القاهرة 30 يناير 2018 الساعة 12:12 م
:كتبت أمل جمال أن أكون أديبة يعني أن ألتفت إلى كل كلمة تخرج من وجداني على الورق لتضيىء ،لا لتقتل أن أتغاضى عن الصغائر و أحتفي بالجمال. أن أمتلك عقلا جدليا يجيد التساؤل، و يتسم بالموضوعية . و الأهم من ذلك كله أن أكون سليمة الطوية، أنظر إلى الحياة بجدية الباحث و تلقائية الطفل. أن أتذكر كل ما تعلمته في منزلي أولا ثم ما تعلمته في مدارج التعليم خارج البيت. فهو ما يحدد إنسانيتنا كبصمة لا تتكرر أبدا أن أكون أديبة يعني أن لا ألتفت إلى من وسمني بما ليس فيَّ أو حاكمني بما لا يعرفه عني. و أستمر في عطائي. أمضي في الحياة، برضا الفقراء و ثقتهم في الله مدبر أمرهم، واعية تماما لما أحمله على كتفي من إرث لا يراه غيري .إرث تشكل منذ نعومة أظافري و أنت ألهو بميكروسكوب جدي. متأملة شوكة بويضة البلهارسيا لتحدد نوعها أو قشرة البصل التي تشبه جدارا من الطوب اللبني. فأعتاد اختلاف التفاصيل من القوة الصغرى إلى القوة الكبرى للعدسات. وأتعلم أن أتأمل العالم لا أن أراه فقط من الخارج و أنني كلما اقتربت من الأمر اتضح أو غام تماما حسب كمية الضوء و دقة النظرة مهما صبغنا شرائح المواقف بأزرق الميثلين. أو صبغة عباد الشمس .إرث تشكل و أنا أسمع مفردة مدرسة فلا تعني الجرس و المعلم و المقاعد و السبورة . وإنما تعني عوالم غنية تصطخب بأفرادها و حكاياتها التي لا تخرج عن نطاق عائلتي لأن أبطالها هم الجدة الكبيرة و العمات و الخالات تعني- الحاجه نبيهة و حفيداتها- و بنات القرية. إرث تشكل و أنا أرى والدي يجلس على الأرض مع العمال الزراعيين في حديقتنا أو حقولنا في الصباح يعمل معهم يدا بيد و يأكل مما يأكلون ولا يعلو صوته في البيت إلا إذا تأخر إرسال الطعام إليهم أو كان الطعام غير جيد لفقراء يعملون. كان يقول دائما أنها صدقة قبل أن تكون طعاما و حري بنا أن نكرمهم. إرث تشكل بفعل الجميع حتى من كن يساعدننا في المنزل و كنا نعتبرهن و نحن صغار خالات لنا، من فرط المعاملة الطيبة لهن. نتقبلهن بحياتهن البسيطة و لهجتهن و شخصياتهم المختلفة. و ملابسهن القروية الطويلة التي لا يخترنها من مجلات البوردا أو من كتالوجات سعد الحواوشي ترزي العائلة. لعلني الآن أصفق لنفسي بعد موقف قريب وضعني على المحك . و أتمنى أن أصفق دوما حين تختبرني الأيام من آن لآخر. أشجعني و أنا أترحم عليهم جميعا و أقول لهم ياجدتي التي أرسل اليك جمال عبد الناصر تلغرافا ليرد عليك زوجك من الصعيد حين شكوت إليه نقله تعسفيا و يا جدي يا من علمتني دقة معلميك الإنجليز و صرامتهم في التعامل. و يا أبي الذي علمني الرقة و الرحمة و يا أمي التي تعبت كثيرا. أنا ابنتكم البارة التي تمضي في الحياة مازالت و هي تنوء بعبء المحبة و الخير و العدل و مازالت تنتصر لكم
|