القاهرة 07 اكتوبر 2017 الساعة 01:07 م
رضا عبد السلام
أنا شاهد على العصر منذ عهد جمال عبد الناصر وحتى الآن
على الواقع أن يتقبل الحداثة كما هى و يضيفها إليه لأنها ستقوده لخطوات نحو المستقبل.
حوار سماح عبد السلام
" اللوحة بالنسبة للفنان التشكيلى الدكتور رضا عبد السلام بمثابة منظومة لونية ذات معنى تعبر عن فلسفة خاصة، هى "مرأه" ينظر فيها ليرى نفسه. تعكس هذه المرأة الصورة الحقيقية لفنان مر بالعديد من التجارب الحياتية التى صقلت موهبته، تنوع إنتاجه الفنى ما بين اللوحة والتمثال والعمل المفاهيمى والكتابة وغيرها من مناحى الإبداع المتنوعة والتى يجيدها، هو فنان متنقل سريع القفزات يتمتع بجرأة شديدة وجسارة كبيرة، متيم بإعادة تدوير الأشياء المستعملة، و باحث دوماً عن البهجة فى الأزمنة المنسية".
= كيف تعمل على تطويع الأشياء المستعملة وإعادة تدويرها للخروج بمنتج فنى وجمالى وخاصة فى معرضك الأخير "البحث عن البهجة فى الأزمنة المنسية"؟
أحتفظت بعشرات الدعوات الخاصة بى لمعارض الفنانين منذ السبعينات حتى الآن، لم افرط فيها لأنها جزء من التاريخ يوثق لمراحل زمنية هامة فى تاريخ الحركة التشكيلية، نعرف من خلالها الفنانين الذين عرضوا فى تلك الأوقات، فضلاً عن أنها تكشف عن شكل الطباعة فى التسعينات، التى أقتصرت على اللونين الأبيض و الأسود. فأهتديت الى فكرة تجميع هذه الدعوات وتوظيفها فى "الطبالى". كما قدمت لوحة كبيرة منفذة بتقنية الكولاج بمنزلى لم اعرضها حتى الآن. فضلاً عن ارفف أستخدمها كأستخدام منزلى. أستخدمت كمية الدعوات التى احتفظت بها بالكامل وبالتالى وثقت بها مرحلة فنية وأرشفتها بهذه الأعمال. وعلاوة على ذلك أن الطبلية البلدى التى نشأنا وتربينا حولها منذ طفولتنا ومازال هناك من يستخدمها فى الأماكن الشعبية والأرياف أصبحت جزءً من فلكلورنا وهذه هى الوظيفة النفعية لها. لذا فكرت فى العنصر النفعى الوظيفى مع العنصر الجمالى واستخدامها فى نفس الوقت.
= "البحث عن البهجة فى الأزمنة المنسية" يبدو وكأنه عنوان لعمل أدبى، فما هى الفلسفة وراء اختيارك لعناوين معارضك رغم أن لغتك البصرية جمالية بحته؟
تتوقف عملية توفيق المحتوى الأدبى مع البصرى على صياغة التعبيرات الإنشائية والتشكيلية فى نفس الوقت. ربما هناك أسباب دفعتنى إلى عنونة معارضى من التسعينات تحديداً، فقد جرت العادة أن يطلق الفنان يطلق على كل لوحة اسم بمفردها بحيث يؤدى إلى معنى. تجدين تنوع فى الموضوعات ما بين بورترية، طبيعة صامته، منظر، تسجيل من الواقع. ثم نجد فنانين يهتمون بموضوع الواقع أو الساحل .. إلخ. لكنى استبعدت هذا الأمر لأنى أنتمى إلى الفنانين الذين يعتمدون على طاقة الخيال والإبداع الحر، الأفكار تولد لدى فى لحظة بدء وممارسة العمل على السطح مباشرةً، ولا اعرف ماذا أفعل ولا أرسم خريطة لحركتى. مثلما كنت جندى فى الصاعقة ادخل منطقة فى حقل ملغوم ربما يصينى لغم أو أن أتفاداه. فمسطح اللوحة بالنسبة لى مجهول، كأنه التحليق فى خيال غير واضح المعالم أو الرؤى. لكن ما دفعنى لذلك هو أننى بعد الأنتهاء من مجمل الأعمال الفنية ابدأ فى التفكير فيما فعلته. ثم أكتب إحساسى وأنطباعاتى وانفعالتى التى دفعتنى للوصول لهذه النتيجة. ثم ابدأ بأختيار العنوان. دفعنى لذك سبيين أولهما عملى فى الصحافة على مدى ثلاثين عاماً متصلة فى الأهرام"1976- 1981" وفى مجلة المصور " 1981 – 2006". هذا يعنى أننى قرأت لكبار الكتاب بداية من توفيق الحكيم، عبد الرحمن الشرقاوى، يوسف إدريس، حسين فوزى، زكى نجيب محمود وراجائى عنايت وحسين أمين وكل قصص الجاسوسية لصديقى صالح مرسى. مما أفادنى وأثرى فكرى ووجدانى. أيضاً كنت أفضل الفنانين الذين يكتبون ويرسمون مثل الراحل حسن سليمان. استغرب من علاقة عملة فى الطبيعة الصامته وكتاباته. عندما يقدم عمل عن البحر يكتب بلغة أدبية رشيقة جداً، عكس ما تعلمنا بالكلية التى تحفز على ممارسة الفن فقط. مع الوقت والأحتكاك بحركة الفن فى مصر والعالم وجدت ان دور المعلم لا يكمن فقط فى التعليم، فلابد أن يكون قدوة لتلاميذه ومثقف وليس هناك مانعاً فى ان يكتب. ولكن دافعى للكتابة كان ورائه تقلص عدد النقاد فى مصر. وطبيعة عملى أنا وزملائى الحداثيين افتقدت إلى الكتابة النقدية التى تعبر عنا فكتبت عن نفسى وهو ما فعله إيضاً الدكتور مصطفى الرزاز، أحمد فؤاد سليم، عادل السيوى، محمد عبله وآخرين. بدأو فى حل مشكلة الفراغ الذى وجد بالساحة، للتعبير عن الأتجاهات الحديثة. لم نجد الكتابة النقدية التى تساير هذه الأتجاهات فوجد الناقد الفنان. على الأقل أعبر عن نفسى. أخترت كتاباتى وعنوانى وقمت بالتنظير لها.
= كيف يتسنى لك التعامل مع أكثر من وسيط إبداعى؟
هذا يختلف من فنان لأخر. لابد أن يحب ذلك. لدينا عدلى رزق الله تخصص بألوان الأكوريل وبرع فيه، وحسن سليمان برع فى التصوير الزيتى ولديه اكوريلات هائلة وتصوير بالفحم، ولكن هناك رمزى مصطفى وعبد السلام عيد وداوستاشى وأنا مغرمين بإعادة تدوير الأشياء المستهلكة، وتوظيفها. لا أستطيع أن انفصل عن الوسائط والخامات. لدى بورشتى فى المنزل أدوات عديدة وأفضل العمل بيدى، أحتفظ بفوارغ الأشياء لإعادة أستخدامها كوسيط فنى لتحقيق نتائج جمالية قيمة.
= وماذا عن تجربتك فى النحت، ولماذا لم تتخصص بهذا المجال كونك قدمت معارض هامة لاقت أحتفاءً كبيراً؟
لا استطيع القول بأنى أقدم نحت بمعنى الكلمة ولكنه تشكيل نحتى. وجاءت البداية فى أوائل التسعينات بقاعة أكسترا، حيث أقمت معرضاً كبيراً بكابلات الضغط العالى. ثم وجدت نفسى أهتم بإعادة جمع والتقاط بقايا الخشب الذى يستغنى عنه مصانع الخشب واقوم بإعادة صياغتها وقدمت منها معرض بقاعة الباب بالأوبرا عبارة عن تصاميم نحتية، واعتبرها تجربة نحتية رائدة ولم يتناولها فنان فى مصر
بشهادة نحاتين كبار. قدمت فكرة جديدة لمعالجة مفهوم النحت الميدانى. ولا أستطيع التخصص فى مجال النحت لأنى رسام بالدرجة الأولى. أعشق الفرشاه واللون والقلم الفلوماستر والحبر الشينى. لا يمكننى الأستغناء عن إعادة تدوير الأشياء. وهذا يعود إلى طبيعة عملى فى بداية حياتى بشركة بترول أبو رديس كميكانيكى سيارات. تعاملى مع الموتور والأداوت لا أستطيع التخلص منه كونه جزء من تجربتى وخبرتى، وكذلك عندما كنت جندى بالصاعقة تعاملت مع بيئة مفتوحة وانفجارات والغام. كل هذه مفردات وادوات ووسائط تعبير. أعشق التشكيل بيدى.
=رحله الفن التشكيلي غالباً ما تكون مسكونه بنقاط فاصله ولحظات تحول، فما هى أبرز محطات وتموجات هذه الرحله لديك منذ البدايه وحتى الآن؟
مررت بعدة محطات فى غاية الأهمية. الأولى تتمثل فى النشأة حيث أنتمى إلى بيئة ساحلية وبالتالى كان أنتاجى عن البحر والشاطئ والمراكب غزيراً، قدمت من خلاله عدة معارض وبالتالى هذه مرحلة مهمة. وأعتقد بأنى الفنان الوحيد فى مصر الذى تناول عابرات القناة والمراكب العملاقة رغم أن الكثيرين تناولوا بورسعيد. كذلك محطة عملى بشركة أبورديس كميكانيكى سيارات. فقد تركت دراستى بدبلوم الصنايع فى عمر 16 عاماً، بدأت من الصفر حتى أصبحت أسطى خلال 4 سنوات فكانت تجربة ثرية، فضلاً عن أن هذا العمل كان عام 1964 زمن عبد الناصر. وقت كنا نحفظ به الميثاق ومبادئ الأشتراكية والثورة. أغتربت وأنا شاب وعانيت منذ الصغر متحملاً المسئولية مغترباً فى الصحراء. لكن أستفدت كثيراً وأشتد عودى، فهمت حقيقة نظرية الأشتراكية ما بين النظرية والتطبيق ومدى التناقض بينهم. وتمثلت المحطة الثالثة فى الصاعقة، خلال وجودى بالجيش وعندما حدثت هزيمة 1967 وأنا أبن السويس وقد أحتل الجيش الأسرائيلى الضفة الثانية، هاجرت أسرتى ولكنى رفضت الهجرة والتحقت بالدفاع الشعبى والمقاومة لحمل السلاح والمحافظة على بلدى وبعد 3 شهور قدمت نفسى للتجنيد. ثم التحقت بالصاعقة فى القوات الخاصة بالكوماندز، عشت فى الصحراء للعمل 4 سنوات وأربعة أخرى بالجبهة للحرب. المحطة التالية كانت عملى فى الصحافة طيلة ثلاثين عاماً. ثم عملى الأكاديمى. عشت تجربة شاقة ولكنها مفيدة لى. أنا شاهد على عصر منذ عهد عبد الناصر وحتى الآن.
= مررت بتجارب هامة قلما يتجاوزها فنان، فلماذا لا تكتب سيرتك الذاتية؟
عندما قرأ الفنان بيكار الـC.V الخاصة بى طلب منى كتابة سيرتى الذاتية. لكنى لم أكتبها و فكرت فى خوض التجربة ووضعت خطوطاً عريضة. وأن كنت كتبت هذا بشكل مختصر بمجلة بورترية منذ عدة سنوات. كما أن زوجتى تشجعنى لكتابها. وقد طلب منى الدكتور ياسر منجى كتابة سيرتى حال إتخاذى قرار تقديمها.
= إنطلاقاً من كونك فنان تشكيلى فإلى أى مدى تؤمن بقدرة اللوحه والعمل الفنى فى التأثير وخلق قناعات لدى المتلقى؟
العمل الفنى أو الإبداع عامة هو سر جمال الوجود. حتى نضيف له. وبالتالى هذه اللغة الحية لابد أن يتعلم الناس قراءة الجمال. حتى يتوفر لهم قناعات خاصة فى فهم ذواتهم والعالم المحيط بهم. لأنى أؤمن بأن الفن هو بالنسبة لى السياسة والدين. حتى أفهم نفسى أكتب، الكتابة بالنسبة لى جزء مكمل من العملية الإبداعية. كمحترف اعتدت على هذا مع الوقت والخبرة التراكمية. فما بالنا بالمتلقى العادى صاحب الثقافة المحدودة. لكننا لا نقدم الفن لذواتنا فقط ولكن الأخر لكى نؤسس لحياة جديدة، اللوحة أو أى عمل فنى له تأثير حيوى وفاعل على فكر الإنسان العادى فى إطار التعميم. وهنا نرسخ مفهوم حديث للهوية ومعنى للحياة. بحيث تكون مصر على خطُى المستقبل.
= كيف تصف العلاقة بينك وبين لوحتك وما هى طبيعة الحوار الذى يدور بينكما؟
هى حالة شديدة الخصوصية، اللوحة بالنسبة لى كالمرآة التى أرى نفسى بها، لكن المرأة لا يمكن أن تعكس غير الشكل الحقيقى الا اذا كانت مقعرة أو منبعجة فسوف تُحرف الشكل. المرأة بالنسبة لى تجعلنى أكتشف الماوراء وعالمى الحقيقى. العلاقة الآخرى حميمية جداً، بمعنى أنه كلما منح الفنان لوحته تصبح العلاقة متكاملة. أمنح علمى مزيد من صدق إحساسى ومشاعرى بالتالى تعطينى نتائج غير متوقعة. ومن هنا نعرف لماذا أطلقت على معرضى "البحث عن البهجة فى الأزمنة المنسية" حيث أعمل من هذا المنطلق.
= كيف تتعامل مع الألوان عادة و كيف تساهم في جمالية لوحاتك؟
اللون بالنسبة لى عشق. احياناً اذهب لسوق الخصار والفاكهة وأشعر بأنبهار شديد من طريقة رص البائع للمنتجات بطريقة فنية. المصور ملون، واللوحة بالنسبة لى منظومة لونية لكن هذه المنظومة لابد أن يكون لها معنى وتعبر عن فلسفة خاصة. اللون بقدر ما هو عنصر اساسى لأى مصور لكنه يكتسب مضمونه الجمالى والتشكيلى والفكرى من طريقة معالجة الفنان له. والأمر قد يبدو مختلف مع التعبيرية التجريدية حيث يتم التعامل مع اللون بأعتباره موضوع بحد ذاته. اللوحة لدى مزيج بين التعبير والرمز. وبالتالى اللون لدى يكتسب مضمونه من معالجتى له وشغفى به.
= ولكن هل الفكرة الأهم لديك باللوحة ام اللون؟
لا أفضل عنصر على آخر. لأن العمل الفنى لابد أن تحكمه قيمه ومقومات نجاحه. عندما أعمل وأجد طغيان اللون على المحتوى التشكيلى أتوقف أو أعيد النظر إليه. ولست من الفنانين الذين يهتمون بالفكرة من الأساس لأنى كمن يغامر فى فضاء بعالم مجهول لا أعرف بدايته من نهايته. أكتشف سحر الكون والأشياء. ربما تكون سباحتى وسفرى للخارج فى المطلق، الذات داخل وخارج عالمين متباعدين لكن يجمعهم قواسم مشتركة. من هنا لا أفكر فى الفكرة فى البداية لكن اللون يشكل لى الف باء التشكيل، وهو الخبرة والتراكمات. ولكنى أعمل على محور معين.
= تبُدى شغفك باللوحة دائماً، الا ترى أن مكانتها تراجعت في ظل الممارسات الفنية المعاصرة؟
مطلقاً، مثلما ظهرت الفوتوغرافيا فى أواسط القرن التاسع عشر أنزعج التشكيليين لأعتقادهم بأن الكامير سوف تحل محل الرسم، كونها تستطيع التقاط لقطات بها تفاصيل وتختصر الزمن، ولكنها ساعدت على خلق اتجاهات أخرى جديدة فى الفن مثل الإنطباعية والتعبيرية والتجريبة وغيرها. بالتالى التقنيات الحديثة ساعدت الفنان على تقديم مجالات أخرى مثل الفيديو آرت، والتصوير الضوئى تلاها الديجتال آرت. واصبح هناك فن الكاميرا المحمولة عن طريق الهواتف النقالة التى أصبح يقُام لها معارض وبيناليات. كل ذلك لم يؤثر على اللوحة المعلقة أو التمثال والآنية الخزفية بل أثرى المجال ودفع الفنانين للبحث عن التجديد والأستمرار.
= ولكن كيف يحافظ الفن المعاصر على أتصاله بالواقع على جميع المستويات؟
ليست مسئولية الفن المعاصر أن يحافظ على أتصاله بالواقع، ولكن العكس صحيع، من المفترض ان يتقبل الواقع الفن المعاصر والفكر الجديد. لدينا مشكلة فى مصر حيث يوجد مجتمع شبه محافظ وأعتاد على أشياء بعينها فأصبحت مقدسات بالنسبة له. وعندما يتم مناقشتها بها أو يُطرح جديد يرفضه لأنه لا يريد أن يهز أحد ما أعتاد عليه لأنه شعب نمطى. وهذه ليست مسئولية الفنان الذى له الحق فى تقديم ما يحلو له. وعلى الواقع نفسه ممثل فى أشخاصة أن يتفهم ذلك. وهذا يتأتى بالقراءة والمتابعة والتذوق وهذه مسئولية جهات متعددة. ومن ثم إجابتى ستكون بالعكس، وهى على الواقع أن يتقبل الحداثة كما هى وأن يضيفها إليه لأنها التى سوف تقوده لخطوات نحو المستقبل.
= هل بدورك تشعر بأنتمائك لمدرسه أوأتجاه فنى معين؟
لا أنتمى لأى أتجاه أو مدرسة معينة وهذه أحد أهم ملامح ما بعد الحداثة. واحياناً يصعب على الفنان أن يصنف نفسه. عندما أسُال عن تصنيف اتجاهى أجد نفسى فى حيرة كبيرة. فقد مارست الأنستاليشن والنحت والتصوير والرسم. أعمل بكامل الحرية. أنا فنان حر. يجد المتلقى بلوحتى تجريد وتشخيص ورمز. وأحتفى بكل الرموز والأشكال وعالمى مفتوح ولا يحده حدود. أصنف الفنان الذى أكتب عنه فى حين أعجز عن تصنيف نفسى.
= أيهما يسعدك.. أن يقف أمام لوحتك فنان ويناقشك فيها أم مناقشة المتلقى العادى لك؟
المتلقى العادى بالطبع.. أعتبر هذا جزء من رسالتى لأنى معلم. ولا أشعر بملل ولكن بمتعه. وهذه أحد الأسباب التى جعلتنى أكتب حيث أعنون معرضى وكتبت بشكل مبسط. فما يهمنى رجل الشارع الذى أريد أن يأتى لمعرضى ولا يخجل من التعبير عن رأيه. اريد يقرأ ويسئل ثم أجيب عن أسئلته وأقوم بتحفيزة لقول رأيه وإنطباعاته.
= هل نالت تجربتك الإبداعية الاحتفاء النقدى اللائق بها؟
للأسف الشديد لم يحدث.. رغم معرفتى بكل نقاد مصر بما فيهم الراحليين. كتب عنى بيكار ومختار العطار ولكنهم رحلوا وأنا مستمر وأقدم الجديد. وبالتالى معظم من كتبوا عنى قدموا كتابات ذات طابع إنشائى. من يستطيع أن يعبر عنى وأشعر بقربه له هو الفنان نفسه. وما أقصده أنى أمارس الكتابة النقدية من منطلق الفنان الناقد عندما أتناول بالكتابة فنان ما يكون فى ذهنى تجربته كاملة ومن ثم أستطيع صياغتها بشكل جيد. الكتابة أمانة وأخلاص. لابد من قراءة الفنان جيداً حتى نستطيع أنصافة. أنا فنان متنقل وسريع القفزات. وأتمتع بجسارة وجرأة ولا أضع فى الأعتبار ما يكُتب عنى كثيراً لأنى أعتبرها مسئولية الناقد الذى من المفترض أن يتابع جيداً. لكن هذه مشكلة نعانى منها فى الكتابة النقدية بشكل عام لأنها مهمة شاقة. ولست غاضباً ولكن لابد أن نتعلم ونكتب بأخلاص. لدى مراحل تتطلب ممن يكتب عنى متابعتها جيداً. وبدأت فى توثيق تجربتى ومن يفكر فى الكتابة عنى خلال حياتى أو بعد الرحيل سيجد مادة موثقة ولها تنظير. وأحدث شئ هو تجربة الديجيتال آرت.
= أصدرت أربعة كتب، فما هى ماهية هذه الإصدارات وماذ تتناول؟
استشعرت بوجود نقص لتغطية الأنتاج الفنى الوفير. أصدرت الكتاب الأول عن فن الرسم فى مصر وكان الدافع يعود إلى سببين أولهما أننى كأكاديمى كنت أبحث عن كتاب يتناول فن الرسم فى مصر فلا أجد. من هنا تحمست لسد النقص الموجود. فكان هذا الكتاب عن فن الرسم كعمل فنى مستقل وعلاقته بالرسوم التحضرية لعمل الفنى، ثم قدمت إضافة لجيل جديد من الشباب الذين يمارسون الرسم فى كتاب ثانى. كما تناولت علاقة الرسم بالتصوير لدى الفنان الراحل مصطفى احمد. حيث أرى أنه فنان لم ينل حقه من التكريم اللائق، تناولت تجربته ومسيرته. وفى الكتاب الثالث تناولت الفنان شوقى زغلول أحد أهم فنانى جيل السبعينات والذى لم ينل حقه من الأحتفاء به فقدمت هذا الكتاب كواجب أخلاقى. أما الكتاب الرابع والذى صدر مؤخراً عن هيئة قصور الثقافة فقد تناولت فيه 10 فنانين تحت عنوان "فنانون مصريون بين الأصالة والحداثة. فيه محمود سعيد، وراغب عياد، وتحيه حليم، عبد السلام الشريف، عز الدين حمودة، حسنى البنانى وزكريا الزينى. تناولت الجانب الإنسانى بهم الذى يخفى على الكثيرين كمعلم. لدى مشروع عن الرسم الصحفى. لم يصدر كتاباً فى هذا المجال ولكنى أنتظر تجميع الصور. لا فناناً نجد يهتم بالكتابة فى مصر سوى الفنان عادل السيوى. قدم وترجم كتابين مهمين للحركة التشكيلية وهما نظرية التصوير ليوناردو دافنشى ونظرية التشكيلى لبول كيلى، وهذا مكسب كبير.
= أخيراً إلى أى مدى تسعى لصنع بصمة خاصة بك؟
أعتقد أن هذا هدف أى فنان بعد تخرجه. ومع ممارسته للعمل الفنى وانجاز العديد من الأعمال كماً ونوعاً تظهر ملامحه. وهذا يتوقف على موهبته وثقافته. لكن الشئ المؤكد أن الفنان لابد ان يكون له شخصية مميزة وهذا يأت بتقادم ممارسة الفن. ربما يكون لى ملامح فى معارضى الأولى تميزنى عن أقرانى لكن ماذا بعد عشرين عاماً؟. فالريادة لابد أن تستمر. وأعتقد أنه بعد هذا العمر أصبح لى ملامح فنية متنوعة ولكنى أترك الحكم والتقييم والتصنيف للنقاد. ولكنى أستطيع القول بأنى لى ملامح تميزنى لأن لدى أنتاج كمى ليس بالقليل ونوع . وفى الوقت نفسه من خلال متابعتى لحركة الفن الأقليمى والعالمى تجعلنى أؤكد بأننا لسنا أقل من أى فنان عالمى بل ربما نتجاوزه. ولكننا للأسف نفتقد للأنتشار العالمى. الفنان بالخارج يجد كم من المطبوعات العالمية التى تصدر عنه ومؤسسات ترعاه وتهتم به فى حين نفتقد بمصر لذلك. الخليج اليوم يلعب هذه السياسة لنشر الفن. الفنان مثل السلعة يحتاج التسويق الجيد والدعاية لكى يكون فنان عالمى. عامةً لاتعنينى هذه المسألة ولا أتوقف عندها. ولكننا بالنهاية لم يتم أنصافنا ومصر يجب أن نحصل على حقنا وخاصة أننا متقدمين بهذا المجال ونسير على خطُى الفن العالمى.