القاهرة 17 مايو 2018 الساعة 05:39 م
أكرم مصطفى
فاز كتاب" العدو خلف حبائل الدهشة .. بين ثقافة المجتمع وفلسفة الخطاب الأدبي في المنيا" للباحث د. شعيب خلف، بالمركز الأول للكتاب النقدي في المسابقة المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة 2017/ 2018 وهو مجموعة من القراءات للمشهد الإبداعي في المنيا، يربطها جميعًا موضوع واحد، وهو تناولها أدب جماعة من المبدعين تجمعهم رقعة جغرافية واحدة، يتقاسمون اختلاف الميول والأمزجة، كما يتقاسمون التمرد والرفض، يعيشون المصاعب ويستمتعون بالمتاعب، يلتقون كثيرًا في ندواتهم ومؤتمراتهم وأخيلتهم، تتقارب رؤاهم ولا تتباعد همومهم، فهم أصحاب هم واحد أو يكادون .
قرأ الكاتب أعمالهم من قبل مرتين ( ) وهذه قراءة ثالثة، جمعها في هذا المكان، تمنى أن يتحقق من خلال هذا الجمع مبدأ يراه مهمًا، حين يصحب كل حركة إبداعية في أي مكان من بقاع مصر المبدعة، حركة نقدية تتابع وتقرأ إبداع أصحابها عن قرب، تتعاطى همومهم، وتمشي في أفراحهم، وتساعد في بناء نصوصهم حتى تكتمل وتنضج ثم تقوم بدور مواز جديد من خلال تحليل ما اكتمل ونضج، كما كان لها الدور نفسه في تصويب كل ذي عوج
يري الكاتب أنه ليس شرطاً أن يظل المبدع يكتب حتى يصل إلي ما الله قاض به، دون أن يحس أو يري يومًا أن للذي كتبه صدي في نفوس الآخرين، فساعتها يعلم الله وحده هل سيذكره إنسان، أو سيبقي علي ما كان عليه في حياته في طي النسيان، وليس شرطًا أيضًا أن تصل كل حركة إبداعية إلي قمة نضجها الفني كي يصل إليها ضوء النقد، وتتابع نشاطها الأقلام، أو يذكرها النقاد بعد أن يزول عنهم برقع الخجل، ويجف عن جباههم ماء الحياء.
إن هذا الأمر لن يحدث بالمستوي المرجو إلا حين تخرج كل حركة إبداعية نقادها ومنظريها، كل يتولي عمله، يطور فيه وينقح، حتى يصل به ومعه إلي قمة نضجه . الحركة الإبداعية في حركة دائمة، وفي كثرة علي جميع مستوياتها كمًا وكيفًا، وهذا أمر لا يوجد ما يوازيه علي مستوي المتابعة النقدية، كأننا علي مركب بمجداف واحد. وليس معني الكلام أن كل جماعة تظل منكبة علي نفسها لا تقرأ إلا لبعضها ولا تنقد إلا بعضها، كما يحدث مع بعض الجماعات والأصدقاء الآن، فهذا من غرائب الأمور، ولكن المقصد هو حين تتواكب الحركة النقدية مع الحركة الإبداعية في مكان ما يزداد الحراك الأدبي فيه، وتبلغ الحركة نضجها في وقت قصير، وتتنوع اتجاهات أصحابها ويتفرغون لإبداعهم، وتنحو بهم رؤاهم ناحية النضج والتنقيح .
شهدت المنيا ومازالت، حركة إبداعية كبيرة علي مر أجيال متعاقبة، وفي اتجاهات متنوعة بين السرد بأنواعه: القصة والرواية والمسرحية، وبين الشعر بأقسامه الفصيح والعامي والزجل مع النقد المتابع.
يبدأ الكتاب بمدخل : نظرة عامة، رؤى الغياب بين الذات المبدعة والمجتمع المحيط... قراءة في الخطاب الشعري في المنيا، ثم يتلو ذلك دراسات مفصلة عن الشعراء: منير فوزي ، محمد مهدي حميدة ، سمية عسقلاني ، أحمد قنديل ، حمدي أبو زيد ، رجب لقي ، اشرف عتريس ، ثم يقرأ الجزء الثاني من الكتاب الأعمال السردية لكل من : هويدا صالح ، ابتسام الدمشاوي ، محمد الخضري عبد الحميد بهاء السيد ، الداخلي طه ، شعبان عبد الحكيم ، أمل خالد، فوزي وهبه أحمد مليجي ، سعيد عوض .
حاول الباحث أن يلقي بعض الضوء علي بعض مبدعي المنيا ليكمل المسيرة بعد ذلك لتتبع إنتاجهم، كما يأمل أن يسلط غيره ضوءه عليهم وعلي غيرهم أيضًا، حتى يظل الطريق صالحًا للمسير، ويبقي الزيت في القنديل، ليحول ذلك دون تسرب للعتمة، أو حلول للظلمة فيبقي في النهاية النور .