القاهرة 18 ديسمبر 2018 الساعة 12:03 م
كتب : طارق الصغير
ولدت المطربة الشهيرة ساكنة في الإسكندرية سنة 1801 م، ونزحت للقاهرة وهى صغيرة السن , وتعتبر أقدم المغنيات في العصر الحديث بعد مجموعة مغنيات العصر المملوكي.
ولمع اسمها في عصر محمد على؛ حيث كانت تغنى وتحيى ليالي السمر في أكشاك الأزبكية التى كان يغلب على الأداء فيها فرق الشارع أو جوقات الجيش والبوليس وأحيانا مسرح خيال الظل وبعض الموسيقيين ممن يؤدون الغناء الشعبي.
كما ذاع صيتها في عصر عباس الأول ثم سعيد باشا حيث بزغ نجمها في سماء الغناء.
غنت المطربة ساكنة باللغة العامية فتعلق بها المصريون كتعلقهم في منتصف القرن الماضي بأم كلثوم, كما أعجب بغنائها الأتراك, و ذاع صيتها “و فاقت شهرتها الرجال من أمثال عبد الرحيم مسلوب وأحمد الشلشموني وقصطندي منسي.
كان سعيد باشا خديوي مصر يهيم حباً بها ، وكانت تقضي أكثر أوقاتها في قصوره, وأطلق عليها لقب ساكنة بك حيث قيل أن الخديو إسماعيل ناداها مرة بـساكنة هانم فاغتاظت الأميرات فغاظهم أكثر وناداها بـ ساكنة بك وأصبح اللقب مقرونا باسمها حتى ماتت.
واستمرت ساكنة بك تتمتع بالشهرة والمجد الفني إلى أن ظهرت المطربة ألمظ ذات الصوت الرخيم فتجاهلتها ساكنة في بداية الأمر، ولكنها لم تستطع صد تيار نجاحها ومنع إقبال الناس عليها، ولهذا رأت أنه من المصلحة أن تضمها إلى فرقتها فتكون فيها تابعة لها وتحت إشرافها, فمكثت ألمظ مدة تدربت فيها على الغناء ثم افترقت عن ساكنة, وألفت لنفسها فرقة خاصة وقضت على صيت ساكنة الفني قضاءً مبرماً
تركت ساكنة الغناء بعد أن قضت ألمظ على شهرتها وقضت أعواما طويلة في دارها بعد أن أفل نجمها, إلا أنها أنها لم تتوقف عن قراءة القرآن ولا عن مجالس الأدب.
عمّرت ساكنة بك طويلا وتوفيت إما أواخر عهد الخديو توفيق أو أوائل عهد الخديو عباس حلمي الثاني بين سنة 1892 وسنة 1898. ووافاها الأجل إثر مرض مفاجئ ألم بها، وماتت دون أن تترك ثروة من ورائها رغم شهرتها إذ كانت كثيرة البذل والسخاء على نفسها وأقاربها وأصدقائها.
كما أنه وجد نص في كتاب السيدة لوسي دوف جوردن رسائل من مصر وهي مستشرقة قد التقت ساكنة بك في إحدى المناسبات فقالت الآتي :
"ساكنة العربية تبلغ الخامسة والخمسين من العمر, وهي قبيحة الوجه كما قيل لي , كانت ترتدي حجابا ولم يمكن رؤية شيء سوى عينيها ولمحات من فمها, وهي تشرب الماء ولكن لها قواماً كالنمر في الرشاقة والجمال, وصوتها رائع في طبيعته .. خشن ولكن مبهر, كصوت مالي بران.
وكانت العوالم الثماني الأصغر قبيحات وصوتهن كالصياح, وكانت تتم معاملة ساكنة بقدر كبير من الاعتبار بواسطة السيدات الأرمينيات اللاتي تبادلت معهن الحوار أثناء الفواصل بين الأغاني, وهي مسلمة وغنية جدا وكثيرة الصدقات وتحصل على 50 جنيها استرلينيا على الأقل مقابل ليلة غناء واحدة ."
بيت ساكنة بك :
بيت ساكنة بك بناه سنة 1846م والي مصر محمد علي لحفيده إسماعيل ثم أهداه إسماعيل لساكنة بك تقديرا منه لموهبتها النادرة.
المنزل مقام علي مساحة 880 متر بشارع الخليفة الذي تطل عليه المشربيات والنوافذ العملاقة وبوابته الخشبية العتيقة.