لقد قطع علم الطب الحديث أشواطا كبيرة في علاج معظم الأمراض المزمنة لكنه ظل محدود القدرات أمام الأمراض المستعصية مثل الشلل الدماغي - إصابات الحبل الشوكي - العمى الولادة - التوحد - الصرع وغيرها وذلك لأن الطب الحديث اعتمد على علاجات قائمة على أساس الهدم وليس البناء كاستخدامه : 1. الجراحة فى استئصال العضو المصاب بدلا من إصلاحه. 2. الأدوية والتى كثيرا ما تعرض المرضى للعديد من التأثيرات والأعراض الجانبية.
لذلك سعى بعض العلماء باتجاه المحاولات الأخرى التى تحقق نتائج ونجاحات يؤكدها المختصين الذين مارسوها واختبروها عمليا وذلك من خلال البحث عن أساليب مبتكرة لمعالجة الأمراض المستعصية بأسلوب معاكس أي بتطبيق علاجات تعتمد أسلوب البناء بدلا من الهدم ولا تضطرنا لاستخدام أدوية التي تترك أعراضا وتأثيرات جانبية .
لقد جاءت فكرة العلاج بالحقن بالخلايا الجذعية لتلبي حاجتنا للعلاج بطريقة البناء وقد بدأت الفكرة قبل عشرين سنة في الولايات المتحدة الأمريكية وامتدت إلى أوروبا ووصلت منذ سنوات للشرق وبالتحديد للصين وهى عبارة عن حقن يتم استخلاصها من نخاع العظم وإعادة حقنها للمريض بعدة طرق بعد تحضيرها والخلايا الجذعية أو الخلايا الأولية وهى عبارة عن خلايا تتكون منها أعضاء الجسم المختلفة أثناء التطور الجنينى، وينشأ منها جسم الإنسان ولها القدرة على الانقسام والتكاثر وتجديد نفسها أو ذاتها؛ لتعطى أنواعًا مختلفة من الخلايا المتخصصة، كخلايا العضلات وخلايا الكبد والخلايا العصبية والخلايا الجلدية، أى من الممكن أن تعطى أى نوع من الخلايا.
ومؤخرا توصلت الأبحاث في الصين إلى استخراج الخلايا الجذعية من الحبل السري للوليد بعد انتهاء عملية الولادة الطبيعية لذلك فهي آمنة بالكامل وقانونية ومقبولة أخلاقيا لكونها تختلف عن الحالات الأخرى التي تتعامل مع الأجنة قبل ولادتها أو تلجأ للإجهاض للحصول على الخلايا الجذعية وكذلك فإن خلايا الحبل السري أفضل لكونها صغيرة في العمر حيث تبلغ تسعة شهور فقط وهي بالتالي نشيطة وفعالة في إعادة بناء ما تعرض للهدم وهي بذلك تساعد الأعضاء على العودة لممارسة وظائفها الطبيعية.
وحتى يومنا هذا تمت معالجة أكثر من6000 حالة مرضية لأشخاص أفادوا بأن الأطباء المشرفين على علاجهم قد أكدوا لهم بأنهم جربوا كل الوسائل المتاحة لعلاجهم ولم يعد لديهم ما لأمراضهم المستعصية هؤلاء المرضى أتوا إلى الصين من مختلف الدول مثل الولايات المتحدة, كندا, وأستراليا وبعض دول أوروبا .. لقد جاءوا لأنهم مقتنعون بضرورة تجريب هذه الوسيلة التي أثبتت أنها آمنة تقلل الآلام وتزيد من فعالية الأعضاء وتعيد الثقة بالحياة وتبعث الأمل ومنذ سنتين أخذت الأعداد من المرضى بالتزايد من البلاد العربية وشمال إفريقيا للعلاج بالخلايا الجذعيه التي تنتجها شركة “بأيكي” الصينية.
أنواع الخلايا الجذعية
هناك نوعان من الخلايا الجذعية:
النوع الأول: الخلايا الجذعية الجنينية ويمكن الحصول عليها إما من دماء الحبل السري بعد الولادة مباشرة و من النطفة الجنينية وهي عبارة عن كتلة الخلايا الجنينية الأم التي تتكون داخل النطفة الملقحة خلال الأيام الخمسة الأولى بعد الإخصاب، والتي تسمى آنذاك «بلاستوسيست» وتحتوي على ما يقرب من 100 إلى 150 خلية جنينية أما، أو خلية جذعية جنينية تستطيع أن تنمو لتعطي أي نوع من أنواع خلايا الجسم المختلفة. وبالطبع كانت المشكلة التي تواجه العلماء حتى عام 1998 هي كيفية استخلاص هذه الخلايا والحفاظ عليها في هذه المرحلة الجنينية، قبل أن تنمو وتتميز إلى ثلاث طبقات: داخلية؛ يتكون منها الكبد والبنكرياس وبقية الجهاز الهضمي والتنفسي والغدة الدرقية وغدة التيموس الخاصة بالمناعة والمثانة. ومتوسطة ينمو منها نخاع العظام الذي تتكون من خلاياه خلايا الدم والمناعة والجهاز الليمفاوي والقلب والعضلات والعظام والغضاريف والجهاز البولي والتناسلي وخارجية ينمو منها الجلد وخلايا المخ والأعصاب والغدة النخامية والعين والأذن والأنسجة الضامة للوجه والرأس وأثناء نمو الجنين وتطور ونضج أعضائه أثناء فترة الحمل تتخلى خلايا هذه الأعضاء عن الحالة الجنينية البكر التي كانت عليها وتتخصص في اتجاه نوعها وتصبح خلية ناضجة متخصصة.
* النوع الثاني: وهو الخلايا الجذعية الناضجة، وهي موجودة في كل عضو من أعضاء جسمنا كرصيد استراتيجي احتياطي لتعويض ما يتلف من خلايا ذلك العضو وتجديد خلاياه، وكان المعروف من قبل أن هذه الخلايا الجذعية الناضجة لا تنمو إلا في اتجاه تخصصها، غير أن العلماء اكتشفوا حديثا إمكانية استخدام هذا النوع من الخلايا الجذعية الناضجة لتوجيهها لتكوين أنواع أخرى من الخلايا، وأحيانا نجد أن هناك بعض الأعضاء التي تفتقر إلى وجود هذا النوع من الخلايا بكثرة، مما يؤدي إلى عدم تعويض الخلايا التي تتلف بها مثل الخلايا العصبية في المخ والحبل الشوكي، وكذلك عضلة القلب، التي إذا حدث بها تلف -نتيجة حدوث جلطة في واحد من الشرايين التاجية مثلا لأنها لا تتجدد وتتلف- فيحتاج المريض لإجراء جراحة لزراعة قلب مثلا يتم تحضير الخلايا الجذعية.
ويتوقع الباحثين دخول هذا النوع من العلاج المتكامل إلى مصر خلال العامين القادمين لكنها تحتاج إلى أدوات وتكاليف ضخمة وفريق عمل كبير يعمل من أجل البحث والتنقيب فى هذا المضمار لكى نصل إلى التطبيق الإكلينيكى.
|