القاهرة 20 مايو 2015 الساعة 02:32 م
فى حياته وأعماله كان حسن مصطفى “رحمه الله” دائما ما يراهن على أن وقوفه وراء نجاح “فكرة ما”،أوإكتفائه بتوفير مايحتاجه نجما ما لزيادة بريقه ،هو فى حد ذاته نجاحا شخصيا كافيا بالنسبة له.
ومع رحيله امس ،عن عمر يناهز 81عاما، نستدعى من شريط حياته مواقف وشخصيات كانت لها بصماتها المؤثرة على مشواره.
*حديث الاربعاء
حسن مصطفى الذي ولد في 26 يونيو 1933 فى حي الظاهر بالقاهرة ،بدأ فى الكشف عن مواهبه مبكرا حينما كان تلميذا فى بمدرسة “جاويش” الابتدائية ، حيث فاجأ أساتذته بعشقه اللغة العربية ، وكانوا يختارونه لإلقاء الخطب المدرسية كما ألحقوه بفرقة التمثيل ، ويعود السر فى ذلك حسبما ذكر فى برنامج “صاحبة السعادة” مع الفنانة إسعاد يونس، لكونه تربى على الإستماع مع والده للبرنامج الإذاعى
“حديث الأربعاء” لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، حيث أحب في حديثه البلاغة والاستعارات ومترادفات الكلام. كما كان يستمع لفكري أباظة، الذي اكتسب منه الكثير، ولذلك شعر أساتذة مصطفى بحبه للغة العربية،.
وذات يوم قام الدكتور طه حسين، عندما كان وزيراً للتعليم، بزيارة مدرسة “جاويش” وكان حينها مصطفى تلميذاً صغيراً مكلفاً بإلقاء الخطبة أمام الوزير فألقاها ممزوجة بالترنيم والتنغيم ومكسوة بكل قواعد النحو والصرف والنطق المميز لمخارج الحروف والألفاظ.،وعندما سمعه عميد الأدب العربي، سأل عن اسمه فأجابه”حسن مصطفى إسماعيل عبد الباسط شريف”، فابتسم له طه حسين وسأله “كيف نطقت اللغة العربية بكل هذه البراعة؟ أنت مميز”، ثم أهداه كتابه “الأيام” وكتب له عليه: “إلى الطالب النجيب”. وكان لتلك المقابلة أثر نفسي كبير لدى حسن مصطفى.
**من إدارة المستخدمين إلى خشبة المسرح
عقب تخرجه في المدرسة، عمل حسن مصطفى في وظيفة كاتب بإدارة المستخدمين في إحدى الوزارات براتب بسيط لا يتجاوز 9 جنيهات شهريا، ولكن هذا لم يكن كافيا لإشباع ولعه الفنى ،فكان بعد انتهاء عمله، وبدون علم عائلته يذهب إلى أكاديمية الفنون بعد إلتحاقه في “المعهد العالي للفنون المسرحية”، وفى عامه الثانى بها أنضم بترشيح من المخرج نور الدمرداش إلى فرقة (اسماعيل ياسين) عام 1953، واستمر بها.ليمارس هوايته على خشبة المسرح وعبر حتى قبل تخرجه عام 1957،وبعدها ب3أعوام انضم لفرق التلفزيون المسرحية التى أسسها السيد بدير عام 1960.
وكان إختيار حسن مصطفى الإتجاه الفنى ،على غير ماتمناه له والده الموظف في وزارة الأوقاف، والملتزم دينياً، حيث كان يأمل أن يصبح ابنه ضابطاً في الجيش، وعندما شاهده للمرة الأولى في التلفزيون غضب منه بشدة، وقاطعه لفترة حتى تم الصلح بينهما، و خاض حسن مصطفى تحدي الاعتماد على نفسه منذ الصغر حتى يثبت لوالده أنه اختار الطريق الصحيح، فيما كان الوالد يأمل في أن يرى الابن ضابطا في الجيش في فترة كان الشعب المصري يحترم فيها الضباط بسبب ثورة يوليو وشعارات عبد الناصر.
*الفنانين المتحدين
عشق حسن مصطفى للمسرح شجعه على أن يقترح على صديقه سمير خفاجة إنشاء فرقة مسرحية، تضم نجوم البرنامج الإذاعى الشهير”ساعة لقلبك” ، ولجأ للكاتب يوسف عوف ،فؤاد المهندس، وعبدالمنعم مدبولي ،للمساعدة فى إقناع “خفاجى” ،وبالفعل تأسست فرقة “الفنانين المتحدين” عام 1965، وبدأوا في تحويل رواية “أنا وهو وهي” لفؤاد المهندس إلى عمل مسرحي، شاركت فيه الفنانة شويكار، وتلتها مسرحيات “هالو شلبي” و”حواء الساعة 12? و”أنا فين وإنتي فين” و”سيدتي الجميلة”
*حضرة الناظر
وكان التحول الأكبر فى حياة حسن مصطفى ،حينما قرر الفنان عبد المنعم مدبولى رفض إستكمال دور “الناظر” بمسرحية “مدرسة المشاغبين”، فتحولت مهمته من إنقاذ مؤقت للموقف إلى شريك نجاح،وذلك عقب الإستعانة به للقيام بدور “الناظر” ،بدلا من دور المدرس “الملواني”، الذي أداه بعد ذلك الفنان عبدالله فرغلي ، وبعد تصوير المسرحية زادت نجومية “حسن”،عقب نجاحه فى الإنسجام السريع مع فريق العمل،حتى أن شخصية ولقب “الناظر” ،أصبحوا ماركة مسجلة بأسمه.
*أوراق الورد
قام مصطفى بالمشاركة بمئات الأعمال التلفزيونية، منذ افتتاح التلفزيون المصري عام 1960… و خلال مسيرته الفنية قدم العديد من المسلسلات التليفزيونية في زمن الأبيض والأسود في الستينيات، إلا أن حضوره التلفزيوني الأهم كان في السبعينيات ،عبر مسلسلات (أوراق الورد) مع الفنانة وردة الجزائرية 1979‘ (زينت والعرش) المسلسل المقتبس عن رائعة فتحي غانم الروائية ،والذي ضم أضخم نخبة من نجوم الدراما المصرية في حينه (محمود مرسي، كمال الشناوي، سهير رمزي، هدى سلطان، حسن يوسف، صلاح قابيل، محمود المليجي، ومن إخراج يحيى العلمي، (ليلة القبض على فاطمة) 1982، (أهلاً بالسكان) 1984، (بكيزة وزغول) 1986 و(أنا وأنت وبابا في المشمش) 1989، و(رأفت الهجان) بجزأيه الثاني والثالث (1990 – 1991) والذي تألق فيه بأداء دور الشخصية اليهودية (دان رابينوفيتش) المهووسة بالمال، كما شارك فاتن حمامة تجربتها التلفزيونية الاولى في (ضمير أبلة حكمت) 1991، وصولا إلى مسلسلاته الأخيرة: (إمام الدعاة) عن حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي 2003 و(عباس الأبيض في اليوم الأسود) 2004، و(يتربى بعزو) 2007 (شيخ العرب همام) 2010 وجميع هذه الأعمال من بطولة يحيى الفخراني.
*أضواء المدينة
بقدراته التعبيرية المدهشة ،وسلاسة أدائه ،فضلا عن مهارته فى تكوين “كاركتر ” فنى يميزه ،حتى مع وهو يتنقل بين الاعمال الكوميدية والذات الطابع الدرامى ،أصبح “حسن مصطفى من أهم اعمدة الأدوار الثانية بمختلف فنون الإبداع “مسرح _سينما _إذاعة وتليفزيون “،وظهر ذلك عبر أدواره الكوميدية في أفلام (مطاردة غرامية، العتبة جزاز، الزواج على الطريقة الحديثة، عفريت مراتي، نص ساعة جواز، أضواء المدينة، فيفا زالاطا) ،كان ناجحا فى الكشف عن نفسه كممثل درامى من طراز خااص بأعمال عديدة ،ومنها (يوميات نائب في الأرياف، البوسطجي، الحرام، شيء في صدري، أفواه وأارنب) وصولا إلى أدواره الأخيرة في أفلام عادل إمام، وأبزرها (حسن ومرقص).
*توأم روحه
ومثلما ألهم حسن مصطفى كل من سمير خفاجى بتكوين فرقة الفنانين المتحدين،والمبدع بهجت قمر بكتابة مسرحية “العيال كبرت”،كان رحمه الله أول فنان يقدم فى التسعينات برامج المسابقات ،حيث قدم عبر شاشة التليفزيون برنامجه الشهير “من غير كلام”.
وعلى الصعيد الشخصي، تزوج حسن مصطفى من الفنانة ميمي جمال التي تعرف عليها في فرق الفنون المسرحية عندما كانا يسافران كثيرا لعرض أعمالهم الفنية في محافظات مصر. ورغم انه وقتها كان متزوجا من أخرى ولديه ابنة،إلا أن الحب الذى جمع بينهم ،والذى وصل لدرجة شعور “ميمى” بأن “حسن” هو “توأم روحها”، شجعهما على الزواج ،وبعد زواجهما بأربع سنوات رزقا بتوأم هما نجلا ونورا.