القاهرة 12 سبتمبر 2017 الساعة 11:43 ص
من يرسم للأطفال لديه القدرة كي يرسم أي نوع من أنواع الفنون
وهداني الوقت والتفكير لأن ارسم لوحة "هوانم زمان" ،ووجدت فيها سبيلاً كي ارسم ما لم يرسمه أحد من قبل!
حوار ـ أحمد مصطفى الغـر
لأكثر من ثلاثين عاماً؛ ظل ابن مدينة المنصورة يبدع برسومات المبهجة وخطوطه السلسة ،جاذباً أجيال بأكملها نحو مجلة «ماجد» الموجَّهة للأطفال التي عَمِلَ بها، كان له الفضل في ابتكار عدة شخصيات ، ذاع صيتها وتحولت في ما بعد إلى رسوم متحركة، ولأن طاقته الإبداعية متفردة .. أبى أن يحصرها في ميدانٍ واحد للفن ، فمارَس الفنان رسم الكاريكاتير، قبل أن يتفرغ مؤخراً لأعماله التصويرية،ويقيم العديد من المعارض ، حصل على عدة جوائز منها،جائزة الأمير طلال بن فيصل سنة 1992، وجائزة القطاع الثقافي بالشارقة 1994، وجائزة المجمع الثقافي بأبو ظبي 1996، والجائزة الأولى لكتاب الطفل بمصر 2004،إنه الفنان القدير "مصطفى رحمة "،الذي إلتقته "مصر المحروسة" و كان لنا هذا الحوار:
لم تدرس الفن على نحو أكاديمي،ولم تلتحق بأي من مراسم الفنانين الكبار،فقط علَّمت نفسك بنفسك ،حتى صرت من أشهر الرسامين وصاحب تجربة فريدة، حدثنا قليلاً .. عن بداياتك ؟،وكيف دخلت إلى ميدان فن الرسم ؟
حقيقةً أنني لم أدرس الرسم أكاديمياً، وحتى عندما قررت الإلتحاق بمعهد ليوناردوا دافنشي ، كان قد أُغلق بابه نهائياً ،وأعلم أن هناك فنانيين مميزين ومبدعين قد تخرجوا منه ، أما دخولي ميدان الرسم فقد كان بالموهبة دون غيرها ، ولا شك أن ثمة دور مهم جداً للقراءة في سني المبكرة ، فقد قرأت للدكتور طه حسين، بهما ـ أي الرسم والقراءة ـ تشكل أفضل رسام ،أو هكذا يقولون !
هذا يدفعني لسؤالك : هل الموهبة وحدها تكفي ،أمّ لابد من الدراسة؟!
الاثنان معاً ، بمعنى أن تأخذ الموهبة بجدية ، والأهم أن ترسم أغلب الوقت وتتعلم الأصول والمبادئ الأساسية للرسم ، رسم الإسكتش مهم جداً ،حيث يحسن الاداء ويطور الموهبة مع الوقت.
دعنا نعود إلى الوراء قليلاً ، لنتحدث عن فترة تواجدك بمؤسسة روز اليوسف ، ما الذي إستفدته منها ؟
لم أعمل بمؤسسة روز اليوسف ، وإن كنت نشرت عدداً كبيراً من الكاريكاتيرات على صفحاتها، بتشجيع من الأستاذ والمعلم الكبير "حسن فؤاد" ، الذي أخذ بيدي مؤمناً بموهبتي ، بل وشجعني على الإستمرار ، وإختارني من ضمن رسامين شباب متفائلاً بمستقبل مشرق لنا.
لكن سرعان ما تركتها ،وإنتقلت إلى الإمارات ، لتبدأ رحلة جديدة مع الكاريكاتير و رسوم الاطفال ،حدثنا قليلاً عن هذه المرحلة ؟
(يبتسم..) : يمكن أن تقول إنه النصيب !، عملت رسام بجريدة الإتحاد الإماراتية، رآني مخرج صحفي وأنا أخطط بالقلم ، ورشحني لأن أرسم قصص بالجريدة ، بعدها قرروا إصدار مجلة للأطفال ، وبالفعل ظهرت مجلة "ماجد" لأول مرة للوجود ، ورسمت أنا الأعداد صفر 1 وصفر 2 , بعدها جاء الفنان الكبير حجازي والفنان عبد العال ، ونجحت "ماجد" بفريق من أكبر رسامي مصر وبعض البلدان العربية.
هل رسم الكاريكاتير يختلف عن رسومات الأطفال ،بمعنى أدق .. أيهما أصعب أن ترسم للكبار أم للأطفال ؟
رأيي أن من يرسم للأطفال لديه القدرة كي يرسم أي نوع من أنواع الفنون ، إلا الفن التشكيلي ، وإن كان التخصص أفضل ، شرط أن تحقق كل ما تطمح إليه فيما إخترته أو ذهبت بك الموهبة لأحد الفنون التي تحبها ،فهذا شرط أساسي كي تتطور.
مؤخراً بات الكمبيوتر مسيطراً على الفن ، برأيك .. هل هناك فارق كبير بين الرسم بإستخدام الفرشاة وأدوات الرسم التقليدية، والرسم الرقمي ؟ ، وهل أفقد الكمبيوتر الرسم أصالته وجماليته؟
إستمتعنا جميعا مجموعة الفنانيين في مجلة "ماجد" بالرسم على ورق كانسن وألوان مائية أو بالأقلام الخشبية ،أو أي وسيلة ، وإن كان هناك من أجاد الرسم والتلوين على برامج الكمبيوتر التي تفتقد للإحساس ، كونها لا أثر لها في الحقيقة ، في رأيي ان الرسم على الورق و بالفرشاة ، يعطيك فرحة أكبر وأعظم بلا شك.
عند العودة إلى مصر ، أتتك فرصة لتعود إلى الكاريكاتير مرة أخرى عبر جريدة مصرية ، فلماذا رفضتها ؟ ،هل هجرت الكاريكاتير بلا عودة ؟!
الفنان الراحل الكبير"مصطفى حسين" هاتفني كي أرسم بجريدة "المصري اليوم" بإيعاز من الأستاذ "صلاح دياب" صاحب الجريدة ، وعندما ذهبت قابلني السيد "مجدي الجلاد" الذي إكتشفت فيه أنه ليس له علاقة بفنون رسم الكاريكاتير ، فتركت الجريدة ولم أعمل بها، وتذكرت عمنا "حسن فؤاد" ـ ألف رحمة ونور عليه ، لكن هذا لا يعني أنني قد هجرت الكاريكاتير بلا عودة.
بعد عودتك أيضا ،أقمت أول معارضك التشكيلية تحت عنوان لافت،وهو"هوانم زمان"، حدثنا عن تلك التجربة..
حيرتني اللوحة بالبداية وماذا سأفعل بها ولها ، وهداني الوقت والتفكير لأن أرسم "هوانم زمان" ،و وجدتها فيها سبيلاً كي أرسم ما لم يرسمه أحد من قبل ، والحمد لله نجح المعرض الذي أطلقت عليه "هوانم زمان".
لا يمكن أن ألتقيك دون أن أسألك عن سر إحتلال المرأة لمعظم لوحاتك ،حتى عناوين المعارض أيضا ،فما السر ؟
المرأة هي الأم والزوجة والأخت وكل شىء ، ووسائل التعبير من خلالها وعنها كثيرة ومتنوعة جمالياً وإنسانياً.
فنان الكاريكاتير "سمير عبد الغني" قال ذات مرة أن عمرك الطويل كرسام للأطفال والكاريكاتير جعلك تسعى لنقل الإحساس بالفرح لأي موضوع تقوم برسمه ،هل تتفق مع هذه الرؤية؟ ،كما أن هذا يدفعني لسؤالك: هل من الضروري أن يعيش الفنان ـ كما يظن كثيرون ـ حالات حزن و يمر بمواقف صعبة كي يبدع ؟
الحزن والفرح هي حالات إنسانية بحتة ، يمر بها كل البشر ، لافرق بين رسام وغير رسام ، كل الفنانين هم بشر ، ولكن عندما أرسم أحاول جاهداً نقل حالة تفاؤل حتى تنتقل للمتلقي ، والحمد لله أسموني مؤخراً "فنان البهجة"، مما يجعلني سعيداً بهذا القب.
الرسم بالنسبة لك هو ...؟
هو حياتي ، فبدونه أنا لا شىء !
بصراحة ، لو لم يكن "مصطفى رحمة" رساماً، لتمنى أن يكون ... ؟
(يبتسم...) : رسام !
في الختام .. حدثنا عن مشاريعك الفنية المستقبلية ؟
أعدّ لمعرضي السنوي بداية السنة القادمة إن شاء الله ،وأتمنى أن تشرفني مجلتكم الكريمة بالحضور.