القاهرة 20 ابريل 2017 الساعة 11:55 ص
رغم محاولة جبهة "لا" للتعديلات الدستورية في تركيا إلا أنه استطاعت جبهة "نعم" التي يتزعمها حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية المتحالف معه أن يمرروا التعديلات بنسبة 51.3% مقابل 48.6% للمعارضين.
نتيجة الاستفتاء كانت متوقعة ومنطقية بالنسبة للمحللين والمراقبين للحالة التركية. رغم أن هذه التعديلات تكرس للديكتاتورية والانقلاب علي الديمقراطية التي يعتبرها الشعب التركي المكسب الذي لا يجب التفريط فيه. وأيضا رغم مرور تركيا بحالة من الاضطراب وعدم الاستقرار منذ الانقلاب الفاشل علي أردوغان وما تبعه من إعلان حالة الطوارئ.. والاعتقالات التي شملت معظم فئات المجتمع التركي.. ولم ينج منها جنرالات الجيش التركي وكذلك رجال القضاء.. والمدرسون والأطباء والمهندسون. إلا أنه في النهاية استطاع أردوغان تمرير الاستفتاء لصالحه.
أهم ما أسفر عنه الاستفتاء هو حالة الانقسام الواضح الذي ظهر بتقارب النتائج بين المعارضين والمؤيدين هذا من ناحية.. ومن ناحية أخري رفض كل من مدن كبري مثل "أزمير" و"دياربكر" للتعديلات وإن كان هذا الرفض طبيعيا باعتبار أزمير هي الحصن الحصين للعلمانية الأتاتوركية.. و"دياربكر" معقل الأكراد التي تعادي أردوغان وتحلم بالانفصال وتكوين دولتهم المستقلة.
وأغرب المؤشرات هو رفض مدينة اسطنبول للتعديلات رغم حملات الترويج لها وخاصة هي المدينة التي كان يرأس بلديتها أردوغان نفسه وكانت البوابة التي انطلق منها للصعود لحكم تركيا مما يعتبر مؤشرا سيئا ورسالة سلبية تؤثر علي رصيد حزب العدالة والتنمية.
تصويت الناخبين الأتراك علي التعديلات الثمانية عشرة للدستور لتحويل النظام من برلماني إلي رئاسي. وإلغاء منصب رئيس الوزراء.. ومنح أردوغان سلطات مفرطة وتمريرها حتي لو بنسبة ضئيلة رغم قسوتها هذا يفرض علينا التفكير والتأمل في مستقبل هذا الرجل ومستقبل تركيا ذاته.
رغم أحلامه وطموحاته بشأن المنطقة العربية واختلافنا معها بل رفضها.. ورغم أحلامه بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي والتي لن تتحقق رغم وجوده في حلف الناتو.. ووجود أكبر قاعدة عسكرية للحلف علي الأراضي التركية.. فإنه يحاول اختراق دائرة الرفض بالعديد من التصرفان منها مساندته للإرهاب الذي أعلنت أمريكا علي لسان "ترامب" مكافحته.. مما يضع تركيا ومستقبلها في مهب الرياح إن لم تعدل من تصرفاتها بشأن تمويل الإرهاب ومساندته وتوفير الدعم اللوجيستي له.. إذا كان أردوغان استطاع أن يمرر تعديلاته فهل يستطيع إنهاء تراث العلمانية مقابل الأصولية الإسلامية التي أصبحت مرفوضة دوليا وإقليميا هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.