القاهرة 13 مارس 2018 الساعة 11:10 ص
كتب / حسين عبد العزيز
إن الفتاة السعودية التي كتبت مقالا تقدح فيه مصر على وضعها الراهن وقد تناست تلك الفتاة أن مصر لم تكن تفعل ما تفعله طوال تاريخها من أجل مقابل (ما) وبما إن في غنى على أن أرد عليها أو حتى أناقشها في أهمية مصر كدولة أو كشعب وأترك تلك المهمة للكاتب والشاعر وقبل كل هذا الصديق عمّار الحيدري الذي وجدته من تلقاء نفسه يرسل تلك المقالة في حب مصر دون أن يطلب منه أحد رغم أنه لم تطأ قدمه مصر قط ولكنه يتغنى فيها وكأنه عاش فيها.
تراب .. مصر ( بقلم عمّار الحيدري)
صح لم أشرب من نيلها و لم أشُم شم نسيمها
لم أزور حواريها و حاراتها الشعبية و لم أذق الفول البلدي و لا الطعمية
لم أنادي في طابور المدرسة " بلادي .. بلادي لكِ حبي و فؤادي "
لم أكتب يوماً على السبورة و لم أدون حرفاً في كراسةٍ أو كشكول
لم أتشعبط بالترومواي و لم أركب تاكيسها " الأبيض و الأسود "
لم أذق طعم الكُشري و لا الفسيخ .. ولا حتى المش
لم تلوحني شمس أسوان بسمرة " إبن البلد "
لم أعانق أشرعة العنفوان في بور سعيد
لم أقزقز لب في كامب شيزار و لا الجيزة
لم أبكي تضرعاً بالسيدة زينب و لم أتبارك بسيدنا الحُسين
لم تعلو الدهشة وجهي من رؤية أبو الهوال و الأهرامات و معبد أبو سنبل
لم أرفع جبيني عالياً برؤية السد العالي و بحيرة ناصر
لم .. و لم .. ولم ..
لكنني عشقتُ كل ذلك دون أن أراها .. عشقتُ مصر
عشقتها .. من طيبة و جدعنة و أصالة أهل مصر
من تلك الآه في صوت أم كلثوم و تغريد العندليب الأسمر
من أهازيح النصر في إستاد القاهرة تهتف بفرح "تحيا مصر",
لي صديقٌ مصريٌ يعمل في بلدي لبنان ... شرب من نيل مصر
و شم نسيمها و داس ترابها .. فلا بد أن يشتاق و يعود لها
صديقي أخذ إجازة عمل و بدء يتحضر لرحلة العودة لذاك الحضن
كان يتحضر بفرح لعناق أمهِ .. مصر
و هو يودعني قال لي : "أجبلك إيه معايا لما أرجع من مصر"
فابتسمت له .. و قلت " بدي سلامتك ترجع بالسلامة"
لكن هنالك شيءٌ ما خفي بداخلي حركني للنطق فقلت : " بدي شي"
فقال صديقي : " من عينيّ عايز إيه" قلت : " بدي تجبلي معاك شوية تراب من مصر"
و في اليوم التالي سافر لمصر و مكث فيها شهرين ثم عاد إلى عمله في لبنان
و بلهفةٍ ذهبت للسلام عليه و أخذ الهدية منه ..
لكنني تفاجأت بأنه لم يجلب لي معه شيئاً !!!
فقال لي : "صدقاً لم أكن أتوقع بأنك تتكلم بجدية بهذا الطلب"
و مرت الأيام و لم أحصل لغاية اليوم .. على هديتي
على حفنةٍ من تراب أم الدنيا .. مصر.