القاهرة 22 يناير 2019 الساعة 08:54 ص
أزمة ثقافة "فلذات الأكباد" مستمرة .. والمستقبل مجهول
كتب : صلاح صيام
ثقافة الأطفال في أزمة، وهذا يعني أن المستقبل مجهول، ويجب أن نتعرف عليه، بهذة الجملة الصادمة فجأنا الكاتب محمود قاسم عندما سألناه عن أدب الأطفال فى مصر ، ما له وماعليه، لنقف على ركائز المشكلة ونحاول وضع حلول لها.
أوضح" قاسم " فكرته قائلا: في البداية لم تكن هناك مجلات للأطفال، ثم بدأت المؤسسات الصحفية ببطء شديد فى عمل ركن للأطفال بهدف زيادة المبيعات، ومع انتشار صحافة المجلات خاصة في القرن العشرين انتبهت المؤسسات التعليمية الي أهمية الثقافة في حياة التلاميذ، وبدأت ظاهرة مجلة المدرسة في الظهور وتباين توقيت الإصدار .
ومجلة الأطفال تصدر كي تناسب عقليات الصغار حتي سن الثامنة عشر، وهو سن ظل يتباين من حقبة لأخرى، وقد كان عيب هذا التقسيم هو أن الرضيع والشاب الذي في الثامنة عشر يعتبران في المنظور الدولي طفلا، وبالنسبة للعالم العربي فقد فشلت كافة التجارب لعمل إصدارات ثقافية خاصة بمن هم تحت سن العشرين، ورغم المحاولات إلا أن أعمارها كانت قصيرة جدا، وقد تطورت مجلات الأطفال فصارت الرسوم المبسطة هي أهم ما في المجلة لدرجة أنه يشترط أن تحتوي المجلة على أكثر من ستين بالمائة رسوم خاصة ما سمي فيما بعد بالاستربس أو الكوميكس باللغة الانجليزية، وباللغة الفرنسية bande dessine.
وأغلب المجلات التي صدرت باللغة العربية لا تشير إلي أعمار الأطفال الذين عليهم قراءة المحتوي، ولعلنا نذكر أن مجلة " سمير" ظلت تتخذ شعارا لأكثر من اربعين عاما أنها موجهة لمن تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثامنة والثمانين، وهو أمر أقرب إلى المزحة، لكنه أمر حقيقي فيما يخص مجلة " ميكي" التي ظلت الأجيال تقرأها في كافة أعمارها، لكن بتصفح كافة المجلات الثقافية العربية التي صدرت للأطفال سوف نلاحظ انه لم يكن هناك تقسيم عمري بالمرة في المجلات العربية، باعتبار أن مجلة تعني قراءة واستيعاب للكلمة المقروءة، بالاضافة الي الرسم التوضيحي بكافة أشكاله، وفيما بعد انتبه بعض رؤساء التحرير إلى أهمية أن يساهم أطفال ما قبل المدرسة في المجلات، فكان يتم تخصيص صفحات قليلة مليئة بالمساحات المتسعة، مشيرة الى أن هذه الصفحات مخصصة للأخ الأصغر، وقد نبه هذا الي أن الطفل هو الذي يقتني المجلة، لذا يجب التعامل معه كقارئ مستقل، ونادرا ما رأينا المجلات توجه الى أفراد الأسرة الكبار سواء الوالدين أو الأجداد، وإن كان هذا يحدث مع كتب الأطفال حيث يفضل للكبار المشاركة في أو القيام باختيار الكتب، وهذا يعنى أن علاقة الطفل بالمجلة تحدد له شخصيه، ومرحلته العمرية، فهو الذي يختار المجلة، كما انه يختار مايشاء من مواد يقرأها، وله حرية التصرف في مكاتبة المجلة أو المشاركة في مسابقاتها.
و يضيف "قاسم" : بدأت مجلات الأطفال في السنوات الأولي من القرن العشرين، فمجرد انها للأطفال يعني انها مخصصة " لقارئ " معين له سن وهوية خاصة، وفي هذه المجلات هناك أبواب تحريرية يتكرر، منها الصفحات الدينية والعلمية والطبية والتعريف بالشخصيات وصفحات التسالي والمسابقات والقصص القصيرة والقصائد، وأيضا بريد القراء، بالاضافة الي صفحات الاستربس، وتتنوع عناوين الأبواب من مجلة الي أخرى حسب منظور رئيس التحرير، كما أنه في أغلب الأحيان فإن إدارة التحرير لن تخرج عن هذا التبويب، كما أن التنوع في النشاط يستوجب وجود محررين أو رسامين من طاقم المجلة، لكن في أغلب الأحيان فإن تعاونا مع المؤلفين أو الفنانين غير العاملين بالمؤسسة، مهما كان عمر المجلة المطبوعة هم الركن الاساسي الذي تعتمد عليه المجلة.
ومن المهم التعرف علي مجلات المدارس، التي لم يتوقف عندها الدارسون وتاهت في أروقة المدارس، ومن المهم أن نتعرف علي هويتها فهي مجلات ثقافية مجانية تسعي إلى اكتشاف المواهب الجديدة وسط التلاميذ وتشجيعهم وإعطائهم الفرص للنشر للمرة الأولى، وهي تصدر مرة واحدة في العام، غالبا ما يكون ذلك في نهاية العام الدراسي وتوزع في الحفل الختامي للأنشطة المدرسية، وهذا يعني انه ليست كل المدارس منوطة بإصدار هذه المجلات فالأمر يحتاج الي تمويل، وايضا على مستوى عال من المدارس فيما نسميه بالمدارس النموذجية أو الخاصة، وهي ظاهرة لم تنته قط وانما تقلصت، حيث أنها تصدر الآن بلغات أوروبية وبالإنجليزية بشكل خاص .. ومن هذه المجلات" الحديقة والمنزل" التي صدرت عام 1938 و" الفيوم الثانوية " التي صدرت عام 1949، ومجلة " صوت النقراشي" التي صدرت لعدة سنوات ابتداء من عام 1957 عن مدرسة النقراشي ايمانا بأن رسالة الصحافة المدرسية هي الميدان الرحيب للتربية العلمية والاجتماعية والفنية وأن الصحافة بالمدرسة النموذجية دائمة التطور، المجلة من اعداد جماعة الصحافة المدرسية وهدفها تربوي ثقافي، ويضم العدد الذي بين يدينا خطابا من رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر بالتهنئة بصدور أعداد سابقة بالاضافة الي حوار مع ناظر المدرسة يعده تلميذ من جماعة الصحافة بالمدرسة، وفي الأعداد نصوص قصصية ومسرحيات قصيرة ومقالات بأقلام الطلبة، وايضا تعتمد علي رسوم للأطفال، والمجلات الحديثة في مدارس اللغات لاتكاد تختلف عن "صوت النقراشي" لكنها باللغة الإنجليزية.