القاهرة 18 سبتمبر 2018 الساعة 10:26 ص
د. هـنـاء زيــادة
لا يتوقف العلم عن البحث عن سبل جديدة لمكافحة الأمراض، سواء من خلال الوقاية المبكرة منها أو العمل على مواجهتها بعد الإصابة بها، يعتمد العلماء في ذلك على التكنولوجيا الحديثة، محاولين تطويعها في المجال الطبي، وتتوالى الابتكارات والاكتشافات الطبية يوماً بعد آخر، وأصبحت التكنولوجيا شىء رئيسي فى علاج العديد من الأمراض والسيطرة عليها مثل مرض السكر والضغط وغيرها من الأمراض المزمنة التى تحتاج رقابة صارمة.
مؤخراً بدأ مجموعة من العلماء في الولايات المتحدة العمل على تطوير تكنولوجيا جديدة لمكافحة الأمراض تقوم على استخدام روبوت جديد سيستخدم في عمليات زراعة الأعضاء الصغيرة وإنتاج الخلايا البشرية، وذلك بدقة وكفاءة عالية، بحسب الفريق البحثي فإن الربوت الجديد سيعمل على إدخال الخلايا الجذعية بنجاح إلى الجسم البشري ليتم زراعة آلاف الكلى المصغرة في أقل من شهر، حيث سيعمل النظام الروبوتي لإنماء الكلى العضوية من الخلايا الجذعية متعددة القدرات، والتي يمكن أن تصبح أي نوع من الأعضاء، وتمكنت الروبوتات من إدخال الخلايا الجذعية إلى أطباق تحتوي على ما يصل إلى 384 من الصفائح الدقيقة، وعلى مدار 21 يوما، نمت إلى شكل عضوي مبسط من الكلى، ويمكن أن تتصرف الأجسام العضوية المبسطة بطرق عديدة مثل العضو المستبدل مما يجعلها أداة مهمة للبحث الطبي الحيوي.
هذا الربوت في حالة اكتمال نجاح التجارب التي تُجرى عليه فإنه سيشكل ثورة حقيقية في عالم الطب وعلاج الأمراض البشرية، خاصة وأن الباحثين يستخدمون نظاما آليا يسمى "تسلسل الحمض النووي الريبي ذي الخلية الواحدة"، وذلك لتحديد الخلايا في الأعضاء المصغرة، بهدف الكشف عما يكوّن كل منها، وهذا أيضا سيساعد في البحث عن الأدوية المطورة اللازمة لمكافحة الأمراض.
في فرنسا، فإن الباحثين هناك قد تمكنوا من ابتكار تكنولوجيا جديدة يمكنها التخفيف من آلام المرضى دون الحاجة إلى الأدوية والعقاقير والمسكنات التقليدية، وذلك باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي التي تزداد انتشاراً في العالم ويتوسع استخدامها بين الناس؛ حيث تمكنوا من خلال استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي من إنتاج تقنية جديدة تساعد في تهدئة المرضى، بل وزيادة قدرتهم على تحمل الألم، دون استخدام عقاقير، التكنولوجيا الجديدة يمكن أن تقلل من الاعتماد على هذه الطرق التقليدية في مكافحة آلام المرضى، وهنا سينتقل المرضى من خلال نظارات العالم الافتراضي إلى حدائق شاسعة أو سفوح الجبال، التي تغطيها الثلوج، ويصبحون أكثر تحملا لإجراءات مؤلمة مثل خياطة جرح أو علاج حرق أو تركيب قسطرة بولية أو رد كتف مخلوع لمكانه، مشروع الواقع الافتراضي يمكن من خلاله توفير أسلوب لتشتيت انتباه المرضى وتقليل شعورهم بالألم والقلق عند علاجهم في غرفة الطوارئ، وهذا الأسلوب الجديد أصبح مؤخراً محط اهتمام شركات التكنولوجيا المتخصصة والمستخدمين على حد سواء.
أما في بريطانيا، فقد نجح العلماء في كلية "إمبريال كوليدج" بالتعاون مع مختبرات "ديب مايند" التابعة لشركة ألفابت، على تطوير تقنيات مبنية على الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة فحص سرطان الثدي، حيث يُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعا بين النساء في جميع أنحاء العالم حيث يتم تشخيص 1.6 مليون امرأة مصابة به كل عام، وفي المملكة المتحدة وحدها يتم تشخيص أكثر من 150 مريضة بسرطان الثدي كل يوم.
أما في هولندا، فقد ابتكر فريق من العلماء الهولنديون شريحة إلكترونية صغيرة يمكن زرعها تحت الجلد تنهى معاناة التهاب المفاصل الروماتيزمى، ويطلق على الجهاز الجديد اسم "micro-regulator"، وهو جهاز يشبه جهاز تنظيم ضربات القلب، ويتم تركيبه تحت الجلد بالقرب من الترقوة، ويرسل نبضات كهربائية إلى العصب الرئيسى الذى يساعد على منع آلام التهاب المفاصل، ووجد العلماء أن استخدام النبضات الكهربائية يحفز العصب المبهم وهذا بدوره يمكن أن يكون له تأثير مماثل من دون آثار جانبية، ويرسل إشارات من المخ إلى الأعضاء الرئيسية مثل الطحال ما يؤدى إلى انخفاض فى إنتاج بروتينات تسمى السيتوكينات، التى تساعد على التحكم فى جهاز المناعة، وهذا يؤدى إلى خفض تورم المفاصل وانخفاض فى الآلام والضرر فى الأشخاص المصابين بالتهاب المفاصل الروماتيزمي.
كما نجح فريق من العلماء فى إجراء نهج جديد فى علاج تصلب الشرايين فى الآونة الأخيرة أكثر أمانا وفعالية، وهو عبارة عن قسطرة جديدة ذات تقنية عالية تسمح بالرؤية داخل الشرايين لأول مرة وهذا يؤدى إلى الاستغناء عن الأنسجة المريضة فقط, وسيسمح الجهاز الجديد للأطباء برؤية وإزالة الترسبات فى وقت واحد، ففي السابق كان يتم استخدام تكنولوجيا الأشعة السينية خلال إجراءات مماثلة، ولكن كانت الصور غير واضحة، ولا يمكن التصوير داخل الأوعية الدموية، أما القسطرة الجديدة فتحتوى على كاميرا من الألياف البصرية بحجم حبة الملح، ويتم إدخالها من خلال شق صغير فى الفخذ الذى لا يتطلب التخدير الكامل، حتى يكون الطبيب قادراً على رؤية ما يجب إزالته بالضبط دون الإضرار بجدار الشريان، والذى يمكن أن يسبب مزيداً من التضييق.
وفي ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، تكمن فريق بحثي من العلماء من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن مرض السرطان، وبمهارة وكفاءة أعلى من الأطباء التقليديين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف المرض في مراحله الأولى بشكل أسرع وأفضل، طبقا للنظام الجديد فإن تقنية الذكاء الاصطناعي ستقوم بتشخيص سرطان الجلد بشكل مبكر وبدقة عالية وأداء أفضل، وطبقا للتجارب فإن النظام تمكن من الكشف الدقيق عن السرطان بنسبة 95% من خلال صور الأورام السرطانية والأورام الحميدة، في حين كانت نتيجة الفريق الطبي المكون من 58 طبيب متخصص في الأمراض الجلدية دقيقة بنسبة 87% فقط.
وفي جامعة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية نجح الباحثون في تطوير برنامج جديد لتحديد شكل سرطان أورام الرأس والرقبة بدقة، وقد تمكن أخصائيو علاج الأورام بالإشعاع من استهداف الخلايا السرطانية بشكل أكثر دقة بفضل هذا البرنامج الجديد. وبالتزامن مع ذلك فقد تمكن باحثون صينيون من ابتكار تقنية يمكن أن تشخص سرطان البروستاتا بدقة عالية. أما في اليابان فقد طور علماء من يوكوهاما، برمجيات يمكنها اكتشاف سرطان القولون في مراحله الأولى بدقة تصل إلى 86% ، وهذه الدقة ممتازة حيث يصعب تحديد هذا النوع من السرطان قبل أن تصبح الأورام خبيثة ومميتة، بعدما تتمكن الخلايا السرطانية من مجرى الدم، لذلك فإن الكشف المبكر أمر بالغ الأهمية ويساعد في تحسين نتائج العلاج.