القاهرة 02 اكتوبر 2018 الساعة 10:53 ص
حاورها : أحمد الغـر
غـدير حافظ : مصر لا تخلو أبداً من الفن، فالفن في كل مكان فيها !
بين ألوان الحياة وجدت نفسها، فجمعت شتات الألوان وطيفها لتشكل منها لوحة جميلة، أرادت أن تُرسل من خلالها رسالة تمثل حياة المرأة، أحلامها، إنكساراتها، نصرها وهزيمتها وفرحها،هي فنانة تستحق النظر إلى أعمالها بعين الدهشة والإعجاب، كما أنها تتمتع بفاعلية الحضور الدائم في المعارض الفنية العربية والدولية، إنها الفنانة التشكيلية السعودية "غدير حافظ"،التي التقتها "مجلة مصر المحروسة" ودخلنا إلى عالمها الفني والإنساني وحصلنا منها على هذه الإجابات عبر هذا الحوار:
كيف و متى بدأت الفنانة التشكيلية (غدير حافظ) رحلتها مع الفن التشكيلي؟
منذ صغري وأنا أعشق الفنون التشكيلية والرسم، بتشجيع من والدي استمرت موهبتي، ومن ثمَّ بعد تخرجي من الثانوية كنت أرغب في دخول قسم هندسة الديكور، ولكن حينها لم يكن متوفر قسم للسيدات في موطني بالمملكة العربية السعودية، فإتجهت للقسم الأقرب، وهو الفنون التشكيلية وبحكم أنها هوايتي، فلم أتردد للحظة عن الدراسة وتخصصت بقسم (نحت ومعادن) وبعد تخرجي عملت كمعيدة في الجامعة، وبعدها قررت أن أفتتح مركز خاص بي لتعليم الفنون التشكيلية، ومن هنا قدمت طلب استقالتي عن العمل بالجامعة، ومن ثم افتتحت مشروعي الخاص (معهد إبداع الغدير للفنون في جدة) ، والآن أنا في مجال الفن التشكيلي منذ 21 سنة ، وقد توسعت مشاركاتي ، التي وصلت إلى أوروبا .
كيف تبحثين عن موضوعات رسوماتك، أم أنها تلقائية وتأتي وحدها؟
دائما أترك خيالي ومشاعري تتحدث عن نفسها من خلال أعمالي وأطلق العنان لطيف أفكاري، ذاك الطيف الذي أسميته (سوبر مان) لأن هذا الطيف يأتيني بالأمل دائما فلوحاتي بلا تفكير، ولكن ما يميزها أنها دائما تتحدث عن قضايا إنسانية، وعن الأمل والمرأة والسلام، أنا لا أبحث عن موضوعاتي بل هي من تأتي لتحرر نفسها على اللوحات.
ألا ترين أن فنون الرسم يستحوذ عليها غالبا الرسامين الذكور أكثر، خاصة في وطننا العربي؟
من وجهة نظري لا، هذا ليس صحيحاً، ففي المملكة العربية السعودية على سبيل المثال ومنذ عدة أعوام تقريباً، أصبح الوسط الفني ملئ بالرسامات والفنانات، فالنظرة اختلفت وتغيرت تماماً عما كانت عليه سابقاً، بالنسبة لي فخبرتي في مجال الفنون الآن صارت 21 عاماً، وأصبحت أستطيع أن أستشعر الحركة الفنية بشكل جيد، وأؤكد لك أن فن الرسم لم يعد قاصراً على الرجال فقط.
إلى أي مدرسة فنية تتجه أعمالك ؟
لا أحب أن أحصر نفسي في إطار محدد لأنواع الفنون، فالفنان خاصة لا يتوقف عن طرق أبواب جميع المدارس الفنية، بل ويبتكر أيضاً، في بداياتي كانت أعمالي تتجه نحو الانطباعية، أما الآن فأصبحت أقرب للفانتازيا.
خلال مشوارك الفني، لك مشاركات لا تُنسى في فعاليات مهمة داخل جمهورية مصر العربية ،هل لك أن تحدثينا عن تلك المشاركات ؟
نعم ،بفضل الله وتوفيقه، كانت لي أكثر من مشاركة فنية في مصر، أول مشاركة لي في مصر كانت في سمبوزيوم سهل حشيش الدولي الذي أقيم في مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، بتنظيم من الفنان الصديق المصري "ياسر جعيصة" وضم هذا السمبوزيوم 60 فنان وفنانة من دول مختلفة، وكان في العام 2014م، والمشاركة الثانية كانت مشاركة فريدة من نوعها، لأنها كانت مشاركة تحمل أرقى معاني الإنسانية وأسمى معاني الحب والسلام والأمل، كانت مشاركتي كعضو لجنة تحكيم لقسم الفنون التشكيلية في ملتقى أولادنا الدولي الأول لذوي القدرات الخاصة برعاية الرئيس"عبد الفتاح السيسي" , وكانت صاحبة الفكرة السيدة الراقية والأم في عطائها "سهير عبد القادر" التي جمعت 28 دولة في ملتقى ضخم ضمَّ جميع أنواع الفنون.
هل هناك فنانين أو فنانات من مصر جديرون/ جديرات بأن تذكري أسمائهم/ أسمائهن كمثال للفن الراقي والجاد ؟ وهل تأثرتِ بأيا منهم /منهن ؟
مصر لا تخلو أبداً من الفن، فالفن في كل مكان فيها، وبالتأكيد هناك فنانين رائعين في مصر تعرفت عليهم أثناء مشاركاتي الفنية داخل جمهورية مصر العربية، ولكن لا أرغب بذكر الأسماء لأنني أخشى أن أنسى أحدهم، أما عن تأثري بالفنانين المصريين فبالتاكيد تبادل الخبرات والتعامل معهم يثري الناحية الفكرية والروحية لي بشكل خاص.
حدثينا قليلاً عن شعورك وإحساسك وأنت ببلدك الثاني مصر؟
مصر هي أم الدنيا في كل شئ، فهي أرض الفن والعراقة، أرض الكرم والبساطة يكفي أنني حينما أزور أرض مصر أشعر بالأمان وسط أبناء شعبها البسيط الرائع ، وعند مغادرتها أشعر بالحنين لها قبل أن أرحل منها ، حيث أجد دموعي تسبقني لتقول "سأشتاق لك يا مصر"، أدين لمصر بعشقي لها الذي كان أحد أسبابه المناطق الأثرية، والتراث العظيم الموجود على أرضها فمنذ الطفولة حينما كنت أزور الأهرامات وأبو الهول مع والدي، وهي أحد الأسباب التي جعلتني أعشق فن النحت الذي تخصصت فيه في الجامعة، وأيضا أول أعمالي في الرسم بعد تخرجي كانت رسومات ونقوشات فرعونية؛ حيث قرأت الكثير عن الحضارة الفرعونية التي أثرت في حصيلتي الفنية، وما زالت الحضارات الموجودة في مصر تستهوني وأستمتع بها في كل زيارة لي.
قبل أعوام قلتِ أننا " نفتقد الناقد الفني المثقف، فغالبية النقاد لدينا ينقدون العمل من خلال خبرات بسيطة لا تؤهلهم أصلا للنقد الجاد" ، فهل مازالتِ ثابتة على رأيك في النقاد، أم أن الأعوام الماضية أنتجت بعضاً من النقاد الجادين ذوي الخبرة؟
صحيح ومازلت أقول ذلك، لأن قلة قليلة من النقاد الذين قابلتهم وكانوا يستطيعون فهم وإدراك معنى النقد الفني، فالكل يحكم بمنظوره، وكأنه يهمش القواعد والنظريات الخاصة بالعمل, ولكن لا أنكر أنني التقيت ببعض النقاد، وأيضا بعض الفنانين الذين لديهم الثقافة في النقد الفني بطريقة جيدة تتناسب مع آداب الناقد الفني.
هل تشرحين لوحاتك للجمهور، أم تلتزمين بمقولة الأديب والشاعر الفرنسي (فيكتور هوجو) عندما قال "لا تكثر الإيضاح فتفسد روعة الفن" ؟
لا أشرح أعمالي أبدا للمتلقي ، فلدي قناعتي التي أسير عليها، وثمة مقولة دائما أرددها لكل من يسألني عن تفسير عملي، وهي (إن فهمت فني ..فهو لك، وإن لم تفهمه دعه لغيرك فهو ليس لك).
وماذا عن علاقتك بالألوان.. أيّ الألوان الأقرب إلى قلبك؟
أحب جميع الألوان، فهي عالم لا ينتهي، ولكن أميل أكثر لـ "اللون الأزرق"، بكل درجاته والمفضل لي هو التركوازي.
في الختام، ماذا يعني لـ"غدير حافظ" أن تنجز لوحة ؟
إنجازي للوحة يعني مولد جديد لأحد أبنائي، فأنا أعتبر أعمالي أبنائي، ورُسل أمل ومحبة وسلام، أتركها للعالم لتتحدث عما أريد أن أقوله ، ولا أخرج أعمالي للعالم إلا بعد أن أتاكد أنها نضجت واكتملت الفكرة فيها، وحينها أتوجها بتاج الحياة بتوقيعي فأنا أتعامل مع أعمالي كأنها بشر، لذلك تصل للمتلقي بسرعة.