القاهرة 13 فبراير 2018 الساعة 09:59 ص
شيماء عبد الناصر حارس
مكنسة
أمام الشاشة اللاهثة بالموجات جلس الأطفال يقودهم أخوهم المراهق. تنبعث الأضواء مكونة صورة لراقصة في ملهى ليلي وبجوارها مغنٍ. أحيانًا بالقرب وأحيانًا أخرى أبعد، لكن المراهق سعيد بالراقصة. جسدها الذي يتلوى بسرعة فائقة على أنغام الموسيقى الترقيصية الساخنة والسريعة جدًا. وهو لا يرى على الشاشة غيرها. بينما كان الأطفال أقل انتباهًا لها ولم يلفت نظرهم كثيرًا تعليقات الأخ الأكبر الجنسية على تفاصيل الجسد العاري منه وما تيسر له الغطاء. لكن كانت لدى الطفل الأصغر أمنيات كثيرة جدًا. لكنها تلخصت في أمنية واحدة كبرى يستطيع من خلالها أن يشتري كل اللعب، الحلوى، الشوكولاتة، المقلمة التي على سطحها حوض سمك ملون وذهبي لامع، كراسة رسم جديدة أكبر وأضخم وعلبة ألوان شمع من النوع العالي الجودة، وغيرها الكثير والكثير لو أنه فقط تحققت أمنيته، لو يصبح مكنسة تستطيع شفط الأموال التي تنثرها أيادٍ ما حول الراقصة.
موت يوم
أدارَ عيناه حول المكان، حمد الله أنه لا يزال حيا، منحه نعمة يوم جديد، لم ينهض من الفراش، ويوقظ الصغار، حيث يتعلقون برقبته، مداعبين شاربه الأبيض الكثيف، يتجاذبون أطرافه الضعيفة، ولم يقم بصنع وليمة إفطار شهية لهم، يتنازعون فيها على الخبز الطازج والبيض والجبن، ولم يذهب لقراءة القرآن وتعليم الصغار بعض آيات من الجزء الثلاثين، ولم يجلس إلى الكرسي الهزاز ناظرًا إلى السماء في ركن الغرفة البعيد عن الشمس، يسبح الله، ويهيم في ضباب ماضيه، وأحداثه البعيدة، لم يفعل كل هذا، لكنه أغمض عينيه، ولم يحرك ساكنا بعد، نسى الصغار أن الصباح قد حل، وأن لديهم يومًا جديدًا سعيدًا، نسوا طعم البيض، ورائحة الضحى.
ثلاث نساء في المصعد
في المصعد وقفت النساء الثلاث منتظرات أدوارهن، إحداهن وكانت حامل، الثانية وقد نظرت لبطن الأخرى المنتفخ وابتسمت لها في حنان بالغ، كامرأة جربت الحامل والولادة، بينما يبدو من الحامل أنها التجربة الأولى، وقد أخبرتها بمشكلة السرة التي تحولت للخارج، فمازحتها قائلة:
- حتى يسهل عليكِ غسلها.
حينما وصل المصعد لدور الثالثة، فتحت هاتفها المحمول، وبدأت في سرد الحدث في طريقها للشقة، متأففة من تلك التي لم تكن تغسل سرتها قبل ذلك.