القاهرة 03 يوليو 2018 الساعة 11:10 ص
د. هـنـاء زيــادة
منذ قديم الزمن والإنسان يحاول معرفة المزيد عن الفضاء، لذلك سعى دائما لفهم حركة النجوم والكواكب ورصدها, ففي الحضارة الرومانية القديمة بدأ علماء الفلك بتسمية الكواكب بالمجموعة الشمسية بأسماء الآلهة القديمة مثل مارس (المريخ) وهو إله الحرب وفينوس (الزهرة) وهى إلهة الخصوبة والحب ، ومع مرور الوقت تطور استكشاف الفضاء إلى أن صعد الإنسان لأول مرة إلى الفضاء الخارجي ، ومن المثير أنه من وقت لآخر يتم إرسال موجات استكشافية إلى الفضاء على أمل أن تجد من يستقبلها، في محاولة لمعرفة ما إذا كانت هناك كواكب في هذا الكون الفسيح عليها حيوات أخرى تشبهنا ، وكان آخرها في نوفمبر من العام الماضي حيث قام العلماء بإرسال معلومات عن الزمن وتتابع الوقت، وكذلك إدارة الحسابات والهندسة إلى القزم الأحمر GJ 237، وذلك بمساعدة هوائي ضخم يوجد في النرويج. ومؤخراً وعلى أمل التواصل أيضا مع كائنات ذكية موجودة في الفضاء الخارجي، أرسل مهرجان السونار للموسيقى 35 مقطوعة موسيقية إلى الفضاء، وذلك في إطار تعاون بين منظمي المهرجان ومعهد كاتلونيا للدراسات الفضائية ومعهد أبحاث في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة يدعى METI International، والهدف من إرسال المقطوعات الموسيقية إلى الفضاء هو أن تصبح اللغة الموسيقية كونية.
يبلغ طول كل مقطوعة عشر ثوان ، وقد شفرت برموز معينة على مُستقبِلها أن يقوم فَكُها، وذلك حتى تكون صالحة خلال رحلتها الطويلة في الفضاء، حيث أرسلت إلى مواقع قريبة من كوكب القزم الأحمر GJ 237، ومن المتوقع أن تصل المقطوعات المرسلة إلى نهاية رحلتها الطويلة عام 2030م، ومن المنتظر أن نتلقى إشارة على ذلك عام 2042م، وقد تم إرسال معطيات أخرى عن العلوم المختلفة توضح الإنجازات البشرية على كوكب الأرض.
تقول العديد من النظريات بأنه من المستحيل أن نكون وحدنا في هذا الكون الكبير جداً, ولابد أن يكون هنالك حضارات أخرى في أحد تلك الأطراف المتناثرة في هذا الكون, أو على الأقل يكون هنالك حياة على سطح أحد الكواكب التابعة لأي نجم آخر غير الشمس, وربما نجد دلائل على وجود حياة منقرضة و كانت مزدهرة في يوم من الأيام على أيٍ من تلك الكواكب.
وقبل أشهر قليلة وفي أعقاب القداس التأبيني الذي أُقيمَ لعالم الفيزياء الراحل "ستيفن هوكينغ" في كنيسة ويستمينستر في لندن، تم إرسال كلمة له بصوته إلى الفضاء بوصفها "رسالة للسلام والأمل"، وقد أرفقت كلمات هوكينغ بعمل موسيقي للموسيقار الشهير فانجاليس، الذي اشتهر بموسيقاه التصويرية لفيلم "عربات النار" وكذلك مقطوعاتى من الموسيقى المتنوعة ، وقد تم اعتبار كلمة هوكينغ على أنها إشارة رمزية تربط ما بين حضوره في هذا الكوكب ورغبته في ارتياد الفضاء واستكشافاته النظرية , وقد تم إرسال الكلمة باتجاه أقرب ثقب أسود لنا وهو المعروف باسم "1 أيه 0620-00" والذي نجم عن استقطاب نجم قزم.
وقبل عامين نشرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) تسجيلا لموسيقى غريبة قد سمعها رواد الفضاء الذين حلقوا في المركبة الفضائية "أبولو 10" في مايو من العام 1969م، فوق الجانب المظلم من القمر والذي لا يظهر من الأرض، وقد سمعوا تلك الأصوات دون أن يكونوا على أي اتصال مع الأرض ’ وكان الرواد الثلاثة هم: توماس ستافورد وجون يونغ ويوجين كيرنان يحلقون في أجواء القمر قبل أسابيع قليلة من هبوط "نيل أرمسترونغ" على سطحه في الحادي والعشرين من يوليو من نفس العام للمرة الأولى في تاريخ البشرية. كانت المركبة آنذاك على ارتفاع 1500م عن سطح القمر ويحجبها القمر تماما عن الأرض فلم تكن تلتقط أي بث بشري ،عندها دار حواراً بين الرواد حيث قال يوجين كيرنان: "هل تسمعون هذا الصوت؟ انه صوت صفير، أنها فعلا موسيقى غريبة"، فرد عليه زميله: "تبدو كما لو كانت موسيقى الفضاء الخارجي" "هل سمعت ذلك؟ صوت ذلك الصفير؟" "حسناً، من المؤكد أنه موسيقى غريبة".
وقد استغرقت الموسيقى الغريبة نحو ساعة ، وقد سجلها الرواد وأرسلوها الى مركز التحكم في هيوستن في ولاية تكساس بالولايات المتحدة ، وكانت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" دائماً تشدد على أن هذه الأصوات ليست صادرة عن مخلوقات فضائية، ورغم ذلك فقد صنفتها "ناسا" كجزء من سلسلة تسمى "ملفات ناسا غير المبررة"، وقد نشرتها لأول مرة بعد 47 عاما من إلتقاطها وتسجيلها من قِبَل طاقم "أبوللو 10". وقد فتح هذا الأمر أمام "ناسا" جدلاً كبيراً حول إن كان على وكالة الفضاء الأمريكية الاحتفاظ بسرية معلومات مهمة كهذه لعقود!
على الرغم من أن الولوج إلى الفضاء قد يكون حلاً للعديد من المشاكل التي نواجهها اليوم على كوكب الأرض، إلا أن الحلول الظاهرة حتى الآن لا تبدو قريبة من الواقع ، كما أن ثمة اعتراضات أساسية اليوم على برامج الفضاء حول العالم كونها تصرف حوالي 25 بليون دولار أمريكي سنوياً، ويرى البعض أن استكشاف الفضاء ليس أولوية للبشرية الآن. لكن إيجاد كواكب مشابهة للأرض ومناسبة للحياة عليها ، ومن ثمَّ الوصول إليها واستعمارها لاحقا ، يعد أمل ضروري ولابد من السعي لتحقيقه. وإلى ذلك الحين سيظل الفضول موجود لمعرفة هل نحن ـ أهل كوكب الارض ـ وحدنا في هذا الكون الواسع؟!