القاهرة 26 مايو 2015 الساعة 01:31 م
( بتهوفن يعزف للغرباء ) هذا هو عنوان رواية جديدة صدرت للروائية العراقية المغتربة فاتن الجابري تقع الرواية في 112 صفحة من القطع المتوسط وتتضمن تسعة وعشرين فصلا جرت الكثير من فصولها في مدينة بون العاصمة السابقة لجمهورية ألمانيا الاتحادية وهي تحكي عن الغربة وقد جمعة هذه الرواية عناصر عدة كالجمال والفنية والشعرية والترميز ومن العنوان الذي هو مفتاح العمل نجد الجابري تخلق تسأل عند المتلقي الذي ينتهي إليه الخطاب الأدبي فكيف يعزف الموسيقار العالمي بتهوفن للغرباء ومن هم الغرباء انه الترميز الذي تحاول الروائية من خلاله فتح باب التأويل وتجعل المتلقي يحرك ذهنيه للاكتشاف تقول الكاتب في جزء من روايتها
...................................................................
حين يختلط همس لليل الغرباء بوابل الرغبات نغرق في لجة جسدينا ننسلخ من حقيقة الزمان والمكان تسدل الغربة سدولها على ماضي أيامنا علق على جدران الغرفة صورنا الشخصية ولوحاتنا المفضلة وستائر غرفة نومنا وأثاث عرسنا مراننا المدورة ومهد وطفولتنا الخالي يمهدأ زلزال الحب ويعم السكون تغفو على سرير حديدي في غرفة صغيرة الجدران تتجرع ملح الترقب والانتظار في الصباح حمل لنا مشرق الهايم رسالة من المحكمة تحمل لنا كارثة خلف حروف تعلوها نقاط لانفقه منها شيأ لم تقنع المحكمة بطلب لجوئنا كان الرفض قاسيأ أحاط بكل أحلامنا
........................................................................
مقطوعة سردية جميلة ووصف لحالة الغربة أنها أحاسيس وتجربة ذاتية عاشتها الروائية وترجتها لنا على شكل نص روائي فيه لون شعري وهذا التداخل عرفه باختين الذي يقول بتداخل الاجناس الادبي اي انك تجد شعر في الرواية كما في المسرح والقصة وتجد قصة ولغة مسرحية وراية في الشعر والجابري في مقدمة كلامها تتحدث عن لليل الغرباء ووابل الرغبات لتقول ان الغرباء لهم عالم خاص لا ينتمي للعالم الذين هم فيه وتواصل الروائية سردها لتضع بعض الذكريات عن أشياء قديمة وأشياء موجدة معها وهي تتحدث عن ما في الغرفة وخارجها وهذا الأسلوب كان يستخدمه الروائي الفرنسي ايل زولا رائد الواقية الانطباعية لكنه كان يصف بدقة الجابري تعتمد على الاختصار تقول في فصل ثاني
.............................................................................
واستدرت نحو النافذة تنتظر من خلال زجاجها الى حديقة المعسكر ساهما منشغلا بندف الثلج التي راحت تتجمع على زجاج وغطت العشب الأخضر بوفر الثلج كل الأشياء بدت بلون واحد تردد مبستمأ بصوت خافت وكأنك تصغي لصوت الثلج المنهمر إنها البداية ضحكات الأطفال في الخارج أذابت الجليد الذي غمر روحنا احتضنت يدي أحسست بدئفك يغمر قلبي بالسكينة
................................................................................
انطباع داخلي ترجمه الكاتبة وهي تتحدث عن مشهد داخلي وتصف رؤية من خلف الزجاج والثلج المتساقط واكثر ما لفت انتباهي في رواية
( بتهوفن يعزف للغرباء) قلت الحوار وهذا أكثر ما نجده في روايات ما بعد الحداثة التي تعتمد على إلية السرد او الحركة الصامتة الدرامية والتي تجعل المتلقي يدور مع الحدث وقد أكثرت فاتن الجابري في روايتها من السرد الفني كي تجعلها رواية شعرية وكانت الإحداث في سلسلة متصل حتى تجعلك تشعر انك في مسلسل لا يمكن ان تفقد احد حلقاته اي ان الكاتب الذكي هو الذي يجعل عمله تفاعلي ولا يعطي اي فرصة لترك او فراغ قد يضيع متعة العمل ومع ان الحكاية تعبير عن الذات لكن ما يعنينا جمالية المنتج حيث نجد الروائية تختم عملها
.........................................................
أتلمس لي عذرا بفجيعة غدري بك وبحثي عن وطن يحجم سنين غربتي ومنفاي أريد انتفش هواء الذي افسدته القنابل والصواريخ امشي بشوارعها اعانق شواهد حضارته المحترقة نهره المتدفق بالماء احبك واغفر لي لاني تسللت من حياتك كاللصة دون وداع
...............................................................
لم يغب مشهد الحرب عن ذهنية الروائية فيه شهد مجموعة حروب وكما يقال الروائي ناقد عصره او كاتب التاريخ وقد شرحت كاتبتنا ما في داخلها مع فنية سردية فهي تعتذر من النهر الذي تشعر انه يسمع كلامها ويحس بها وله شعور وهذا التصور يعرف بروحية الأشياء التي في عالمنا الخارجي أي ان كل كائن له شعور حتى الجماد و له كيان وأحاسيس داخلي وقد اشتغل على هذه الفكرة كل من فوكو وباشلار خلاصة رواية بتهوفن يعزف للغرباء تعبير عن حالت المغتربين وشعور كل من فقد وطن وقد حاول الروائية فاتن الجابري ان تقول في عملها هذا ما تصنعه الحروب لبنا