القاهرة 05 سبتمبر 2017 الساعة 01:15 م
منذ أكثر من عشرين سنه وأنا أتسأل بيني وبين نفسي، لماذا يوم عرفه يوم جليل؟
ولماذا يغفر للحجيج في هذا اليوم، وبعد طلوع سفح هذا الجبل العتيق؟
لقد وصلت إلينا روايات كثيرة عبر القرون عن قصة وجودنا، فقيل إن جبل عرفات سمّي ذلك؛ لتعارف أم البشر حواء وأبي البشرية آدم " عليهما السلام" عليه بعد نزولهما من الجنة، موطنهما الأصلي وموطن البشرية.
أين تقع الجنة يا الله ؟
أتأمل وتأخذني الكلمات لتتجول بالخواطر الغضة والأزلية. قيل إن آدم قد نزل إلى الهند والجدة حواء نزلت إلى جدة. هل تري معي روعة البحث الجميل المضني؟ وكيف أن الرجل يجب أن يبحث عنها لمسافات أطول ويكد ويتعب ليجدها,ليظفر بها .
هي أيضا تبحث عنه ولكن لمسافه أقل،لقد بحثت حواء وقطعت مسافه لابأس بها من جدة إلى جبل عرفات, وهو قد قطع مسافة عظيمة وطويلة من الهند إلى الحجاز وبالتحديد إلى جبل عرفات, دليلا على قوة وصمود الرجل وطبيعة رسالته على الأرض, طبيعة رسالة آدم، وهما يبحثان عن بعضهما البعض على الأرض (مكان جديد عليهما للتعارف), بحث عن مفقود قد أوجد لهما من قبل , فقد عاشا زمنا معا في الجنة. كان من الممكن أن ينزلهما الله معا في نفس المكان دون عناء البحث, لكنها روعة الظفر ! معني رائع يأخذ بالألباب.
أحس بأني أتكلم عن قصة خيالية من وحي فنان مبدع تجعلني أحلق في السماء لجمال وروعة المعاني والرومانسية، ولكنها بالفعل قصة حقيقية, قصة وجودنا, قصة وجود البشرية. أتكلم عن واقع يحيلني إلى نغمات من جمال الرواية والقصص.
إن الحج عرفة, إنه مع كل مناسك الحج الرائعة الجليله,لكن من لم يشهد عرفة، فهو لم يحج! هل هذا يعني أن نزوح الحجيج إلى الجبل داعين ومهللين لرب العالمين مع وقوفهم عليه هو الحج إلى الله؟ هو الشكر لله علي وجودهم الذي وجد نتيجة التلاقي على هذا الجبل لأصل البشرية آدم وحواء؟ لولا هذا اللقاء الجليل لمّا أتت كل هذه البشرية، فهم بوقوفهم عليه يمجدون لحظة اللقاء, لحظة البقاء.
بوجودهم قد وجدوا للأبد, وهذا الوجود هو وجود الموجود, أي تعبير عن الموجود الباقي, لأن الله يريد أن يظهر جماله وقوته في الكون والوجود, ووجود البشرية هو قمة الأظهار, إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إدراك ذاته ومكوناته وإدراك مكوّنه, فبرغم من قوة الشمس على سبيل المثال, فهي لا تدرك أهميتها ولا مكوّنها, ولكن هذا يحدث عن طريق العقل البشري, أعظم ما خلق الله لرؤية الله.
إن يوم عرفة هو عيد زواج آدم وحواء وتجديد العهد والخلافة على الأرض.
هناك دائما تمجيد لأصول وجودنا ولحظاتها, فهو يُنهي دوما عن عقوق الوالدين ,فالعاق في نظره لا يقدر قيمة مسبب وجوده، وبالتالي يتعدّى على الموجود المتعالي,الذي وجودنا من وجوده.
إن لحظة لقاء آدم وحواء كانت لحظة اكتمال. الكون كله ينشد الوصول إلى حالة الكمال دائما، وحيث أن مبدأ الكمال مبدأ منشود، لكنه مفقود على الأرض لبقاء البحث الدائم. كانت لحظة لقائهما هي لحظة اكتمال للجمال وأقول لحظه تعبير عن النقص الذي لا يكتمل أبدا على الأرض.
إن التقاء الرجولة بالأنوثة المكملة لها هو قمة إظهار الجمال وحالة عظيمة وصريحة للوصول إلى الكمال. للوصول إلى الله .