القاهرة 26 ابريل 2016 الساعة 02:10 م
يقوم جلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة ملك مملكة البحرين بزيارة مهمة لمصر وهي ليست علامة متميزة فحسب بل هي زيارة محبة واخوة صادقة من ملك عربي أصيل لديه حس قومي عربي ولديه رؤية استراتيجية وبصيرة ثاقبة يتحرك نحو مصر في زياراته وفي قراراته من منطلق يسمو علي العلاقات الرسمية ويرتفع فوق الشكليات.إنها علاقة الاخ باخيه ولذا دائما ما نجده يزورها في مراحل مهمة في تطورها للتشاور معمعها وتبادل الرؤي
المشتركة و يكن المصريون للملك وللبحرين مودة وتقديرا خاصين.
ولا ينسون انه عندما المت بالسياحة المصريةكارثة سقوط الطائرة الروسية نتيجة عمل ارهابي قامبه من يدعون الانتماء للاسلام دعم ز . المليارة لجمعية الصداقة البحرينية لمصر لتأكيد وقف البحرين معها ضد الارهاب . واليوم عندما يزور الملك حمد مصر فهوفهو يكون في وطنه و يحظي بالتكريم والتقدير اللائقين به كملكلمملكة عربية شقيقة. ولقد احتفلت جمعية الصداقة البحرينية مع مصر بالعيد الوطني البحريني في شرم الشيخ وسافر الوفد بدعم من الملك حمد بن عيسي وتم الاحتفال في شارع باسمه في شرم الشيخ وهو من اجمل شوارع المدينة السياحية التي يطلق عليها مدينة السلام لكثرة المؤتمرات التي ناقشت قضايا السلام فيها لتكون رمزا للسلام الذي نسعي اليه جميعا من مختلف الدول. كما عقدت بها مؤتمرات تناولت قضايا عربية واقليمية ودوليةعديدة لكي يتداول القادة الرؤي في هدوء بعيدا عن ضوضاءوازدحام القاهرة .
وتمتاز علاقة مصر والبحرين بانها ترجع للتاريخ القديم منذ حضارة دلمون التي كتب عنها المؤرخ الاغريقي المشهور هيروودت الذي يطلق عليه ابو التاريخ . ولعله مما يذكر ان الخليج العربي انذاك كان يطلق عليه البحر الاحمر بينما كان يطلق علي البحر الاحمر الخليج العربي . ثم تغيرت الاسماء للخليج عدة مرات منها مرة في التاريخ القديم اطلق عليه خليج فارس عندما كانت فارس امبراطورية ثم بعد الفتح الاسلامي اطلق عليه الخليج الاسلامي الاسلامي العربي ومع يقظة العرب القومية اطلق عليه الخليج العربي. وهكذا كثيرا من الاسماء التاريخية تتغير باستمرار مع تغير موااقع الدول وحضاراتها صعودا وهبوطا. وحدث مثل ذلك مع البحر الاحمر والبحر الابيضالمتوسط كان يسمي بحر الروم عندما كانت الامبراطورية الرومانية تسيطر
علي المطقة وسمي البحر المتوسط لتوسطه القارت الثلاث.
ولقد زار كثير من المصريين البحرين وفي مقدمتهم شيوخ الازهرعلي مر الاجيال ومفتي الديار المصرية ووزراء الاوقاف.كما تخرج ودرس في الجامعات المصرية وفي الازهر كثير من ابناء البحرين من الطائفتين الكريميتن فالازهر انشأه الفاطميون ثم اصبح قلعة للمذاهب السنية الاربعة الكبري واعترف واجاز التعبد بالمذهبالجعفري . فالاسلام المصري اذا جاز هذا التعبير هو اسلام بلا مذاهب فالمذاهب اجتهادات اما الاصل فهو الذي جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. والقرآن واحد والنبي واحد والعبادات واحدة تختلف بين المذاهب في الفروع ولاجتهادات وهذا لا يؤثر في الجوهر أوالقاسم المشترك.الازهر الشريف يعبر عن مصر المتسامحة المعتدلة المستوعبة لمختلف الطوائف والمذاهب طالما نطق اصحابها بالشهاتين وقرأوا القرآن الكريم وما عدا ذلك فهو اجتهادات مقبولة . واختلاف اجتهادات العلماء هو رحمة من االله وقد اجاز النبي مثل هذه الاجتهادات البشرية ورفض التشدد والتعصب ودعا للتسامح والتيسيير علي عباد الله فقال" إن هذا الدين قيم فاوغل فيه برفق وما شاد الدين أحد الا قطعه". وقالت العرب إن المنبت لا أرضا قطع ولا
ظهرا أبقي.
في العام الماضي استضافت مصرفي معرض القاهرة الدولي للكتاب البحرين كضيف شرف واتتفل عدد من المثقفين البحرينين مع الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة الهيئة العامة للثقافة وهي وزير بالغة النشاط والرؤية للثقافة والتي تراها رمزا للحكمة وعنوانا للجمال واداة من ادوات الحضارة الوطنية والعالمية وشارك العديد من المثقفين والكتاب والادباء المصريين مع اقرانهم من البحرين في ندوات متنوعة حول تاريخ البحرين وثقافتها وشعرائها وكتابها. واذكر منذ بضع سنين احتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب بالمفكر البحريني الكبير الدكتور محمد جابر الانصاري ومنحة درع المعرض تكريما له علي انجازاته الفكرية ذات الرؤية المستقبلية .ومما يحضرني في هذا السياق ان الدكتور الانصاري درس في بيروت ولكن كثيرا من مراجعه الادبية والفكرية اعتمدت علي التراث الفكري المصري وقد سجلت ذلك في كتابي المعنون "الواقعية في الفكر العربي :الانصاري نموذجا" . والانصاري مفكر
فريد في عصره،عميق في رؤيته، واسع في ثقافتهوهوعندما يتناول القضايا الخلافية متأن في حكمه. ودعواتي له بالشفاء والصحة والعافية وكل مؤمن مصاب. وخير المصابين الصابرون.
وقد علمت من بعض البحرينيين أنه عندما زار جمال عبد الناصر البحرين في الستينات في طريقه للهند حمله أهل المحرق علي الاعناق وكانت القومية العربيةآنذاك علي اشدها .
وستعقد في سياق الزيارة اوعلي هامشها اجتماعات اللجنة المصرية البحرينية المشتركة وهي الآلية التي يتم من خلالها متابعة الجوانب التفيذية في علاقات الدولتين ويترأسها الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية و سامح شكري وزير الخارجية المصري وكلاهما ينتمي لجيل يتميز بالدينامية ومحظوظ في عمله فقد ازدادت سياسة كل من الدولتين توثقا مع بعضهما ومع العالم الخارجي، رغم التحديات والصعوبات التي واجهت مصر في السنوات الاخيرة ورغم التدخلات الايرانية في مملكة البحرين فان الامر بفضل حكمة القيادة ودينامية وزيري الخارجية تجاوزت تلك التحديات وتغلبت علي الصعاب.
الجالية المصرية في البحرين من الجاليات المصرية المتميزة فهي تضم نخبة من المستشارين في مجالات الدبلوماسية والقضاء واساتذة الجامعات والمدرسين والخبراء في التعليم والاقتصاد والسياحة والامن والطب والهندسة وغيرها. وهم من خيرة ابناء مصر ويعملون في صمت ومحبة لشعب البحرين ولا يتدخلون في اية شئؤن للمملكة وشعبها الشقيق بكافة طوائفه. واذكر عندما حضرت للبحرين التقيت في جامعة البحرين بالعديد من الاساتذة البحرينيين من الطائفتين الكريمتين وكل منهما كان يتحدث عن ذكرياته في فترة الدراسة في الجامعات المصرية وهذا جعلني اشعر منذ اللحظة الاولي انني في مصر ولست غريبا في البحرين . وظلت هذه المشاعر معي في كل مكان عملت به أو زرته بل في الطائرة وانا مسافر من وإلي البحرين كثيرا ما يفاتحني احد المسافرين ويتحدث معي عن ذكرياته ومحبته لمصر وشعبها. ولعل من التشابه بين البلدين أنه عندما أرسل الرسول الكريم مبعوثين يحملون رسائله لحكام البلاد المختلفة وكان من بينها رسالة لحاكم مصر واخري لحاكم البحرين فاكرم كل منهما مبعوث النبي واحسن وفادته ولذا دعا النبي لمصر دعوات من قلبهالشريف خاصة انها ذكرت في القرآن الكريم مرات عديدة واستضافت الكثير من انبياء الله ومن ألالبيت وفي مقدمتهم رأس الامام الحسين والذي اقيم له ضريح ومسجد من اكبروأهم مساجدها وللسيدة زينب بنت الامام علي اخت الحسين في مصر ضريح عظيم ومسجد كبير يزوره كل المصريين ويحتفلون بذكري ميلادهما وغيرهما من آل البيت الطاهرين ومن اولياء اللهالصالحين. فمصر ارض اولياء الله من آل البيت و الصحابة ومن العلماء والمفكرين في العصور الاسلامية المتوالية ومنهم العلامة عبد الرحمن بن خلدون و اصحاب الطرق الصوفية الذين جاءوا من سورياو العراق والمغرب مثل السيد البدوي ومرسي ابو العباس والبوصيري صاحب البردة في مدح الرسول الكريم وغيرهم.انهم علماء افذاد واقطاب من الصوفية صادقين رضي الله عنهم أجمعين.
ولقدرغبت في توضيح ان مصر في احتفالها بالملك حمد انما تحتفل بأخ كريم وإبن أخ كريم وترحب به دائما علي أرضها وبين إخوته .
ودعواتي بان يحفظ الله البحرين وملكها وشعبها ويحفظ مصر والسعودية والامارات والكويت وهم الذين وقفوا مع مصر في ساعة العسرة ومازالوا ادام الله عزهم. وحافظ عليهم وسائر بلاد المسلمين وارشد الله الي الصوابالدول التي ما تزال تتردد في مواقفها اولا تدرك قيمة مصر ومكانتها عند االله قبل ان تكون عند البشر. وقيمة جندها الذين قال عنهم النبي الكريم إنهمخير اجناد الارض وإنهم في رباط الي يوم القيامة. وأقول كمواطن مصري انهم ليسوا فقط جند مصر بل جند كل العرب والمسلمين وتشهد معارك جيش مصر ضد الصليبين و التتار والاستعمارين الفرنسي والبريطاني وضد سياسة الاحلاف العسكرية ومن أجل شعب فلسطين وحقوقه المشروعة و ستظل مصركذلك في مواقفهاإلي أن يرث الله الارض ومن عليها.
حمي الله ارض الكنانة وشعبها وقيادتها وازال الله عن اعدائها الغشاوة فيرونها علي حقيقتها . وشكرا لجلالة الملك حد بن عيسي آل خليفة علي مودته وحبه لمصر وشعبها.وهوحب متبادل من كافة ابناء شعب مصر ما عدا الذين علي ابصارهم غشاوة وندعو الله ان يرفعهاعن أعينهم. والله علي كل شيء قدير..
24 أبريل