القاهرة 23 اكتوبر 2018 الساعة 10:41 ص
حوار : أحمد مصطفى الغـر
ميزانيات التربية الفنية شبه معدومة، مع العلم بأن خاماتها مكلفة
حاصلة علي بكالوريوس التربية النوعية (شعبة تربية فنية) من جامعة القاهرة عام 1993م، حيث كانت الأولي علي دفعتها، شاركت في كثيرٍ من المعارض الفنية وحصلت على العديد من التكريمات، تعد لوحاتها مصدرًا للجمال والأصالة والثراء، حيث يميل أسلوبها إلي التعبيرية التجريدية الممزوجة بالفن الشعبي الأصيل، تعمل معلمة للتربية الفنية بإحدى مدارس الجيزة، وكانت لها مؤخراً مبادرة فنية كانت موضع حديث مواقع التواصل الاجتماعي، إنها الفنانة التشكيلية "مـهـا زيـن الدين"، التي التقتها مجلة مصر المحروسة، وكان هذا الحوار:
كيف و متى بدأت "مها زين الدين" رحلتها مع الفن التشكيلي؟
رحلتي مع الفن بدأت منذ الصغر، عندما لاحظت والدتي اهتمامي بالرسم وشغفي به، فكانت أكبر داعم لي وعملت على ثقل موهبتي وتنميتها وتشجيعي، بعد حصولي على الثانوية العامة توجهت للالتحاق بكلية التربية النوعية، تحديداً شعبة التربية الفنية، ومع دراستي بها كنت شغوفة جدا بكل المواد التي أدرسها، وكان لذلك أثر كبير في تفوقي طيلة الأربع سنوات وحصولي على المراكز الأولى في الترتيب، بعد انتهاء دراستي ونظراً لبعض الظروف العائلية ابتعدت لفترة عن الفن، حتى عدت بعد غياب طويل للعمل كمعلمة تربية فنية، كما عدت لاستكمال دراسة الماجستير بالجامعة، هذا إلى جانب كوني فنانة تشكيلية، أشارك في المعارض المختلفة.
حدثينا عن (مبادرة مها) التي كانت مِلْء السمع والبصر خلال الأيام الماضية؟
راودتني الفكرة منذ زمن طويل، وكنت أتمني تنفيذها منذ فترة طويلة، ولكن عقبة قلة الإمكانيات المادية للمدرسة كانت دائما حائل لتنفيذها, وعندما قامت الإدارة بتجديد المقاعد الخشبية للطلاب ونتج عنها بعض الأخشاب التالفة والتي لن ينتفع بها، فإن منظر الأخشاب المكدسة أمامي أوحى لي باستغلال تلك الخامة في أعمال فنية، وعندما تم تقليم شجر المدرسة أيضا والنخل الموجود بها في بداية العام الدراسي قمت بتجميع جريد النخل واللوف وبعض فروع الأشجار وفكرت بمزج تلك الخامات مع بعضها وتوليفها في أعمال فنية، لأنها خامات متجانسة وتلك كانت بداية الفكرة لمبادرة تجميل مدرستي، وقمت بطرح الفكرة علي مديرة مدرستي سوسن يوسف ولاقت الفكرة استحسان وترحيب وتشجيع منها كبير، فقمت بتجميع جماعة النشاط الفني التي كونتها بمدرستي من طالبات الصف الأول والثاني والثالث من المرحلة الإعدادية، وقمت بشرح الفكرة لهم, وأخدنا في التفكير عما يمكن تنفيذه عليها من رسوم, وتركت لكل طالبة حرية الإبداع ورسم ما تحب عليها مع إشرافي المباشر ومتابعتي لهن أثناء العمل، وبدأنا فعلا في التنفيذ، بعد أن قمت أنا ومديرة المدرسة بالتبرع بثمن الألوان فقط.
وكيف وجدتِ تجاوب الطالبات معك خلال هذه التجربة الرائعة؟
كما توقعت كان رد الفعل الإيجابي من جانب الطالبات والإدارة أثناء العمل وتحفيزهم وحماسهم لإنجازه بروح إيجابية جميلة وساد جو من البهجة والسعادة على وجوههن أثناء العمل, مما زاد من فرحتي بما أقوم بعمله، وعندما انتهينا من العمل وقمت بعرضه على صفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي وصفحة المدرسة لم يكن في خاطري هذا المردود الواسع الذي لاقي استحسان من الجميع و خلق في نفس الجميع بهجة وأمل وحافز لتكرار ما قمت به من مبادرة, وفكروا في تعميمها في جميع المدارس، كما لاقت أيضا رواجاً كبيراً على وسائل الاتصال المسموعة والمرئية.
هل الميزانية التي تخصصها وزارة التربية والتعليم لمادة التربية الفنية كافية لتحقيق كل ما تحتاجين إليه لتعليم الفن للأطفال بالمدرسة؟
ميزانيات التربية الفنية شبه معدومة، مع العلم بأن خاماتها مكلفة، وهي غير كافية لشراء أية خامات لتنفيذ ما في الوحدات العملية في المنهج, مع العلم أن الوحدات العملية في منهج التربية الفنية مهمة جدا لتنمية المهارات الحركية والإبداعية والمهارية والوجدانية في الطالب, وتعمل على إكسابه مهارات ضرورية واحتكاكه بالخامات المختلفة وطرق تشكيلها وحرصه على ترشيد الخامات وحسن استخدامها, وهذا يتعارض مع المبالغ المخصصة للتربية الفنية.
وماذا تفعلين للتغلب على هذه العقبة ؟
فكرت واضطررت إلى توفير الخامات بالجهود الذاتية من خلال جمع كل ما هو تالف وغير صالح ومهمل من الخامات المحيطة والبيئية حولنا, واستغلالها وتوظيفها بما يتماشي مع المنهج ويكون كاف لتحقيق الأهداف المرجوة من تدريس منهج التربية الفنية.
برأيك هل طغت الأدوات الرقمية مع تطور التكنولوجيا على الأدوات التقليدية للرسم؟
لا؛ أبداً، فالتكنولوجيا الرقمية أثرت الفن وخلقت أنواعاً جديدة من الفنون لم تكن موجودة من قبل، وهذا شيء إيجابي ومنطقي مع التطور السريع الذي نعيشه، وظهرت اتجاهات فنية حديثة تعتمد بالأساس على استغلال تلك التكنولوجيا مما أثرى وفتح مجال الإبداع و الخيال على مصراعيه أمام الفنان للانطلاق في التعبير.
الفن التشكيلي بالنسبة لـكِ هو ...؟!
حياة الروح، هو عالم آخر جميل، فيه كل ما يداعب خيالي، فالفن بالنسبة لي حياة جميلة أعشقها.
هل تدريس الرسم للأطفال يختلف عن تعليمه للكبار؟، إلى أي مدى يكون الأمر صعباً؟
لكل مرحلة عمرية سماتها الخاصة، سواء الجسدية أو الإدراكية أو الانفعالية، لذا يختلف تدريس الفن لكل فئة عمرية عن الأخرى حسب ما يميزها، وذلك كي يحقق التدريس مبتغاه، ويجب أن يعي مدرس الفنون سمات المرحلة العمرية، وكيفية التعامل معها وما يصلح من الفنون لتدريسه لها.