القاهرة 08 مايو 2018 الساعة 11:32 ص
كتب: صلاح صيام
بمناسبة مرور 50 عاما على احتلال القدس العربية عام 1967م، صدر كتاب "القدس.. خمسون عاما من التهويد"،للكاتب الصحفي أحمد أبوزيد، وهو دراسة تتناول تفاصيل المخطط الصهيوني لابتلاع المدينة المقدسة، والذي يشمل تهويد البشــر والأثر والحضـارة والتاريخ.
ففي شهر يونية من هذا العام المنصرم (2017م)، يكون قد مر على احتلال القدس العربية خمسين عاما، منذ وقعت تحت براثن الاحتلال الصهيوني الغاشم عام 1967م.. وعبر النصف قرن الماضي تعرضت المدينة المقدسة لمخطط صهيوني رهيب، استهدف تهويدها، وتغير هويتها وطابعها العربي والإسلامى الذي عاشت به قرونا طويلة، وتطويقها بسلسلة متصلة من المستوطنات، وتحويلها الى مدينة يهودية لا علاقة لها بجذورها العربية، ولا صلة لها بهويتها الإسلامية.
وتهويد القدس- كما يقول المؤلف- يعني تحويل المدينة المقدسة عن هويتها العربية الإسلامية: لغة، وثقافة، وعقيدة، وحضارة، وعمارة وتاريخا، وأرضاً، وسكاناً، إلى الهوية الصهيونية اليهودية, ويأتى المخطط في إطار ما تمارسه إسرائيل، منذ احتلالها فلسطين، من حملات منظمة على أرض الواقع، لتزييف تاريخ المدينة المقدسة، والزعم (كذباً وزوراً) بأنها مدينة يهودية النشأة.
ونحن لا نبالغ إذا قلنا أن القدس ومقدساتها تمر هذه الأيام بأخطر مرحلة في تاريخها، بعد أن قطع الصهاينة شوطا كبيرا في تهويدها، وما يجرى اليوم، وعلى مدى خمسين عاما داخل القدس وحولها، يمثل أعلى مراحل تهويد المدينة المقدسة، التهويد الذي وصل إلى كل المستويات: السياسية، والقانونية، والاقتصادية، والعمرانية، والسكانية، والتعليمية، والثقافية، والحضارية، والتاريخية، وخاصة بعد أن أعلنت إسرائيل في التسعينيات من القرن الماضي، عزمها على إقامة "القدس العظمى" أو "القدس الكبرى" التي تبتلع معظم أراضى الضفة الغربية، والتأكيد على جعلها عاصمة أبدية موحدة للدولة اليهودية الآثمة.
ولا نبالغ أيضا – والكلام للمؤلف- اذا قلنا أن القدس اليوم في النزع الأخير، وأن الأفعي الصهيونية التي تزحف عليها منذ أكثر من نصف قرن، تستكمل اليوم ابتلاعها، بعد أن وصل مخطط التهويد الى أعلى مستوياته، ونجح في تفريغ المدينة المقدسة من سكانها الأصليين، العرب والمسلمين، فصاروا اليوم قلة أمام أغلبية يهودية كبيرة تم جلبها من مختلف دول العالم، وجرى تطويق المدينة بسلسلة كبيرة من المستوطنات الصهيونية التي يقطنها مئات الآلاف من الصهاينة المتطرفين، هذا الى جانب تشويه الطابع العمراني والديموجرافي للمدينة بهدم الأحياء والمباني والعقارات العربية، ناهيك عن سلسلة الأنفاق والحفريات الصهيونية التي تمت في المدينة وتحت الحرم القدسي وأسواره عبر عشرات السنين، ومازالت مستمرة حتىاليوم، وما جرى من تهويد لنظام المدينة السياسي والقانوني ونظم حياتها واقتصادها وتعليمها وثقافتها وتاريخها وحضارتها.
ويقوم مخطط تهويد القدس- كما يؤكد المؤلف- على أسس ثلاثة هي: العزل، والطرد، والإحلال. والعزل يعني عزل القدس عن محيطها الفلسطيني والعربي والإسلامي، والطرد يعني طرد المقدسيين من القدس تحت ذرائع متعددة، ومصادرة هوياتهم المقدسية، وخاصة من أقام منهم فترة خارج المدينة، والإحلال يستهدف إحلال المستوطنين اليهود بدلاً من الفلسطينيين المقدسيين، لتحقيق أغلبية يهودية في المدينة على حساب الوجود العربي.
وقد أهدى المؤلف كتابه هذا الى زهرة المدائن.. زينة المدن.. ومدينة الزيتون، التي تتراءي قضيتها له عبر الأفق منذ وعي على هذه الحياة..والى كل مسلم تحيا قضية القدس في عقله وقلبه وضميره..والى كل عاشق للمسجد الأقصى المبارك يحلم بأن يأتي اليوم الذي يتحرر فيه معشوقه من براثن الأسر الصهيوني، فيتمكن من شد الرحال اليه والصلاة فيه..والى كل مناضل وثوري على أرض فلسطين الطاهرة..والى كل شهيد سال دمه الطاهر على أرض القدس وفلسطين..والى كل مقدسي عربي أصيل رفض أن يترك مدينته، وأصر على الرباط فيها..والى كل شاب وفتاة وشيخ فلسطيني رابط في المسجد الأقصى لكي يحميه، بما يستطيع، من دنس اليهود وافكهم..والى كل زعيم وسياسي وعالم عربي مسلم دافع عن هوية القدس وخدم قضيتها ورفض التفريط في الحق العربي والإسلامي الأصيل في قدس الأقداس..والى كل كاتب وباحث ومفكر نصر قضية القدس بكلمة أو مقال أو كتاب أو دراسة..
ولعل هذا الكتاب يكون لبنة في طريقنا الى تحرير القدس ومسجدها الأقصى، وإنقاذهما من براثن الصهينة والتهويد.