القاهرة 14 اغسطس 2018 الساعة 02:10 م
-1-
يَكْفِيْكِ فِي أَرْضِ النُّعَاسِ تَيَقُّظٌ
قَدْ ثَارَ فِي وَجْهِ الخُضُوْعِ ونَدَّدَا
فَذَرِي عَرَائِسَكِ الَّتِي صَاحَبْتِهَا
هُمْ صَوَّرُوْهَا عَنْ شَهِيْدٍ مَا افْتَدَى
وَتَأمَّلِي وَجْهَ المَسِيْحِ حَبِيْبَتِي
بِأضَالِعِ العَذْرَاءِ حِيْنَ تَنَهَّدَا
وَتَحَسَّسِيْ قُمْصَانَ يُوْسُفَ والعَمَا
ضِدَّانِ فِي رَحْلِ الشَّتَاتِ تَوَحَّدَا
وَتَبَصَّرِي أَغْطَانَ شَمْسٍ كُفِّنَتْ
وَسِرَاجُهَا قَدْ تَاهَ فِي طُوْلِ المَدَى
مُدَّتْ يَدُ الغِلْمَانِ فَوْقَ ضَيَاعِهِ
كَيْ تُقْرَعَ الأجْرَاسُ لَيْلَ تَمَرَّدَا
تَبَّتْ يَدُ التَّارِيْخِ تَبَّ مَنِ افْتَرى
مَا دَامَ مِنْ وَحْيِ الضَّلالِ قَدِ اهْتَدَى
-2-
لَمَنَامُ مَرْيَمَ فِي عُيُوْنِكِ لَوْعَةٌ
مِنْ حَوْلِهَا وَجَعُ الوَلِيْدِ تَمَدَّدَا
فَقَدَاسَةُ البُرْهَانِ بِنْتُ تَقَادُمٍ
آلَتْ لَعمٍّ للكَفَالَةِ بَدَّدَا
هُزِّي إِليْكِ بِكُلِّ جِذْعٍ وانْظُرِي
كَمْ صَاحَبَ التَّمْرَاتِ قَهرٌ عَضَّدَا
فَرِفَاقُ عِيْسَى يُصْلَبُوْنَ تَطَهُّرًا
وَيُرِيْدُ أَبْرَهَةُ المُرَادَ مُحَمَّدَا
وَرَأَى الحَوَارِيُّونَ كُلَّ مَوَائِدٍ
لَيَخَانَ مِنهُمْ مَن أَبَوهُ مُسَوَّدَا
وَحَنِينُ مَريَمَ بالدُّمُوعِ مُشَكلَّ
صَلَبُوا السَّمَاءَ بِكُلِّ قَلبٍ وَحَّدَا
وَكَبيتِ لَحمٍ صَارَ بِيعًا يُشتَرَى
حُزنُ البِلادِ لِمَن بِهِنَّ تَعَهَّدَا
-3-
الْحُزْنُ يَعْصِفُ بِالسِّنِيْنَ تَمَتُّعًا
والنَّايُ مِنْ ذَرْوِ التَّمَتُّعِ غَرَّدَا
لَا خَيْرَ فِي عَيْشٍ أُحِيْلَ بِمَاجِدٍ
آذَوْهُ حَتَّى عَادَ فِيْنَا أَوْغَدَا
لَلْصَّدْرُ يأَكُلُ فِي التَّغَيُّظِ بَعْضَهُ
ذُوْ الرَّأْيِ فِي وَلَدِ الخَطِيْئَةِ مَجَّدَا
والرَّايَةُ الشَّمَّاءُ بَيْنَ حُطَامِهَا
تَشْكُو التُّرَابَ فبالحُطَامِ تَوَرَّدَا
القَائِدُ المِغْوَارُ أَيْنَ سَبِيْلُهُ
والقَصْرُ عَالٍ لا يَزَالُ مُحَيَّدَا؟!
تَعِبَتْ أَظَافِرُنَا وكُلُّ نُقُوْشِهَا
وَجَعٌ يُنَاطِحُ فِي الدَّيَاجِي فَرْقَدَا
يَا لِلرَّعِيَّةِ كَلَّ ظَهْرُ نِيَاقِهَا
وَإمَامُهَا لا مِنْهُ قَادَ وَلا اقْتَدَى
فالتِّيْهُ عَيْشٌ واسْتَطَاَبَتْ أُمَّةٌ
وَسَبِيْلُ مَنْ سَئِمَ الضَّلالَ تَأوَّدَا
وَتَزَاحُمُ الأَيَّامِ فِي أَمْنِ الهَوَى
أنْسَى السَّبِيْلَ لِمَنَ يَعِيْشُ مُهَدَّدَا
-4-
القُدْسُ أسْخَى فِي ضِيَافَةِ دَمْعِهَا
والأرْضُ تُكْرِمُ بالمَبِيْتِ مُشَرَّدَا
والشَّعْبُ قُرْبَانٌ يُقَدَّمُ أَعْزَلًا
والعَارُ صَوْتٌ فِي النُّوَاحِ تَرَدَّدَا
والجُبْنُ لَحْنٌ فِي أغَارِيْدِ التُّقَى
يَتْلُوْهُ عَبْدٌ للحَيَاةِ تَعَبَّدَا
وَرِوَايَةُ الأبْطَالِ مَحْضُ أَرِيْكَةٍ
يَقْتَاتُهَا سُوْسٌ هُنَالِكَ عَرْبَدَا
وَيَفُوْرُ رَأسٌ للمَمَاتِ مُسَائِلًا
أَنَّى لِمَيْتٍ أَنْ يَمُوْتَ مُجَدَّدَا!!
-5-
كُفِّي ابتِسَامَكِ لَستُ أَقوَى يا ابنَتِي
ألَّا أُوَشِّحَكِ الوُشَاحَ الأَسوَدَا
أَلَّا أُعَرِّفَكِ الحَقِيقَةَ كُلَّهَا
أَلَّا أُجَنِّبَكِ الضَّمِيرَ الأَبلَدَا
أَلَّا أُكَشِّفَ دَمعَتِي وَتَلُوُّعِي
ألا أُفَنِّدَ فِي عُيُونِكِ مَشَهَدَا
أَنَا لَستُ أَقوَى أَن أَكُونَ كَمَعَشَرٍ
عَقَدَ الضَّمِيرَ عَلَى المَمَاتِ وَأَرقَدَا
فَعَوِيلُنَا الوَطَنِّيُ أَوَّلُ دَائِنٍ
نَحنُ القَتِيلُ وَمَن عَلَيهِ تَرَصَّدَا
وَعُيُونُنَا العَميَاءُ خَانَت دَمعَهَا
لَمَّا تَحَلَّت بِالخِيَانَةِ وارتَدَى
تَغتَالُنَا الخُطَبُ النِّفَاقُ فَكُلُّهَا
تَرعَى الضَّلالَةَ كَي تَطِيبَ وَتُحمَدَا
أنَا لَستُ أَملِكُ بَعضَ أَمرٍ يا ابنتي
حَتَّى أٌجَنِّبَكِ الحَريقَ الموقَدَا
حَتَّى أُفِيقَ وَلَو لِآخِرِ زَفرَةٍ
أُنهِي الحِكَايَةَ فِي مَلامِحِ مَن بَدَا
عَلَّ المَلائِكَةَ الَّتِي تُروَى لَها
تَرعَى ضَمِيرَ الحَقِّ كَي لا يُوأَدَا
-6-
فَكَفَى ابْنَةَ النَّحْبَاءِ أبْكَيْتِ السَّمَا
الحُلْمُ يَعْدُو فِيْ صِبَاكِ مُمَدَّدَا
وَأنَـا وَأنْـتِ نِهَايَةُ الأَبَدِ الَّذِي
مِنْ فَرْطِ شَوْقٍ للجُنُوْنِ تَرَشَّدَا
أيَّانَ نُبْعَث والْحَمَامُ خَصِيْمُنَا
ثَأَرَ الحَمَامُ مِنَ التَّشَرْذُمِ مَا اعْتَدَى
فَتَهَيَّئِيْ هَاءَ المَصِيْرُ وَرُبَّمَا
عَظْمُ التُّرَابِ عَلَى الرِّيَاح تَعَوَّدَا
آنَ الأَوَانُ لِتَسْتَرِيْحَ عِظَامُنَا
وَيَظَلَّ مَنْ جَبَلَ البَنَادِقَ مُجْهَدَا
صَمْتُ الزَّمَانِ تَنَبُّؤٌ إن يفهموا
والغَيْمُ مِنْ أَجْلِ المَعَادِ تَجَعَّدَا
آَتٍ هُوَ الطُّوْفَانُ بَيْنَ عَشِيَّةٍ
فَلَهُ وَرَبِّكِ مَا عَلَيَّ تَجَلَّدَا