القاهرة 02 اكتوبر 2015 الساعة 04:46 م
انتمى إلى حركة القوميين العرب التي نشأت كرد فعل مباشر على هزيمة العرب ونكبة فلسطين، وكان لا يتجاوز في عمره الستة عشر عاماً، وتحمّل المسؤولية الكاملة عن قيادة حركة القوميين العرب في الأردن والضفة الغربية بعد الانقلاب على حكومة سليمان النابلسي الوطنية في الأردن في أبريل 1957، ولم يتجاوز التاسعة عشر من العمر، وفي فبراير1958 كان هناك ضرورة للاختفاء وللحياة التنظيمية السرية بعدما تعرضت الحركة للملاحقة في الأردن، وتم الاختفاء الكامل لفترة ليست قصيرة وهنا صدر حكم الإعدام الأول عليه في الأردن وتم اعتقال عدد من أشقائه لفترات طويلة.
بفعل التداعيات المتلاحقة دخل نايف حواتمة سراً إلى دمشق ومنها إلى طرابلس/ شمال لبنان على رأس قافلة مسلحة مشياً على الاقدام من حمص السورية، حيث ساهم في ثورة 1958 على رأس كوادر وأعضاء حركة القوميين العرب ضد مشاريع كميل شمعون لجلب القوات الأمريكية ومشروع ايزنهاور إلى لبنان وشكل جبهة قتال مشتركة مع الرئيس رشيد كرامي وحزبه حركة التحرير العربية ومع أحزاب البعث في شمال لبنان ولاحقاً انتقل إلى بغداد (بعد ثورة 14 يونيو 58 وبعد رحيل شمعون والمصالحة بين اطراف الصراع المسلح في لبنان) في إطار الحركة القومية وتحمّل هناك المسؤولية الكاملة عن أوضاع حركة القوميين العرب في العراق وقيادة جماعية أبرزها باسل كبيسي، سلام أحمد، عبد الأله النصراوي، أمير الحلو، وهناك تم الاعتقال الأول لحواتمة "14 شهراً" في الصراع ضد دكتاتورية عبد الكريم قاسم، وتجاور في سجنه مع عدد من الشخصيات التي لعبت دوراً لاحقا في حياة العراق مثل عبد السلام عارف، أحمد حسن البكر، صالح مهدي عماش، علي صالح السعدي، عبد الكريم فرحان ,والعديد من أبرز القيادات العسكرية والسياسية التي لعبت أدوارا هامة في حياة العراق منذ ثورة 1958، إلى أن خرج من سجون دكتاتورية عبد الكريم قاسم يوم 8/2/1963 بعد انقلاب البعث الأول المتحالف مع عبد السلام عارف.
يعتبر حواتمة أحد أبرز أقطاب اليسار الديمقراطي الثوري الجديد في الحركة القومية الحديثة (في اقطار المشرق والمغرب العربي) حيث قاد مع اخرين (كتاب حركة القوميين العرب محمد جمال باروت – الاسماء والتطورات في الأقطار العربية) الجناح الديمقراطي الثوري في صفوفها، وفي اليمن ساهم في معركة تحريره من الاحتلال البريطاني وساهم بإعداد برنامج المؤتمر الرابع لسلطة اليمن الجنوبي بعد الاستقلال مباشرة وأصدر كتاب "أزمة الثورة في الجنوب اليمني" الذي طرح برنامج جديد للثورة في مجرى الصراع الدائر بين اليسار واليمين في السلطة وحزب الجبهة القومية الذي قاد حرب التحرير من الاستعمار البريطاني.
تحول الكتاب الى مرجعية لليسار الوطني في اليمن الذي استلم السلطة بعد هزيمة الجناح اليميني في الجبهة القومية والجيش الموروث عن الاستعمار البريطاني، وفي شمال اليمن مع الحركة الوطنية قبل وبعد ثورة سبتمبر 1962 وتشكيل الحزب الديمقراطي الثوري الذي حمل فيما بعد مع الجبهة القومية الموحدة لتحرير الجنوب اسم الحزب الاشتراكي اليمني حتى يومنا
يعتبر حواتمة من قبل المراقبين الحياديين والمتابعين للشؤون الفلسطينية وقضايا الصراع العربي – الإسرائيلي، حالة مبادرة، كارزمية، تقدم الحلول العملية والواقعية الجديدة للقضايا الجديدة على جدول أعمال الثورة الفلسطينية وحركة الشعب الوطنية
أما حواتمة المثقف والإنسان، فهو مشدود في كثير من وجدانه إلى التراث العربي والإسلامي التقدمي التنويري الثوري وتقديم العقل على النقل، واستدعاء العقل النقدي في مراجعة وتحديث التراث بمسار حركات الاصلاح الفكري الديني، والتاريخ الثوري الأوروبي بموجاته في النهضة الثقافية والتنويرية والثورات الاشتراكية في اوروبا وروسيا والصين، وحركة التحرر الوطني في العالم الثالث.
( و رصدا حواتمة الأوضاع في العالم العربي بعد ثورات الربيع في عدد من البلدان العربية وما تشهده من حركات تغيير وحلول للأزمات التى خلفتها تلك الثورات، من خلال كتاب "رحلة فى الذاكرة" الذى صدر مؤخرًا في القاهرة عن دار "الثقافة الجديدة".
يتناول الكتاب قضايا ثورات التحرر الوطني العربية ، ومسارها والقوى المضادة للثورة التى شهدتها العديد من الميادين في أكثر من بلد عربى، وتأثير الثورات العربية على الثورة الفلسطينية.
ويأتي هذا ، بعد كتابيه "اليسار العربى.. رؤيا النهوض الكبير: نقد وتوقعات"، و"الأزمات العربية فى عين العاصفة"، محتويًا على حوارات لعدد من القنوات الفضائية والصحف المختلفة والمراكز البحثية المتخصصة.
وحلل حواتمة تجارب الثورات العربية والأفق الذي تسعى إليه وما يعترضها من عقبات بقراءة واعية للتاريخ وللواقع العربي وقوى التغيير والقوى اليسارية والليبرالية وقوى التقدم والحداثة.
ويطل المناضل الفلسطينى نايف حواتمه بين دفتي "رحلة في الذاكرة"، على مسيرة نضالية وسياسية وفكرية، على صعيد الأقطار العربية وفي القلب فلسطين، ليست فردية، بقدر ما تتعلق باللحظة التاريخية في زمانها ومكانها ومنعطفها، يمكن للمتابع أن يلخصها بحالة انصهار وطني تنتصر به القضايا الوطنية من دون مبالغة.
واعتبر فلسطين نموذجًا عندما يستعيد الشعب والثورة زمام برنامج الانتصار للقضية والحقوق الوطنية، بوعي ومثابرة تقوم أول ما تقوم على أكتاف الشعب الفلسطيني ذاته، نحو العالم العربي، الدولي والإنساني، أمام الحقيقة الفلسطينية غير القابلة للتجاهل أو الانتظار، وفي سياق ذلك أثبت التاريخ حكمة وصوابية هذا الاتجاه في كل مفصل ومنعطف.
واحتوى الكتاب أيضًا على إطلالة نحو مسيرة نضالية وسياسية وفكرية، وقف بها حواتمة بالكلمة والورقة والخطاب، والفعل الميداني، مع الشعوب العربية وتطلعاتها للنهضة، وما كان يواجهه من الأنظمة الرسمية، وإلى حد ما من نخب مجتمعاتها اللاعقلانية السوداء معًا.
وانتقد حواتمة بعض النخب، فمنهم من وضع "ثقافته" في خدمة الاستبداد، وارتبط ارتباطا مصلحيا وثيقا، بما لا يخدم مصالح شعبه وراح يسوغ القمع ويدافع عن الاستبداد، ليحافظ على ما يوفره له من مقاعد السلطة.
ووضع حواتمة خلال كتابه "رحلة فى الذاكرة" مدلول ثلاثة معاني للمتابع، أولها "الوفاء النقدي للتاريخ": فها هو العالم يرى اليوم إسرائيل تسقط أخلاقيًا وينكشف جوهرها العنصري أمام الرأي العام العالمي، كما ينكشف التوحش والهمجية والعدوان والعنصرية في العدوان على غزة في يوليو 2014، والعالم يخرج من شرقه وغربه على سطوة الإعلام الذي يمارس الأكاذيب والتلفيق.
ويرى حواتمة أن هناك ضرورة لإعادة تصويب البوصلة، وأن هذا الأمر التاريخي الراهن في منتهى الجدية.يحث فيه الكاتب على ما يطلق عليه "تنظيف البيت من الداخل" فى الحالة الثورية العربية للتخلص من الإستبداد والفساد والانتقال إلى "الديمقراطية الفعلية" التى يراها ثمرة ما يسميه الزلزال العربى. ويتضمن الكتاب معالجة للغنقسامات وحالة الاستقطاب الفلسطينية التى لن تنتهى إلا بالوحدة الوطنية وحتى زوال الاحتلال"، كما يحتوى على حوارات نوعية نحو كينونة عربية وفلسطينية جديدة، ترى الحياة والتطور والاستقلال الوطنى.
ويقول حواتمة في كتابه "عندما لا يقع الإصلاح الديمقراطي الجذري والشامل، تقع انتفاضات وثورات الشعوب، وتنحت بالدم والدموع قانون "الشعب يريد".
وقد صدرت الطبعة الأولى عن "الدار الوطنية الجديدة" في دمشق، و"دار الفرات للنشر والتوزيع" في بيروت، وشركة دار التقدم العربي للصحافة والطباعة والنشر – بيروت.
أما الطبعة الثانية فقد صدرت عن مركز الحرية للاعلام- غزة. والطبعة الثالثة عن دار المسار للنشر – رام الله. والطبعة الرابعة عن دار جريدة الأهالي – عمان/ الأردن. في حين الطبعة الخامسة صدرت عن دار الثقافة الجديدة – القاهرة.
صلاح صيام
Salah_alwafd@tahoo.com