القاهرة 09 يناير 2018 الساعة 09:44 ص
حوارها: أحمد مصطفى الغـر
"نسرين البخشونجى" كاتبة صحفية و روائية،لها رواية باسم "غرف حنين" عن دار أكتب للنشر و التوزيع عام 2011م، و مجموعة قصصية " بعد إجبارى" عام 2009،والتي لاقت استحسان الجمهور و النقاد،ومجموعة أخرى صدرت مؤخراً بعنوان "تفاصيل" عن دار روافد ،كما صدر لها رواية "عطر شاه" عام 2013 عن مجموعة النيل العربية للنشر ، التقتها "مصر المحروسة" وكان لنا هذا الحوار:
بين الصحافة والأدب .. تبحر سفينتك في بحر الإبداع ، فهل لنا أن نعود قليلاً إلى الوراء .. لنتعرف على بدايتك في دنيا الصحافة وعالم الأدب ؟
بدأت العمل فى المجال الصحفى عام 2003, راسلت عدد من الجرائد والمجلات حتى جاء العام 2008 حيث عملت بجريدة المصرى اليوم. شغفى بالأدب دفعنى للبحث الدائم عن الكتابة فيه وعنه ، وبالتالى اخترت الاختيار الصعب,
العمل بالقطعة. بالنسبة للأدب كنت أكتب منذ المرحلة الإعدادية, كان ذلك نتيجة طبيعية لعشقى للقراءة, لكنى لم أتصور أن اللعبة ستصبح حقيقة فى حياتى, ولم ينبهنى لها سوى الكاتب "د.زين عبد الهادى "الذى يعاملنى كإبنته منذ تعرفنا عام 2008م، أذكر انه فى معرض الكتاب كان يتصفح مجموعة قصصية للكاتبة الصديقة آمال عويضة ثم قال لى "أتمنى أن تشارك مجموعتك القصصية العام المقبل بالمعرض" وكانت جملته هى البداية بالنسبة لى.
أشاد كثيرون بروايتك الأولى"غرف حنين" ،لكن ثمة انتقاد رأي البعض أنه قد انتقص من جمال الرواية،وهو فقدان العمق ،إذ تناولت أكثر من قضية وعرضت قصة كل شخصية من شخصيات الرواية ،لكن بلا عمق كاف ،كيف تردين ؟
تبتسم.. ، وتجيب: لا أستطيع أن أقيم أعمالى !
في رواية "عطر شاه" ،هل ثمة تشابه بين بطلة الرواية "عطر" و "نسرين البخشونجي" في حياتهما ؟،وعموماً ما مدى العلاقة بينك وبين نصوصك وشخصيتها، هل تمثل تجربتك الحياتية؟
نعم, هناك بعض التشابه. فأنا عاشقة للروائح وللمطبخ, من خلال شخصية "عطر شاه" أردت أن أكتب عن هذا الشغف. بالنسبة للكتابة, لا يمكننى إنكار أن ثمة علاقة بين ما أكتبه و بين حياتى الشخصية, فأنا أطرح من خلال كتاباتى أفكارى ،ولكن كل ما أكتبه معجون بالخيال, فالأدب لو فقد الخيال لن يكون أدبا, لأنه سيفقد بريقه.
بمن تأثرتِ من الكُتَّاب؛ أية كتابات كان لها أثرها في مشوارك الإبداعي؟
هذا السؤال صعب جدا بالنسبة لى, ماذا تتوقع من طفلة قرأت لـ "شيكسبير" و"تشارلز ديكنز" قبل أن تكمل العاشرة؟!، يمكننى أن أحدثك عن كتَّاب أحبهم مثل الحلاج, الجاحظ, درويش, دنقل, نزار, محفوظ, ويوسف إدريس ،ولكننى لا أزعم أنى تأثرت بكتابات أحد بعينه.
أقتبس من كتاباتك "إلى كل بنت من بنات حواء وجدت نفسها بين حروفي..أهدي إليكن بعضًا من روحي" ، هذا يدفعني لسؤالك عن حجم المرأة في كتابات "نسرين البخشونجي" ؟
أكتب دائما من وجهة نظر الأنثى, عما يؤلمها نفسيا, عن قسوة المجتمعات العربية, عن محبتها للحياة, عن صراعاتها الداخلية وهكذا. وهذا طبيعى بالنسبة لى, لكنى لا أدّعى أننى أكتب أدب نسوى.
لا تنفصل المرأة عن أنوثتها حين تكتب ،فيظهر حسها الأنثوي طاغياً فيما تكتبه ،هل هذا عيباً برأيك ؟
لا طبعا, ليس عيبا لانه أمر طبيعى ومنطقى.
قلت سابقاً أن " كتابا عرب كثيرين لديهم مهن أخرى غير الكتابة لكى يتمكنوا من مواصلة الحياة" ، فما سبب أزمة النشر و الأدب ؟ ،وكيف يمكن حلها .. برأيك ؟
أزمة النشر تتلخص فى ثالوث الصناعة "النشر, التوزيع ،والكتاب كمنتج". مهنة النشر إلى وقت قريب كانت مهنة المثقفين ،صحيح أنهم يتكسبون منها كأى مهنة ،ولكن تظل الأسماء الكبيرة فيها تعى تماما معنى كلمة الأدب الجيد. لكن ظهرت موجة الناشرين الجدد بالتزامن مع ظهور موجة الكتاب الشباب, جزء كبير منهم للأسف يرغب فى أن يصبح غنياً، فقرر أن ينتج أدب ضعيف من أجل كسب المال. مشكلة التوزيع أيضا كبيرة, لأن الناشر لديه كتب يريد أن يعرضها لكن المكتبات ترفض عرضها فى مقابل عرض الكتب الأكثر مبيعا. نأتى للكتاب "المنتج" وهو المصيبة الكبرى, فبعض دور النشر لا تهتم بالمحتوى سواء المادة "المحتوى" تجد هناك أخطاء لغوية وإملائية بشعة, كذلك نوع الورق وتصميم الغلاف,لأنه لا يهمه "أي الناشر" ما دام قد "قبض" ثمن الكتاب قبل طباعته من الكاتب الشاب. أعتقد أن الحل يمكن فى وضع تصور يلزم الجميع من خلال دعم الدولة لصناعة الكتب وأن يعمل اتحاد الكتاب مع اتحاد الناشرين لحل مشاكل ضعف المحتوى وضعف المنتج.
هل لديك طقوس معينة تقومين بها عند الشروع في الكتابة؟
ليس الآن وأنا أم لطفلين, قديماً.. حيث كنت أستمع إلى الموسيقى وأشرب القهوة, كنت أقوم لأكتب في أى وقت. الآن أكتب فى أى وقت أيضا ولكن تحت حصار يوسف ومريم.
برأيك: (الفن والثقافة في مصر ، يحتاجان إلى ...؟ ).
وعي وإدراك من الدولة المصرية لدورهما العظيم فى تنمية الإنسان, وهما السلاح الآمن ضد الإرهاب, والتخلف والجهل.
يصفك البعض بأنك "كاتبة متطورة" .. كل عمل يحقق نجاح ويثبت جدارة عن سابقه ، هل توافقين على هذا الوصف ؟
بالطبع أوافق, رغم أن هذا الوصف يسعدنى لكنه يخيفنى, لأنى أريد أن أغير جلدى بإستمرار ولذلك كل كتاب جديد لي يختلف تماما من حيث اللغة, الفكرة وطريقة الطرح عن الذى قبله. أريد دائما أن أدهش نفسى وأريد أيضا أن أحرق كل ما كتبته سابقا.
لك مقال بعنوان "المهمة لم تعد مستحيلة" تنتقدين فيه الكتيبات صغيرة الحجم،مجهولة المصدر،التي تخوض في أمور دينية بشكل غير مدقق أو موثوق، ما رأيك لو طبقنا نفس الفكرة مع الأدب .. ونشرنا كتيبات مثلها للشعر أو "ق.ق.ج" ؟
أتمني أن تتبنى الهيئة العامة للكتاب هذا المشروع سأكون سعيدة جدا, أعتقد أن كل زملائى الكتاب سيشاركون فيه تطوعا. فالكتاب مصدر قوة ووسيلة رائعة جدا لجذب الشعب نحو القراءة الهادفة من جديد.
قد يكون سؤالاً مستفزاً بعض الشئ ، لكن .. لماذا تكتب "نسرين البخشونجي"، ولا تكتفي بعيش حياتها كما تعيش معظم النساء العربيات؟
هذا السؤال ليس مستفزا بل مؤلما, سأكتفى بأن أجيبك بمقطع من نص كتبته حين انقطعت عن الكتابة لفترة:
أنا لا أَكتُب..
أَنتم لا تَعرفون المَعنى..
أَنْ يَتحوَلَ صَمتي،
المجنوووون
إلى ثورة!!
ويَتحولُ الحَرفُ داخِلي..
لدوامةٍ،
وأظلُ حَبيسة كَلِمة،
لَمْ تُكتَب بَعد
ونصًا يرفضُ الميلاد.
هل عملك الصحفي يؤثر بالسلب أم بالإيجاب على إبداعك الأدبي ؟
حين بدأت النشر الأدبى, تلقيت أكثر من نصيحة بأن أبتعد عن مهنة الصحافة حتى أتمكن من مواصلة مشروعى الأدبى, ولكن إلى الآن أظن أن عملى يؤثر إيجابيا على كتاباتى, فأنا صحفية ثقافة, أقرأ الكتب وأكتب عنها مقالات ،وأجرى حوارات مع أدباء من جميع أنحاء العالم, بالنسبة لى العمل مصدر من مصادر قوتى وليس العكس.
في الختام .. حدثنا عن مشاريعك الأدبية المستقبلية ؟
قريبا, سيصدر لى كتاب "بالرينا"عن مؤسسة شمس للنشر ،وهو نصوص شعرية مختارة كتبت خلال خمسة أعوام.