلك السبعينيات، إلى مجلة لونا، ومجلة أروى، ومجلة الكرتون العربي، ومجلة براعم عمان، ومجلة حاتم، وغيرها.
واليوم، تصدر في الأردن مجلات للأطفال منها: مجلة وسام- وزارة الثقافة، ومجلة الشرطي الصغير- الأمن العام، ومجلة الإطفائي الصغير- الدفاع المدني، ومجلة حكيم- قطاع خاص.
** ماذا عن أدب الطفل في الوطن العربي؟ كيف كانت نشأته؟
الحديث عن أدب الطفل في الوطن العربي يطول، إذ يرجع الباحثون نشأته إلى مصر في عهد محمد علي باشا، حين أصدر رفاعة الطهطاوي قصصه المترجمة "حكايات للأطفال"، و"عقلة الإصبع" وغيرها، ثم ظهر من الكتاب والشعراء من اهتم به أمثال: أحمد شوقي، وعلي فكري، ومحمد الهراوي، وكامل كيلاني،.. ثم انتقل الاهتمام بأدب الأطفال إلى أرجاء الوطن العربي، فنشأ في سوريا حين أصدر الشاعر عبد الكريم الحيدري ديوانه: "حديقة الأشعار المدرسية"، كما أصدر عادل أبو شنب مسرحية: "الفصل الجميل"، وأصدر الشاعر الفلسطيني أبو سلمى عبد الكريم الكرمي ديوان: "أغاني الأطفال" في دمشق سنة 1964م، ثم برز سليمان العيسى فأصدر مسرحيات غنائية، ثم "أناشيد للصغار" سنة 1977م، ثم: "غنوا أيها الصغار". كذلك أبدع الشاعر بيان الصفدي قصائد جميلة لقيت رواجا كبيرا لدى الطفل السوري والعربي، وحديثا برز اسم الدكتور مصطفى عبدالفتاح كواحد من شعراء الطفل العربي، وبرز اسم الشاعر قحطان بيرقدار، إلى جانب القصص التي كتبتها لينا كيلاني، عادل أبو شنب، وجيكر خورشيد ومهند العاقوص وسواهم،..
وفي العراق صدرت مجلة "التلميذ العراقي" سنة 1922م، وكتب فيها نخبة من المربين، وبعدها توالى الاهتمام بأدب الأطفال، فصدرت مجلة: "مجلتي" الأسبوعية سنة 1969م ، وكانت نواة لدار ثقافة الأطفال التي تأسست في السنة نفسها، وأصبحت مدرسة للكتّاب والرسامين الذين رفدوا مكتبة الطفل العربي بكم هائل من الأعمال الجيدة، منهم: فاروق سلوم، وفاروق يوسف، وشفيق مهدي، وطلال حسن، وعبدالرزاق المطلبي، وجليل خزعل، ومحمد جبار حسن،..
في الخليج العربي تأخر ظهور أدب الطفل، واهتمت به دولة الكويت فأسست "الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية" عام 1980م، وأصدرت مجلة العربي الصغير، ومجلة سعد، ومجلة سدرة، وبرز في الكويت كاتبات أدب طفل منهن: لطيفة بطي، وأمل الرندي، ومنيرة العيدان، ونهى دخان،.. ثم أصدرت أبو ظبي مجلة "ماجد"، وبرز في الإمارات كتّاب وكاتبات مثل: د. فاطمة البريكي، ميثاء الخياط، د. علي الحمادي، أسماء الزرعوني، نورة النومان،.. وأصدرت قطر مجلة "حمد وسحر" ثم مجلة "جاسم"، وبرز من الكاتبات القطريات د. حصة العوضي،.. وأصدرت سلطنة عمان مجلة "مرشد"، وممن يكتبون للأطفال في السلطنة د. وفاء الشامسي، د. فاطمة اللواتي، بينما أصدرت السعودية مجلة "باسم" لتتوقف بعد مسيرة حافلة، ومثلها مجلة حسن ومجلة الشبل ومجلة الجيل الجديد، ونشرت جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض سلسلة إصدارات سدت ثغرة في مكتبة الطفل العربي، وبرز في السعودية كتاب منهم: يعقوب إسحق، فرج الظفيري، أمل الشلوي،..
وفي المغرب العربي يعد الباحثون الشاعر المغربي علال الفاسي الرائد في عالم الكتابة للطفل، سواء في النشيد أو الحكاية الشعرية، ويشار إلى أن"كشكول الصغير" كانت أول مجلة أصدرها عبد الغني التازي في المغرب عام 1941م، وتصدر اليوم مجلة "واز" باللغتين العربية والفرنسية، وكتب للأطفال كتاب منهم: أحمد زيادي، وعبد السلام البقالي، وحميد السملالي، والعربي بنجلون، والمليباري، ومحمد الصباغ، ومنجيدة عبد اللطيف، وعبد الرحيم الكتاني، وعبد الحق الكتاني، ومحمد شودان، والشاعر علي الصقلي الذي حاز جائزة الملك فيصل في أدب الأطفال، وزهير قاسيمي، وغيرهم،..
ولعل المقام هنا لا يسمح بالحديث عن أدب الطفل في بقية الدول العربية.
** أين يقع أدب الطفل العربي من الأدب العالمي للطفل؟
ظل أدب الطفل العربي زمنًا مقتصرًا على كتب المطالعة المدرسية ومجلات الحائط، إلى أن جاء الاعتراف بأدب الطفل العربي متأخرا، وبوشر بتأسيس مؤسسات تعنى بالطفل وثقافته وأدبه في سبعينيات القرن الماضي، ولعل نظرة في بعض الإحصائيات المتصلة بالكتاب والمطالعة عمومًا توضح موقعنا على خارطة الأدب العالمي، إذ أنتجت الدول العربية مجتمعة 6500 كتاب عام 1991، في حين أنتجت أميركا الشمالية 102000 كتاب في ذلك العام، علما أن الكتاب العربي يطبع منه ألف نسخة، في حين يطبع الغرب 50 ألف نسخة من كل كتاب، ويشير تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو أن العربي يقرأ ربع صفحة سنويا، كما يشير تقرير مؤسسة الفكر العربي 2011 أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويا، بينما يقرأ الأوروبي بمعدل 200 ساعة سنويا.
إن نظرة عابرة في هذه الأرقام تكفي لأن ندق نواقيس الخطر، وأن تتضافر جهود المعنيين بأدب الطفل العربي وثقافته أفرادا ومؤسسات لتدارك الخلل الذي يعيشه أطفالنا، وللسعي إلى إنتاج أدب عربي للطفل يكون متميزا شكلا ومضمونا، ويكفي لسد النقص في مكتبة الطفل العربي، وحتى نتمكن من الاقتراب بأدب الطفل العربي من أدب الطفل في الغرب ولا أقول نصل إلى ما وصل إليه.
لقد اهتم الغرب بالطفل وأدبه ووضعه في مقدمة اهتماماته، ووظف له الإمكانات كلها، وشرع له القوانين وأسس المؤسسات ورصد الجوائز التي من أهمها جائزة هانز كرستيان أندرسن لأدب الطفل في الدنمارك، وتمنح لمؤلف ورسام كل عامين.