القاهرة 29 سبتمبر 2015 الساعة 12:01 م
حوار: نور الهدى عبد المنعم
? العقيدة في النهاية هي أمر شخصي بين الفرد والرب.
? الذي يعطب الأعمال الفنية هو الأثر المبــــاشر.
? مياه الشعر تسري في أعمـالي السـردية جميعـا.
" أما عند ، عند هذا الطفل الذي نضج وصار رجلا على وجه الدقة عندما أخذ إليه (ألف ليلة وليلة) فاندرجت في أخيلته وعاشها بحدة وتوهج ليس فقط باعتبارها كتابا عجيبا، ولا كتابا للعجائب فهي ذلك كله بلا ريب، لكن أساسا باعتبارها حياة مليئة غنية وشاملة. ومن ثم فإن ألف ليلة وليلة عند هذا الطفل الذي كنته – ولعلني مازلت ليست كتابا عن التجار القراصنة واللصوص، وليست شيئا ينتمي إلى ماض غبر واندثر، بل هي ذلك البعد الفنتازي الخيالي الحلمي الشعري الواقعي معا. ولكن أيضا القمع والفقر المدقع والطغيان والعسف، الرعب والهول والجور الذي لا يطاق. هذا البعد النافي للسحر، بعد الظلمات. لذلك فإن نص ترابها زعفران التي أسميها (ألف ليلة وليلة الاسكندرانية)، وربما نصوصي كلها تستند من بين ما تستند إليه، إلى هذا البعد من الرعب مأخوذا من السياق الواقعي إذا شئت، في إسكندرية الثلاثينيات والأربعينيات. ذلك ما يعنيني: هذا التكامل، هذا الانصهار، هذا الاندماج وليس التناقض، سواء كان ذلك في ألف ليلة وليلة أو كان في كل كتاباتي.
إن حكايات ألف ليلة وليلة هي على وجه الدقة طقوس للكتابة، لذلك ليس فيها – كما هو الشأن في الحكايات الكلاسيكية – أبطال تقليديون، ليس فيها شخصيات بل: (إننا، نحن أو أنا ) هم دائما أبطال العمل الروائي: نحن، أنا، ليس هم، وهو فيما أتصور ما يسري في مجمل أعمالي الأدبية" .
بحثت في قاموسي اللغوي عن كلمات أقدمه بها، فلم أجد أفضل من كلامه، فكان هذا المقطع من شهادته على تجربته الإبداعية.
إدوار الخراط: روائي، قاص، وشاعر. اشتغل بالنقد الأدبي والتشكيلي، وعمل بالترجمة، وكتب للإذاعة وقام بتحرير عدة مطبوعات.
ولد في 16 مارس 1926 في الإسكندرية، وحصل على ليسانس الحقوق في 1946 من جامعة الأسكندرية. عمل بمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية ثم في اتحاد الكتاب الأفريقيين الآسيويين حتى 1983 وأشرف على تحرير عدة مطبوعات سياسية وثقافية لهما أبرزها "الشعر الأفريقي الآسيوي" و"قصص أفريقية آسيوية" بالعربية والإنجليزية والفرنسية. شغل منصب السكرتير العام المساعد في كلتا المنظمتين، ومقرر لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة من 1998 إلى 2002.
سافر إلى معظم بلاد أفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا، في رحلات عمل.
شارك في إصدار وتحرير مجلة "لوتس" للأدب الأفريقي الآسيوي بالعربية. والإنجليزية والفرنسية، ومجلة "جاليري 68" الطليعية.
قام بتحرير العدد الخاص بالأدب المصري الحداثي (العدد 14) من مجلة "الكرمل" في 1984. ترجم إلى العربية عن الإنجليزية والفرنسية سبعة عشر كتاباً منشوراً في القصة القصيرة والرواية والفلسفة والسياسة وعلم الاجتماع، كما ترجم للبرنامج الثاني في الإذاعة المصرية عشر مسرحيات طويلة واثنتي عشرة مسرحية قصيرة وكتب له تسعة وعشرين برنامجاً إذاعياً طويلاً، وشارك في برامج وندوات ثقافية متعددة فيه.
نشر له عدد كبير من الدراسات والمقالات والترجمات والأحاديث في المجلات الأدبية المصرية والعربية والأوربية.
دُعي أستاذاً زائراً في كلية سانت أنطوني بأوكسفورد عام 1979 وألقي عدة محاضرات بالإنجليزية عن الأدب المصري الحديث في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) جامعة لندن، ومركز الشرق الأوسط في أوكسفورد، وكلية القديس أنطوني، جامعة أوكسفورد، في عامي 1979 و1987، وفي نادي الأمم المتحدة في نيويورك، 1980، وفي ندوة دولية عن السيرة الذاتية في كلية القديس يوحنا، جامعة أوكسفورد، 1988، وفي الملتقى الدولي للكتَّاب في لندن 1999.شارك في ملتقى القصة القصيرة بفاس (1979)، وفي ملتقى الرواية العربية، مكناس (1983)، وفي مهرجان أصيلة، (1998) في المغرب، وفي ندوة جامعة لندن عن آداب الشرق الأوسط (إبريل 1987)، وفي لقاء الروائيين الفرنسيين والعرب، (باريس 1988)، وفي عدة مؤتمرات ولقاءات أدبية في روندة، والمرية، ومولينا، وغرناطة، وطليطلة (أسبانيا) وبودابست (المجر)، وهايدلبرج وفرانكفورت وفرايبورج وبرلين (ألمانيا)، وتورنتو (كندا) وفي كوبنهاجن (الدانمرك) وقام بجولة أدبية واسعة في سويسرا وألمانيا في 1991، وقام بجولة أدبية في جامعات ييل، وبنسلفانيا، وبرنستون، وكولومبيا (نيويورك) في الولايات المتحدة الأمريكية، في 1992. في 1995 حاضَر في البرتغال وإيطاليا وإنجلترا. في 1998 و1999 شارك في ندوات عقدت في باريس، وفي إكس إن بروفانس وأجْد ومونبلييه وسانت إتيين في فرنسا، وأمستردام في هولندا. وشارك في الاحتفالات بتأبين غالب هلسا ومؤنس الرزاز في عمان (1998 ، 2001 )، ومثل مصرفي عدة مؤتمرات منها: المؤتمر التذكاري الخامس والستين لنادي القلم الدولي في هامبورج 1986 و شارك في ملتقى قابس (تونس) للرواية العربية في 1992 حيث تقرر أن يكون "ضيف شرف" للملتقى، وكان موضع تكريم الملتقى في ديسمبر 1993.
ترجمت بعض قصصه القصيرة إلى اللغات الأجنبية، وترجمت روايته "ترابها زعفران" للإنجليزية والفرنسية والألمانية والأسبانية والإيطالية والسويدية واليونانية، واختارتها الكاتبة الإنجليزية دوريس ليسنج كتاب العام عن 1990.
ترجمت روايته "حجارة بوبيللو" للفرنسية والإيطالية والقطالونية الأسبانية والألمانية والبولندية والإنجليزية في برنامج "ذاكرة البحر الأبيض المتوسط" ترجمت روايته "يا بنات إسكندرية" إلى الإيطالية والإنجليزية والفرنسية. صدرت له مجموعة قصصية بعنوان "رقصة الأشواق" مترجمة للفرنسية عام 1997 .
حصل على عدة جوائزمنها: الدولة التشجيعية للقصة عام 1973 وعلى جائزة الصداقة الفرنسية العربية من فرنسا عام 1991، وعلى جائزة العويس في مجال القصة والرواية عام 1994 / 1995، وعلى جائزة كفافيس للدراسات اليونانية عام 1998، وعلى جائزة نجيب محفوظ للرواية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1999 ، وجائزة الدولة التقديرية للآداب عام 2000.
مع الأديب الكبير وسفيرنا في الأدب ادوار الخراط كان هذا الحوار :
• ما هي حدود شخصية (رامه)، وهل لها وجود حقيقي في حياة ادوار الخراط؟
( رامه) شخصية متخيلة تماما، لكنها ككل الشخصيات الروائية أو المتخيلة تستمد عناصر الواقعية من شخصيات مختلفة ومتعددة، سواء كانت هذه الشخصيات لها أصول في الواقع أو ذات أصول متخيلة.
• هل لحياتك الواقعية حضور في أعمالك الروائية أم لا ؟
طبعا لها حضور، ولكن مجرد إدخال وقائع أو شرائح أو أحداث أو حتى أخيلة مما كان له موضع فيما يسمى الواقع يصبح بذاته نفيا للبعد الواقعي ويدرج الشخصية أو الحدث أو حتى الأخيلة في نطاق السرد الروائي المتخيل الذي لا علاقة له بما يسمى الواقع، خاصة إذا اندرج في بنية سردية روائية مستقلة بذاتها، لها قوانينها الخاصة التي لا شأن لها بما حدث أو لم يحدث فيما يسمى بالواقع.
• هل لتوجهاتك السياسية أثر في أعمالك الروائية ؟
طبعا لها أثرها بلا شك، ولكن المأمول أو المنشود أن يكون هذا الأثر مضمرا خفيا مندرجا في سياق متخيل وأن تنتفي عنه الأبعاد التي تسمى واقعية، لكي يدخل في نطاق عالم مواز آخر هو عالم المتخيل الروائي أو الشعري. إن الذي يعطب الأعمال الفنية هو الأثر المباشر أو الفج أو الناتئ للبعد الأيديولوجي أو حتى البعد الذي يسمى واقعيا لأن العمل الفني له بنيته المستقلة وقوانينه الخاصة.
• المؤثرات الأجنبية في نصوص إدوار الخراط ؟
في هذا المجال تستخدم عبارة الأجنبية بكثير من التجاوز لأن الثقافة الإنسانية في نهاية الأمر واحدة وشاملة مع تنوعها وتعددها، وليس في مجال الفن جمارك أو حرس حدود أو جوازات سفر إنما التأثر والتفاعل متبادل، ويتم بين عناصر الثقافة الإنسانية الشاملة الواحدة كما أشرت.
• ما هو تأثير الشعرية في سردياتك الروائية ؟
كبير، أتصور أن مياه الشعر تسري في أعمالي السردية جميعا بحيث لا يوجد نص سردي قد انتفت فيه النغمة الشعرية سواء كان ذلك من حيث التصوير والأخيلة أو من حيث النغمة الموسيقية أو من حيث البنية الشعرية نفسها، وهذا على الأقل ما آمل أن يكون قد حدث.
• ما هو موقف المسيحية والمسيحيين في نص رواية إدوار الخراط؟
باختصار دال موقف المصريين، فليس عندي نوع من التفرقة الأساسية بين المصريين جميعا أيا كانت عقائدهم أو اتجاهاتهم الفكرية والروحية ، بطبيعة الحال هناك ما يمكن أن نسميه ثقافة فرعية أو إضافية أو هامشية أو ما شئت من مسميات تضاف إلى وتثري الثقافة العربية الإسلامية السائدة، لكن ذلك لا يعني نوعا من الفصل أو التحديد الحاسم، فمن البديهيات المسلم بها أن المصريين جميعا لا يمكن التفرقة بينهم لأول وهلة، وأن العقيدة في النهاية هي أمر شخصي بين الفرد والرب، أو هي ثقافة أخرى وإضافية لعلها تثري وتعمق الثقافة العربية الإسلامية السائدة.
• ما رأيك في مقولة ماهر شفيق: إن ادوار الخراط أعظم من العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ ؟
كل فرد حر في رأيه، وهذا السؤال يوجه إلى من قال ذلك وليس لي.