القاهرة 26 مارس 2017 الساعة 10:23 ص
أتعجب ونحن نمتلك أقوي أنواع الأمصال والمقويات للوطنية والانتماء والتضحية.. كيف لا نستخدمها لعلاج ما أصاب أجيالنا الجديدة من أعراض سلبية؟! لا أستطيع أن أصف مشاعر الزهو والاعتزاز وأنا أشاهد وقائع الندوة التثقيفية الخامسة والعشرين لقواتنا المسلحة والتي كان عنوانها العريض «الشهداء وبطولاتهم النادرة»، والتي قدمها جنودنا وضباطنا وأمهاتهم لبلادهم، والتي جعلتني أعيد تأكيد ما آمنت به دائما أن وطنا فيه مثل هذا النوع النادر من الرجال والنساء والشيوخ والشباب، وأعيد ما دعوت إليه في أكثر من مقال سابق أن نمد جسور التواصل بين قصص هذه البطولات لمن استشهد ومن أصيبوا من جنود وضباط وقادة، وبين أجيالنا من الشباب في الجامعات والمدارس، انهم ـ وكما أشرت أيضا من قبل ـ أقوي مصل ممكن أن نخفف به ما أصاب هذه الأجيال من أمراض غريبة علي الشخصية المصرية وإن كانت مردودا وتوابع لسموم الفكر المتطرف والنماذج المريضة والسلبية التي يجدفون وسطها في عشرات السنين الأخيرة من عمر بلادهم، وصعود وتعملق لصوص وفسدة وفساد واتهامات تطول أكبر الرءوس والمسئولين، وتهريب مليارات واتجار في سلاح!!! ولنخفف آثار تدهور منظومة التربية والتعليم وتراجع الوعي الحضاري والثقافي!! رجاء.. سارعوا بتقديم أمصال البطولة والوطنية والكرامة والانتماء التي قدمت الندوة التثقيفية مجموعة من أعظم نماذجهم ونماذج أمهاتهم عبر ملتقيات وندوات وحوارات حية في المدارس والجامعات والأندية الرياضية والاجتماعية وبيوت الثقافة في جميع محافظاتنا ومراكزنا وقرانا ونجوعنا، ومن خلال اعلام وطني جاد، واصطحبوا هذه الأجيال إلي المواقع والأماكن التي يمكن أن يزوروها آمنين ليروا ويلمسوا بأنفسهم ظروف الحرب المستحيلة والممولة والمخططة دوليا وإقليميا وداخليا ضد بلادهم والتي يخوضها أشرف وأنبل أبناء مصر في حربهم ضد الارهاب وجماعاته ووكلائه..
عالجوا ما أصاب أجيالنا الجديدة وما يفتقدونه وما يغرقون وسطه من إرث وميراث فساد وفسدة ونهب وتدمير واخلال بكل القيم بمد جسور قوية ودائمة بينهم وبين أبطال بلدهم، ليجدوا قدوة ونماذج تحيي وتستعيد ما هُدم وضُيع داخلهم وحولهم.. عالجوهم أيضا بإقامة أركان راسخة للعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وإزالة دواعي الغضب والاحتقان والتباعد بينهم وبين بلدهم!!
> هل فكرنا ما هو العائد التربوي والفكري والنفسي لأجيال تعاني ميراثا ثقيلا من الظلم والقهر الاجتماعي والاقتصادي والانساني، وتري وتسمع يوميا شواهد وأحداث فساد مرعبة وتساقط كبار برشاوي مليونية وآلاف من الجنيهات، ثم تجد الفساد يصل إلي وجبة يتيمة ومتواضعة تحاول الدولة أن توفرها للملايين من التلاميذ ولكن للأسف تدار أسوأ إدارة إلا إذا أثبتت التحقيقات. وأرجو أن تكون جادة ـ غير ذلك، وفق ما نشرته الأهرام 24/3/2017 أن هذه الوجبات تكلف الدولة مليار جنيه سنويا 80% من هذه الميزانية تنفق في رواتب الموظفين العاملين بمنظومة التغذية ويصل إلى الطلبة 20% فقط من هذه الوجبات، علاوة علي ما تحدث به خبراء التغذية من عدم توافر شروط السلامة الغذائية ومقومات التغذية السليمة.
ورغم أنها ليست المرة الأولي التي يتعرض فيها طلبة للتسمم بهذه الوجبات إلا ان المنظومة الفاسدة لم تتغير!! أشرت من قبل عن شريط مصدر شاهدته منذ ثلاث أو أربع سنوات لسيدة من الصين تتقدم رجلين، والثلاثة في طريقهم لتوقيع عقوبة الإعدام عليهم..!! لماذا؟! لأنه اكتشف في ألبان الأطفال التي يقوم بتصنيعها مصنع تمتلكه هذه السيدة ويعمل الرجلان معها في إدارته ـ في الألبان اكتشفت مادة قد تضر بصحة الأطفال الذين يتناولونها ـ انتبه الي أن المادة قد ـ وليس مؤكدا إضرارها!! أما عندنا فنحن ملوك وسادة تدليل الفساد، بل أظن أن هناك تشريعات تحميه باعتباره من دعامات وأركان النظام الاسبق.. وكانت غربلة وتنقية القوانين التي تشرعن الفساد من أولويات كثيرة غابت عن النواب!! لذلك فمع كل التقدير لما تقوم به الرقابة الادارية والتي تكشف عن حجم الملايين بل والمليارات التي ضيعها الفساد علي المصريين القابضين علي جمر الصبر وصمودهم البطولي علي الظروف الاقتصادية المستحيلة والتي كان هذا الفساد واحدا من أهم أسبابها، إلا أن نجاح الرقابة الادارية في مواجهة شبكات فساد وتجذر وتسرطن وصعد للرءوس الكبيرة تطلب منظومة قوانين جديدة وعقوبات جادة وموجعة وباترة..
وأعيد ما كتبته من قبل أنها خيانة للدم والشهيد ولهذه البطولات الرائعة التي تقدم أرواحها وشبابها فداء لبلادها أن تضرب في ظهورها بتماد واستمرار استقواء الفساد وبراءة رموزه وعودتهم لتصدر دوائر الضوء!!
ما أكثر ما نعيشه ويؤكد ضرورة إعطاء الأجيال الصغيرة أمصال ومقويات الوطنية والانتماء بوصلهم بحكايات وبطولات شهدائهم من الجيش والشرطة، فمن المؤكد أنها ستساعد في تخفيف آثار مايعصف بهم من خلط للاوراق وللحقائق بالاكاذيب.. علي سبيل المثال مايرون من براءات تتوالي لرءوس ورموز النظام الذي خرج ملايين المصريين وأسقطوه في 25/1..!! هل المقصود إدانة ما فعلته هذه الملايين وتغييب الحقيقة عما ارتكب بحق بلادهم وأهلهم ومانهب من ثرواتهم رغم مايقاسون من ظروف اجتماعية واقتصادية وإنسانية بالغة الصعوبة، ومايرد في تقارير منسوبة لجهات قضائية وللجان رسمية لفحص ثروات هذه الرءوس والقيادات داخل وخارج مصر ـ وانها تقدر بمليارات وأن عمليات تقييم الثروة العقارية والسائلة الموزعة مابين سويسرا ولندن والولايات المتحدة الأمريكية وقبرص وغيرها اصطدمت بعقبات كبيرة بعضها أنها تتبع نظاما ماليا مركبا يصعب علي المحاسبين حصرها بدقة كما يصعب الحصول عليها، ورغم النفي والتكذيب هنا لوجود هذه الثروات في الخارج فقد قيل ان الاتحاد الاوروبي وافق علي تجميد مالديه من أموالهم الي 2020بينما يسعي محامون الآن لفك هذا التجميد استنادا إلي أحكام البراءة؟!!
> مع الاعتذار لأبطالنا ولشهدائنا ولأجيالنا الصغيرة التي تجني الآن آلام وأوجاع ما ارتكب من آثام وخطايا بحق هذا الوطن!!
> نداء من كثير من المعلمين والمعلمات الذين أفنوا عمرهم في العملية التعليمية.. أن يقوم د. طارق شوقي وزير التعليم بمراجعة تشكيلات مجالس الأمناء والمعلمين.. وأن يمنع تداخل السلطة والمال للتأثير وفرض النفوذ ومنح ومنع التكريم عن رموز أفنت عمرها في خدمة الرسالة النبيلة، وتحية الي واحدة من هؤلاء النبلاء.. أ. سعاد رشاد التي عرفتها لسنوات طويلة مناضلة من أجل حقوق مدينتها الباسلة بورسعيد وتطهير العملية التعليمية من دخلاء وفاسدين!! إن من حرموها التكريم لن يستطيعوا أن يطمسوا تاريخها المخلص والمشرف وما جعلها تحصل علي لقب المعلم المثالي 1998 والرائد الاجتماعي المثالي 1999.