القاهرة 29 يناير 2017 الساعة 01:47 م
بعد حصوله على جائزة الجولدن جلوب يتصدر فيلم " لالا لاند " قائمة الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار، فى المسابقة التى تجرى فى نهاية فبراير القادم، و يمثل الفيلم نوعية محببة من الانتاج السينمائى ،و هى الأفلام الغنائية أو الميوزيكال ،و التى عرفتها السينما العالمية قبل أول فيلم ناطق و هو " مغنى الجاز " عام 1927 ،و الذى يعتبر رسميا أول الأفلام الغنائية.
و لكن المؤرخ السينمائى الأمريكى "تيم ديركس" له رأى أخر. فهو يرى أن أول أفلام الميوزيكال هو فيلم " أربعة فرسان من نهاية العالم " و هو صامت انتجته شركة مترو جولدن ماير عام 1921،و يبرر المؤرخ تيم ديركس اعتباره أن ذلك الفيلم هو الجد الأول لأفلام الميوزيكال، رغم انه فيلم صامت، فقد واكبت أحداث الفيلم موسيقى رقصة التانجو الأرجنتينية الأصل مما جعله الجد الأول الذى تطورت منه الأفلام الموسيقية، و الفيلم بطولة الممثل المعروف " رودلف فالنتينو " ،و هو ممثل ايطالى الأصل اشتهر بأداؤه الأدورالرومانسية فى عصر السينما الصامتة، و من أهم أفلامه " دماء و رمال " عام 1922 .
ثم تتابعت محاولات السينما الصامتة فى انتاج أشكال من الفيلم الموسيقى، متمثلة فى فيلم " دون جوان " عام 1926 ،و الذى يعتبر الفيلم الأول الذى يتميز بتأليف موسيقى كامل خاص بالفيلم، صاحب الأحداث على طول مسار الفيلم ،و استخدمت فيه تقنيات صوت متطورة، حيث اعتبرت الموسيقى جزء هام لا يتجزأ من الفيلم ،حيث كان الفيلم بلا حوار، ففى تلك الفترة كان الحوار يعرض كأسطر مكتوبة أسفل الشاشة ،مثلما يحدث مع ترجمة الأفلام الأجنبية الحالية، و لكن مخرج الفيلم " ألان كروزلاند " ،و هو مخرج أمريكى بدأ حياته كممثل مسرحى ثم اتجه الى الاخراج السينمائى ، أراد كروزلاند فى تلك التجربة التى اعتبرت فريدة من نوعها فى ذلك الوقت ،أن يستبدل الحوار بتأليف موسيقى، يعبر عن أحداث الفيلم و عواطف و انفعالات الممثلين .
و يقص علينا المؤرخ السينمائى الأمريكى ديركس ، قصة السينما الناطقة، و كيف أن شركة "وارنر بروس" و هى احدى كبريات شركات صناعة السينما الأمريكية، قد خاضت مغامرة قيمتها نصف مليون دولار أمريكى، بعد أن وضعت هذا المبلغ الضخم فى ذلك الحين، رهن تصرف شركة ويسترن اليكتريك الأمريكية، المتخصصة فى أنظمة الصوت، لانتاج تقنية " فيتافون " و هى أول تقنية صوت فى ذلك الوقت، تتيح تسجيل الصوت و اعادة اذاعته على اسطوانات بسرعة 33.3 لفة / دقيقة، و هى التقنية التى دخلت بالسينما عصر السينما الناطقة ،و أحدثت ثورة فى صناعة السينما، و قد حقق فيلم "مغنى الجاز" الذى كان أول فيلم استخدمت فيه هذه التقنية من قبل شركة وارنر، ايرادات تجاوزت الثلاثة ملايين دولار ، هذا بالاضافة الى نجاح جماهيرى منقطع النظير ، فقد تقاطر سكان مدينة نيويورك على دار السينما المملوكة لشركة وارنر فى السادس من أكتوبر عام 1927 ليشاهدوا أول فيلم موسيقى ناطق فى تاريخ السينما العالمية .
"مغنى الجاز " بطولة المغنى و الممثل الأمريكى " أل جولسون " ،و الذى عرف كأشهر اسم فى صناعة الترفيه الأمريكية فى فترة الثلاثينيات، و شاركته البطولة الممثلة الأمريكية " ماى ماكفوى "، و هى من ممثلات السينما الصامتة ،و من أهم أفلامها " بن هور " من انتاج شركة مترو جولدن ماير، و بطولة الممثل المكسيكى الأصل، و الأمريكى الجنسية " رومان نافارو " و الفيلم من اخراج " فريد نبلو " ،و من هو من رواد صناعة السينما الأمريكية ،ولكن رغم الشهرة التى حازها الفيلم ،فهو يعد تجربة غير مكتملة ،سواء للسينما الناطقة أو الفيلم الموسيقى، فالجزء الناطق فيه و الذى كان يشمل " الحوار و الموسيقى و الأغانى "، لم يتعد العشرين دقيقة ،فى الفيلم الذى امتد عرضه على مدى ساعة و أربعين دقيقة .
بحلول الثلاثينيات من القرن العشرين، بدأ العصر الذهبى لأفلام الميوزيكال ،و يقول تيم ديركس أن العديد من الموسيقيين، و كتاب الأغانى ،و مصممى الرقصات، سارعوا بالانضمام الى نيويورك لكى يكونوا جزءا من طوفان أفلام الميوزيكال، الذى غمر السينما الأمريكية و خاصة أن الأفلام الغنائية ،قد صارت العملة الرائجة فى أيام الكساد الكبير، الذى أصاب التجارة العالمية فى الثلاثينيات من القرن الماضى . كانت تلك لمحة سريعة عن نشأة الأفلام الموسيقية فى السينما الأمريكية ، و هو ذلك النوع من الأفلام الذى اندثر من السينما المصرية التى عرفته هى أيضا فى العديد من أفلامها ، بينما اضمحلت أعداده فى السينما الأمريكية ، بينما صنع الفيلم الموسيقى مجد السينما الهندية و صار سمة مميزة لها. وللحديث بقية .