القاهرة 15 اكتوبر 2018 الساعة 12:30 ص
شريف أشرف
صدر حديثا عن دار شهريار بالعراق مجموعة قصصية مترجمة للكاتب الفرنسي آلان روب جرييه، بعنوان:" لقطات" ترجمة الناقد والمترجم العراقي د. حسن سرحان وقد صدرت"لقطات" عن دار مينوي في فرنسا عام 1962 . احتوت هذه المجموعة على عشر قصص قصيرة بدأ روب-جرييه بنشرها في المجلات الفرنسية اعتباراً من عام 1954. ورغم قلة عدد النصوص في هذه المجموعة إلا أنها شكلت محطةً مهمةً في تاريخ التجديد والتجريب والاختلاف ومفارقة السائد.
وهذه المفارقة للسائد لم تأت مع مجموعة لقطات فقط، فقد اشتغل روب جرييه هو وبعض النقاد الفرنسيين على فكرة التجريب في الرواية، خروجا بالرواية عن تقنيات الكتابة الكلاسيكية، بل عن تقنيات الرواية الأوربية في حبكتها التقليدية.
كما في كل نصوصه، لا يولد فعل القص عند روب-غرييه إلاّ من فعل النظر لذا فإن أية محاولة لتشريح نص لهذا الكاتب يجب أن تمرَّ حتماً عبر دراسة الوصف الذي يُغرق فيه متلقيه. إذا ما تفاعل القارئ مع الوصف وتذوّقه فإن النص نفسه، باعتباره إدراكا حسياً/بصرياً وجمالياً محضاً، سيفك له شفراته وسينفتح عليه بكل ألغازه وإن بدت هذه الأخيرة عند مستوى القراءة الأولى مستغلقة ومبهمة. طبقاً لمفهوم روب-غرييه، ليس النص سوى صورة أو مجموعة معقدة من صور جامدة للعين أن تلتقطها بدون أي تسلسل زمني أو استمرارية زمنية إذ لا وجود لمعنى مستمر عند روب-غرييه. بوصفها آلة إدراكية، فإن العين، في نصوص هذا الروائي والقاص، لا تنظر كي تحلل أو لتؤسس علائق داخل الزمن بينها وبين ما تراه كما هو الحال في النصوص الكلاسيكية. يمثل هذا التشديد على حيادية حاسة النظر، حسب رأي رولان بارت، سلوكاً تطهرياً قصدياً غايته الوحيدة تحرير الأشياء من المعنى الذي منحه لها الإنسان على الدوام.
يقول المترجم حسن سرحان في مقدمة النصوص:" بنى روب-غرييه عالم قصصه الفني على اقتصاد شديد في كل مفردات القص. فقصصه لا تحوي شخصيات كثيرة وأمكنته ضيقة غالباً ولا تتعدى أن تكون: غرفة، صالة درس، جزءاً معزولاً من شاطئ لا يرتاده كثيرون، زنزانة سجن، مقهى أو بيتاً مهجوراً. ليس في هذه الأمكنة غير أشياء جامدة وقليلة لا تتفاعل مع بعضها ولا مع الشخصيات التي تقاسمها الحيز لكنها، أي الأشياء، هي من تحدد شكل النص وتصيغ مساره السردي وتعيّن له صفة خطابه الجمالي".
يذكر أن "جرييه" كاتب وناقد أدبي ومخرج سينمائي فرنسي، وُلد في بريست في 18 أغسطس 1922. درس بالمعهد القومي للعلوم الزراعية. وبعد تخرجه عام 1944، عمل إحصائيًا في هيئة حكومية في باريس. وضع الأساس للروائيين المحدثين في الأدب الفرنسي. يُعدُّ آلان روب جرييه المنظر الرئيسي والمنظم لبدء الحركة الأدبية المساه الرواية الفرنسية الجديدة في مقاله لصالح الرواية الجديدة. وتُوفي في مدينة" كا" الفرنسية في 18 فبراير 2008.