القاهرة 22 ابريل 2018 الساعة 02:28 ص
منى لملوم
حالة من النوستالجيا انتابتني حين وقفت أمام شاطئ المحيط الهادئ في آخر نقطة في الأرض، كنت بسان فرانسيسكو مدينة السحر والحرية وكل جميل، فبعد أن اجتزت الكوبري الذهبي إلي تلك البقعة الرائعة علي المحيط الهادئ، تخيلت نفسي أقف على شاطئ البحر في الإسكندرية، وبشكل تلقائي وجدت نفسي أخلع حذائي لأسير حافية على الرمال حتى وصلت إلى الماء فأخذت أغمس قدمي فيه، وأدندن (شط إسكندرية يا شط الهوا).
ونسيت المحيطين للحظات، لأتخيل نفسي أقف علي شاطئ البحر بالشاطبي بالإسكندرية وتحديدا في منطقة السلسة، لا أعرف وجه الشبه سوي البحر، فربما شوقي للإسكندرية هو ما جعلني أتخيل أني هناك.
أتذكر تماما ملمس الرمال البارد تحت أقدامي فقد كنا في شهر ديسمبر، وأتذكر اندفاعي للنزول إلى الماء ثم هروبي السريع من الموج حتي لا تبتل ملابسي، وكأنى أداعبه، وكأنه قد أعجب بالدعابة لنكررها سويا أكثر من مرة، في كل مرة يلمس البحر أقدامي دون أن تغرق ملابسي، فاعتبرت نفسي قد انتصرت عليه وحينما حان وقت الرحيل نظرت إليه وأنا أكاد أستعطفه أن يبلغ سلامي إلى مدينتي الجميلة، وأنا أقول له سوف أذكرك لأنك للحظات سمحت لي أن أطفئ نار شوقي إلى إسكندرية فيك، ولشدة علاقتي بالبحر شعرت أنه يكاد ينطق ويقول بل الشكر لك لأنك قمت بزيارتي في فصل الشتاء، الفصل الذي يغيب عني فيه الزوار، ضحكت من داخلي وأنا أسمع صوته الداخلي يقول ذلك لأرد عليه ألا تعلم أننا كسكندريين نعشق البحر بالشتاء أكثر من عشقه بالصيف، لينطق بصوت عال وموجه يتلاطم ( سلامى لإسكندرية يا جميلة، ولشتائها الجميل).
منى، اسمى منى فقط للتوضيح قلتها ضاحكة وأنا أعرف ما يقصد وعرف هو ما قصدت!
لم يكن أول رحلتي في هذا اليوم بل كان آخرها، لكنه أهمها لذا لم أستطع تأجيل كلماتي عنه، كان ينقصني في تلك اللحظات كرسي وشمسية وكتاب، وأن أنتظر لحظة الغروب لأحادث الشمس والبحر سويا وأخبر الشمس التي تغيب أني في انتظار يوم جديد وأمل جديد.
ما يبهرك في سان فرانسيسكو كيف يستطيع الامريكيون تحويل كل شيء إلي بيزنس، فعندما تعلم أن هذا السجن علي مرمي البصر، والمتواجد علي جزيرة داخل المحيط والمسمى ( الكاتراز) أصبح معلم سياحيا من معالم المدينة، تقوم بإيجار مركبة لتوصلك إلي الجزيرة لتتجول داخل السجن بزنزاناته المتعددة.
هكذا يفكر الأمريكيون، كل شيء يمكن تحقيق الأرباح منه، وهنا تكمن العبقرية الإقتصادية لديهم، وبالفعل يشهد المكان إقبالا كبيرا من السياح، والحقيقة أنه لم تتح لي الفرصة لزيارته لضيق الوقت، ولست أكيدة من رغبتي في الزيارة إن كان هناك وفرة في الوقت.
ولا يمكن أن تزور سان فرانسيسكو دون أن تستقل ال (هوب أون هوب أف) وهو نوع من الأتوبيسات له دورين محاط في كل ادواره بزجاج حتي تستطيع مشاهدة الأماكن الجميلة بالمدينة والتي تقوم من خلاله بجولة فيها، يصحب ذلك تعليقا من رجل خفيف الظل يشرح لك كل مكان تمر عليه، سينبهك للشوارع المتعرجة بالمدينة وسيمر بك في الحي الصيني العريق، ستستمتع بحق بتلك الجولة، إلا أن سعره باهظ الثمن قليلا حيث يقارب ال 40 دولارا في الساعة الواحدة.
سان فرانسيسكو ليست فقط أماكن تستمتع بالتجول فيها ولكن تستمتع كذلك بالشراء منها رغم ارتفاع أسعارها المعروف. فقط احمل معك كل ما تملك ولن تعود معك بشيء.. هكذا هي ولن تنزعج إذا فعلت.