القاهرة 09 يناير 2018 الساعة 09:57 ص
كتبت: شيماء عبد الناصر حارس
ليس الملل هو ما يجعلها في تلك الحالة، إنما الأمر لا يعدو أن طرف الظفر الذي كسرته بيدها كعادتها في تقليم الأظافر بيدها في أكثر الأوقات، إنما هذه المرة الأمر مختلفاً فقد كسرت الطرف ووضعته بجوارها حتى تقوم وتلقيه في سلة القمامة بعد أن تلفه في كيس صغير جدًا بداخل منديل ورقي، ولكنها نسيت الأمر وبعد سويعات تذكرت، هرعت إلى طرف الترابيزة التي وضعت عليها الظفر المبتور ولم تجده وهنا جن جنونها، أين ذهب، تحسست الترابيزة الملساء في الظلام فلم تجد شيئًا، انتفضت إلى كبس النور وضغطت عليه بينما يقفز جسدها ناحية الترابيزة مرة أخرى، ولم تجده، شعرت بجذور الشعر المرشوش فوق رأسها يتجمد، إن ضياع طرف الظفر ينبئ بكارثة، من يا ترى سيأخذه وماذا سيفعل به؟، زوجة أخيها وربما أخذته ولفته في منديل صغير وبعثت به لأمها كي تذهب هي الأخرى للشيخ في قريتهم البعيدة وتصنع لها حجابًا أو شيء ما يزيد حالتها وظروفها من سيء إلى أسوأ.
امتعض قلبها، وانهارت قليلا وجلست على كرسي بجوار الترابيزة وعيناها ممسمرتان عليها، ربما أخذته زوجة عمها ابنة الكلب، فهي معروفة في البلدة كلها بأعمالها وسحرها، وضعت يديهيا فوق رأسها فوق بعضهما وسرح خيطان من الدموع على وجهها في طريقهما لأسفل، زيجتها التي بالكاد تسير في طريق ملغم ستنتهي بالتأكيد، وربما يحدث معها مثل نوال التي تزوجت بينما عاشت مع زوجها لمدة شهرين وهما إخوة، إلتوى قلبها لهذا الخاطر وبدأت في الانهيار الكامل، طلبت رقم أختها على الهاتف وبنبرة استطاعت أخيرًا أن تشدها من حنجرتها أخبرتها بما حدث، وبدأتا الاثنتان في النواح من جديد، واحدة أمام الترابيزة والأخرى على الهاتف توبخها وترد الأمر إلى إهمالها، فكم مرة طلبت منها الحرص وعدم الانصياع لتلك العادة الكريهة من قضم الأظافر بيدها أو كسر طرفها باليد، وكم مرة أكدت عليها أنهما اثنان لابد أن تحترز منهما لأن المكروه يأتي بهما، الأظافر والشعر، اختنق صوتها ولم يكن هناك بد من إغلاق الخط في وجه أختها التي لا تعرف شيئًا سوى اللوم، وبدأت نظرتها تتسع وهي تسأل نفسها: أين طرف الظفر المبتور الضائع؟
هذه ليست المرة الأولى، فتعكير صفو الخطوبة الأولى وانتهائها بالفسخ يرده البعض وهي من ضمن إلى لفة شعيرات كانت تجمعها في درج صغير وتتحفظ عليها حتى تكبر ومن ثم تأخذها إلى مكان بعيد آمن وتخفيها فلا يعلم مكانها أحد، وفي المرة السابقة أخبرتها أختها أن أفضل مكان لذلك هو قبر والدهما الذي يزورانه كل جمعة، ذهبن في وقت متأخر ووضعن في يد الحفار بضعة جنيهات حتى فتح لهما المقبرة وأخذ الكيس وبداخله لفتي شعر كبيرتين واحدة لها والأخرى لأختها التي تأخر إنجابها وقد عزت ذلك إلى عمل أو حجاب أو سحر أو غيره صنعته لها جارتها أو إحدى سلائفها.
لكن وقبل أن تكبر اللفة بالحجم الذي يسمح لهن بلفها في قطعة قماش ووضعها في كيس أسود، وتحشو كل واحدة منهما كيس شعرها في صدرها والذهاب إلى القبر، قبل أن يحدث ذلك اختفت، وعلى ذلك فراحت تذرح البيت جيئة وذهابًا بدون طائل، ودموعها تنسحب وتبلل عنقها ويديها تفركان لا إراديًا ببعضهما، وحينما استسلمت في الليل ووضعت جسدها على السرير للنوم، كانت قد استراحت لفكرة أن زيجتها ستذهب طيات العدم، لم ينقبض صدرها واستراحت أن ذلك هو النصيب، بعد أن اتصلت بمن في يده الأمر وأخبرته أن موضوع الزواج قد انتهى، لأمر يعلمه الله، مسحت دمعتاها اللتين هبطتا كبيرتين بعد تلك المكالمة، وقد انتعش فكرها مرة أخرى وعادت لما كانت عليه، وفي الصباح بينما تتناول طعام الإفطار انزاحت وريقة صغيرة من فوق الترابيزة، وقد استقر أسفلها، طرف الظفر المبتور الضائع.